إيران تبدأ رفع القيود عن الإنترنت بعد 12 يوماً من الحرب مع إسرائيل

إيران تبدأ رفع القيود عن الإنترنت بعد 12 يوماً من الحرب مع إسرائيل
احتفالات في إيران بانتهاء الحرب

أعلنت السلطات الإيرانية، اليوم الأربعاء، عن بدء عملية تدريجية لرفع القيود المفروضة على شبكة الإنترنت، والتي كانت قد شُددت بشكل كبير خلال فترة الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل، وانتهت بهدنة لا تزال صامدة منذ دخولها حيز التنفيذ مساء الثلاثاء.

فرضت إيران سلسلة من القيود الصارمة على الإنترنت منذ 13 يونيو الجاري، مع انطلاق الضربات الجوية الإسرائيلية على منشآت نووية وعسكرية في عمق الأراضي الإيرانية، ورد طهران بهجمات صاروخية وهجمات بالطائرات المسيّرة استهدفت مواقع داخل إسرائيل، وفق وكالة "فرانس برس". 

وترافقت المعارك على الأرض وفي السماء مع حرب إلكترونية شديدة الكثافة، اعتبرها الطرفان جبهة قتال موازية لا تقلّ خطورة عن المواجهة العسكرية.

وفي بيان رسمي صدر عن قيادة الأمن السيبراني في الحرس الثوري الإيراني، أكدت السلطات أن "شبكة الاتصال تعود تدريجياً إلى حالتها السابقة"، مع الإشارة إلى أن إسرائيل كانت قد شنت، بالتزامن مع هجماتها الجوية، حربًا إلكترونية موسعة هدفت إلى شلّ الخدمات الرقمية داخل إيران، واختراق البنية التحتية لشبكات الاتصالات، من أجل التجسس والتأثير على أنظمة الدفاع والسيطرة.

عودة الاتصالات "كما كانت"

قال وزير الاتصالات الإيراني ستّار هاشمي، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام رسمية، إن "الوضع الآن عاد إلى طبيعته بعد الهدوء الميداني، وتتم استعادة خدمات الإنترنت تدريجياً إلى حالتها قبل التصعيد العسكري"، مضيفاً أن "عمليات التقييم الأمني لا تزال مستمرة للتأكد من عدم بقاء ثغرات استخبارية في النظام الشبكي".

وأشار هاشمي إلى أن "الجهات المعنية بالتقنية والاتصالات عملت طوال الأيام الماضية على إحباط المحاولات الخارجية لاختراق الشبكات السيادية الإيرانية، وتمكّنت من صدّ غالبية الهجمات الإلكترونية الإسرائيلية".

ورغم رفع القيود العسكرية المفروضة مؤقتاً، يُذكّر المراقبون بأن الوصول إلى الإنترنت في إيران يخضع منذ سنوات لرقابة صارمة، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي الكبرى مثل فيسبوك ويوتيوب وإنستغرام وتويتر، المحظورة رسمياً، والتي لا يمكن الوصول إليها إلا عبر أدوات تجاوز الحجب مثل الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN).

وتُعرف إيران بامتلاكها واحدة من أكثر أنظمة الرقابة الرقمية تطورًا في المنطقة، حيث تعتمد سياسة "الإنترنت الوطني" و"الفضاء السيبراني الإسلامي" لضبط حركة البيانات، وقد شهدت البلاد في فترات سابقة انقطاعات متكررة للإنترنت خلال الاحتجاجات الشعبية، كان أبرزها في نوفمبر 2019.

واتساب لا يزال محظوراً 

ورغم أن المجلس الأعلى للفضاء السيبراني في إيران كان قد صوّت في ديسمبر الماضي لصالح رفع الحظر المفروض على تطبيق المراسلة العالمي واتساب، فإن التطبيق لا يزال غير متاح بشكل طبيعي، ولا يمكن استخدامه إلا من خلال أدوات الالتفاف على الحظر، مثل VPN، ما يثير شكوكاً حول جدية تنفيذ القرار الحكومي في ظل التوجهات المحافظة للهيئات الأمنية.

وفي السياق، قال ناشطون إيرانيون عبر منصات بديلة إن "الحكومة تماطل في تنفيذ وعودها حول حرية الإنترنت"، معتبرين أن "رفع القيود يقتصر على تخفيف التوتر الدولي بعد الحرب الأخيرة وليس تحولًا في السياسات الداخلية".

في روايتها الرسمية، اعتبرت إيران أن البنية السيبرانية صمدت أمام واحدة من "أوسع الهجمات الرقمية الإسرائيلية" التي هدفت إلى شلّ منظومة القيادة والتحكم الإيرانية، وتعطيل شبكات الكهرباء والمياه والنقل والمال"، لكنها فشلت في تحقيق أهدافها، بحسب ما جاء في تصريحات مسؤولي الحرس الثوري.

وتُعد هذه الحرب السيبرانية واحدة من أبرز معارك الظل التي رافقت التصعيد العسكري بين الجانبين، وامتدت آثارها إلى البنية الرقمية الحيوية لكل من إيران وإسرائيل، ما يعكس تحوّل الحروب الحديثة إلى ميادين معقّدة تشمل المعلومات والبيانات والبنى التحتية الرقمية.

هدنة تحت الاختبار

تأتي هذه التهدئة الرقمية بعد يوم واحد من إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، إثر وساطات مكثفة شملت الولايات المتحدة وقطر وسلطنة عمان، وتمهد الهدنة إلى احتواء تصعيدٍ كاد يشعل حربًا إقليمية شاملة، خاصة بعد استهداف إسرائيل مواقع حساسة في إيران، وردّ الأخيرة بصواريخ دقيقة وطائرات انتحارية بدون طيار.

ولا تزال الهدنة محل ترقّب دولي، حيث تخشى العواصم الكبرى من انهيار الاتفاق في حال وقوع أي اشتباك جديد، أو استمرار العمليات السرية بين الطرفين في مجالات السايبر أو الاغتيالات.

ويمثل إعلان إيران عن رفع تدريجي للقيود على الإنترنت إشارة إلى التهدئة التقنية بعد هدنة عسكرية، لكنّه لا يعني بالضرورة تحولًا استراتيجياً في سياسات الرقابة على الإنترنت. 

ويبقى الملف السيبراني أحد الميادين المفتوحة بين إيران وإسرائيل، حيث لا يحتاج الطرفان إلى صواريخ لتبادل الضربات، بل يكفي كبسة زر.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية