مجموعة متطرفة تتبنى الهجوم على كنيسة مار إلياس في دمشق
مجموعة متطرفة تتبنى الهجوم على كنيسة مار إلياس في دمشق
تبنّت مجموعة متطرفة تُدعى "سرايا أنصار السنّة"، اليوم الثلاثاء، التفجير الانتحاري الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة شرق دمشق، وأسفر عن مقتل 25 شخصًا وإصابة العشرات، معظمهم من المدنيين، في أحد أعنف الهجمات التي تطول أماكن العبادة المسيحية في سوريا منذ بداية النزاع عام 2011.
وذكرت المجموعة في بيان نُشر على تطبيق "تلغرام" أن منفذ العملية يُدعى محمد زين العابدين أبو عثمان، ونفذ الهجوم "ردًا على استفزازات من مسيحيي دمشق" وفق زعمها، في إشارة إلى حادثة سابقة وُثّقت في مارس أمام الكنيسة نفسها، حين اعترض بعض السكان على بث سيارة دعوية أناشيد دينية بصوت مرتفع، وفق وكالة "فرانس برس".
حمّلت وزارة الداخلية السورية تنظيم "داعش" المسؤولية عن الهجوم، معلنةً الأحد أن المنفذ ينتمي إلى خلايا التنظيم، وموضحة أنها اعتقلت عددًا من المتورطين خلال عملية أمنية في ريف دمشق.
لكن تنظيم داعش لم يصدر حتى الآن أي بيان يتبنى الهجوم، ما يثير الشكوك حول الجهة الحقيقية المنفذة، خصوصًا بعد ظهور "سرايا أنصار السنّة"، التي تُعد من الجماعات المتطرفة الجديدة وغير المعروفة على نطاق واسع.
واعتبرت المجموعة المتطرفة في بيانها أن "الادعاءات الرسمية حول انتماء المنفذ إلى داعش غير صحيحة"، متوعدة بمزيد من الهجمات الانتحارية والانغماسية ضد الأقليات في سوريا، وخاصة المسيحيين والعلويين.
تحذيرات من استهداف الأقليات
شهدت كنيسة الصليب المقدس في حي القصاع، الثلاثاء، مراسم تشييع عدد من الضحايا وسط مشاعر حزن وغضب شديدين. وأطلق المشاركون الزغاريد والدموع فيما شقت تسعة نعوش بيضاء طريقها داخل الكنيسة تحت حراسة أمنية مشددة.
ووجّه بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر، رسالة حادة إلى الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، قائلاً: "تعازيكم الهاتفية لا تكفينا. الجريمة التي حصلت هي الأولى من نوعها منذ مجازر 1860، ولا نقبل أن تقع في عهدكم".
وشدد البطريرك على أن استهداف المسيحيين في عهد "الثورة" يُهدد فكرة التعددية التي وُعد بها السوريون، مشيرًا إلى أن حماية الأقليات لم تعد شعارات بل ضرورة ملحّة في ظل تنامي الجماعات المتطرفة.
تصاعد العنف الطائفي
ترافق هذا الهجوم مع تصاعد أعمال العنف الطائفية في مناطق سورية مختلفة، من بينها هجمات أودت بحياة 1700 شخص في الساحل السوري، معظمهم من الطائفة العلوية، إضافة إلى اشتباكات في محيط دمشق مع مسلحين دروز خلفت عشرات القتلى، ما يعكس تصدعًا متزايدًا في النسيج الاجتماعي السوري.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لم تشهد الكنائس في سوريا هجمات انتحارية مباشرة بهذا الشكل من قبل، رغم تعرض بعضها لأضرار أو قصف في سنوات النزاع.
ويعكس التفجير الأخير نقلة نوعية في طبيعة الاستهداف الطائفي، في وقت يشهد فيه الوضع الأمني في البلاد تفلتًا واسعًا وانتشارًا لفصائل مسلحة غير خاضعة للسلطة المركزية.
من هي "سرايا أنصار السنّة"؟
لا يُعرف الكثير عن المجموعة التي تبنّت الهجوم، إلا أن الخبير في الجماعات المتطرفة أيمن التميمي رجّح أن تكون "سرايا أنصار السنّة" فصيلًا منشقا عن هيئة تحرير الشام أو فصائل أخرى، يضم مقاتلين سابقين في تنظيمات كحراس الدين وداعش، وقد يكون مرتبطًا سرًّا بالتنظيم رغم عدم إعلان الولاء الرسمي له.
ويُعتقد أن قيادتها تضم قياديًا سابقًا في هيئة تحرير الشام، إضافة إلى عضو سابق في تنظيم "حراس الدين" الذي أعلن تفكيكه مطلع العام الجاري.
ووفق تحليلات المرصد، فإن الهجوم يُعد محاولة جديدة لجرّ البلاد إلى مواجهات طائفية مباشرة، في وقت تعاني فيه دمشق من هشاشة أمنية وغياب سيطرة كاملة للسلطة الانتقالية.