الخريجون في بريطانيا يواجهون أسوأ سوق عمل منذ 2018 بسبب الذكاء الاصطناعي

الخريجون في بريطانيا يواجهون أسوأ سوق عمل منذ 2018 بسبب الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي - أرشيف

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية، في تقرير حديث، اليوم الأربعاء، عن أن خريجي الجامعات في المملكة المتحدة يواجهون أسوأ سوق عمل منذ عام 2018، وذلك في ظل تباطؤ اقتصادي ملحوظ واعتماد متزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى تراجع كبير في عدد فرص العمل المتاحة للوافدين الجدد إلى سوق العمل.

ونقلت الصحيفة عن بيانات صادرة عن موقع Indeed الشهير للبحث عن الوظائف، أن عدد الوظائف المعلن عنها للخريجين الجدد انخفض بنسبة 33% مقارنة بالعام الماضي، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ سبع سنوات، في وقت يعاني فيه السوق الأوسع من ضغوط ضريبية وهيكلية.

وبحسب التقرير، فإن إجمالي عدد الوظائف المعلنة في منتصف يونيو انخفض بنسبة 5% مقارنة بنهاية مارس، في دلالة على أن سوق العمل البريطاني يمر بمرحلة من التراجع التدريجي، وليس الانهيار المفاجئ، وفقاً لتحليل كبير اقتصاديي Indeed، جاك كينيدي.

الذكاء الاصطناعي والتوظيف

وأرجع التقرير التباطؤ في فرص العمل للخريجين إلى عاملين رئيسيين: تحفظ أصحاب العمل في التوظيف، وتصاعد اعتماد الشركات على الذكاء الاصطناعي كوسيلة لخفض التكاليف وزيادة الكفاءة، وهو ما يهدد على وجه الخصوص الوظائف المبتدئة في المهن المكتبية والمهنية.

وقال كينيدي: "على الرغم من أن سوق العمل البريطاني ظل صامدًا حتى الآن، فإن الوافدين الجدد، خاصة الخريجين، يواجهون صعوبة واضحة في الحصول على فرصتهم الأولى على السلم المهني.. ويبدو أن أصحاب العمل يفضلون الاحتفاظ بموظفيهم الحاليين بدلاً من توظيف كوادر جديدة".

وأكدت الغارديان أن المملكة المتحدة تبدو شذوذاً مقارنةً بالاقتصادات الغربية الأخرى، إذ أنها الوحيدة بين الدول الكبرى التي لا يزال فيها عدد فرص العمل المتاحة أقل مما كان عليه قبل جائحة كوفيد-19، على خلاف الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى حيث بدأ سوق العمل بالتعافي والنمو.

تحذيرات من فقدان الوظائف

وأشارت الصحيفة إلى أن عدداً من الدراسات الدولية أطلقت تحذيرات متكررة من أن الذكاء الاصطناعي قد يُحدث تغييرات جذرية في مستقبل العمل. فقدّر صندوق النقد الدولي أن نحو 60% من الوظائف في الدول المتقدمة – ومنها المملكة المتحدة – معرضة لتأثير مباشر من الذكاء الاصطناعي، وأن نصف هذه الوظائف يمكن أن تتأثر سلباً، سواء عبر الإلغاء أو تقليص الدور البشري.

وفي السياق، حذّرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) من أن الوظائف الإدارية مثل المحاماة، والطب، والهندسة البرمجية، مرشحة لتغييرات عميقة بسبب قدرات الذكاء الاصطناعي على معالجة البيانات واتخاذ القرارات المعقدة.

وعلى الجانب الآخر، أشار معهد توني بلير للتغيير العالمي إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يُولّد وظائف جديدة في المستقبل، بما يتيح تعويض بعض الفاقد في الوظائف التقليدية، بشرط أن تتكيف السياسات التعليمية والتدريبية مع هذا التحول.

تحرك حكومي متأخر

ودعا وزير التكنولوجيا البريطاني، بيتر كايل، العمال والشركات إلى "التحرك الفوري" لفهم الذكاء الاصطناعي وتوظيفه بذكاء، محذرًا من أن التقاعس عن التكيّف مع الواقع التكنولوجي الجديد قد يجعل العديد من الشركات والأفراد خارج دائرة المنافسة العالمية خلال سنوات قليلة.

وقال كايل: "أدرك أن معظم الناس يشعرون بالقلق إزاء الذكاء الاصطناعي، لكن بمجرد أن يبدأوا استخدامه، يتحول القلق إلى حماس... إنها أداة أكثر سهولة وأكثر مكافأة مما يظن كثيرون".

وتثير هذه التطورات قلقاً متزايداً بشأن مستقبل جيل كامل من الخريجين الذين يواجهون واقعًا متغيرًا لا توفر فيه الشهادات الجامعية الأمان المهني الذي كانت توفره سابقاً. 

ويعني هذا أن المهارات التقنية والرقمية والتأقلم مع أدوات الذكاء الاصطناعي باتت تمثل شرطًا جوهريًا لدخول سوق العمل، في ظل تقلّص الفرص التقليدية وتزايد المنافسة.

ويحذر الخبراء من أن استمرار هذا الاتجاه دون تدخل حكومي فعّال في مجالات التعليم والتدريب المهني قد يُفاقم الفجوة الطبقية والاجتماعية في المملكة المتحدة، ويزيد من مشاعر الإحباط لدى الشباب، خصوصًا في مناطق البلاد التي تعاني أصلاً ضعف التنمية وقلة فرص العمل.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية