إسرائيل وإيران.. هل الحرب قادمة؟
إسرائيل وإيران.. هل الحرب قادمة؟
بسرعة كبيرة يتعقد الموقف بالنسبة لإيران يومًا بعد يوم. فقد شهدنا في الأيام الأخيرة إعادة تطبيق قرارات مجلس الأمن بشأن العقوبات المتعلقة ببرنامج إيران النووي بمشروع قرار أوروبي كشف مدى تفاقم الوضع الدبلوماسي، وفشل روسيا والصين في تمرير مشروع قرار يسعى إلى تأجيل تلك العقوبات، بعدما أخفقت إيران في الوصول إلى تفاهمات -ولو أولية- مع الترويكا الأوروبية، وسط إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على موقفه المتشدد.. ولكن مشروع القرار المرفوض يكشف أيضًا دعم إيران من قبل حلفائها الأقوياء بالطبع.
العقوبات وإن كانت تتركز بشكل أساسي على أبعاد عسكرية وأمنية أكثر من الجانب الاقتصادي، فإنها لا يمكن أن تُقرأ إلا ضمن جملة من التطورات الأخيرة، منها التصريحات المتفائلة لترامب خلال لقائه مع نتنياهو من حالة التعقيد المتصاعد، حتى مع رهانه على انضمام طهران مستقبلًا إلى "اتفاقيات إبراهيم". فالموقف اليوم بات أكثر خطورة مما كان عليه قبل حرب الاثني عشر يومًا -كما تُسمى في إيران- أو "عملية الأسد الصاعد" كما سمّاها الجيش الإسرائيلي.
مؤشرات التصعيد التي تنذر بحرب قادمة بين الطرفين لا تُحصى، وربما لا يوجد طرف إقليمي يدرك خطورتها بقدر إيران نفسها، إذ أوصى المرشد الأعلى الرئيس والحكومة بالاستعداد لوجستيًا وتخزين المواد الأساسية تحسبًا لحرب قادمة، وجاء ذلك علنًا لا خلف الأبواب المغلقة.
ورغم حديث ترامب عن السلام في المنطقة وتوسيع “اتفاقيت إبراهام”، فإن نتنياهو أعلن أمام وسائل الإعلام معرفته بمكان إخفاء إيران لليورانيوم المخصب، في إشارة مباشرة تحمل دلالات تهديدية: "قد نقصفها في أي وقت". هذه المرة بدت المؤشرات أوضح بكثير من الحرب الماضية التي فاجأت الجميع، ومنهم مسؤولون إيرانيون استُهدفوا بالمسيرات والصواريخ الإسرائيلية حتى في غرف نومهم.
وفي إسرائيل، يتحدث المسؤولون للإعلام المحلي عن تهيئة الأجواء لظروف مناسبة قد تُفضي إلى توجيه ضربة جديدة لإيران، أشد عنفًا من عملية "الأسد الصاعد". فإسرائيل لا تغفل أن إيران تشعر بنشوة الكبرياء بعد وصول صواريخها إلى نقاط بعيدة في العمق الإسرائيلي، وهو ما عدّته تل أبيب تهديدًا لا يمكن تجاهله، خاصة مع توافد طائرات تزويد بالوقود أمريكية إلى الشرق الأوسط.
في المقابل، انسدت آفاق التسوية السياسية تمامًا بين إيران والولايات المتحدة، وحتى بين إيران والدول الأوروبية، رغم التوصل إلى صيغة تعاون بين طهران ووكالة الطاقة الذرية برعاية مصرية في القاهرة. كلا الجانبين يرفض التراجع ولو خطوة واحدة إلى الوراء.
إيران ستعاني داخليًا من آثار الدخول في أي حروب أخرى، فبينما تتصاعد أمامها التحديات وشكوك حتى من الحلفاء السابقين، كمرشدها علي خامنئي، فإن الوضع سيكون أكثر تعقيدًا حال نشوب حرب.
وربما تُسهم التطورات في غزة، والتي تشير إلى قرب التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، في تشجيع نتنياهو على خطوة تصعيدية أخرى باستهداف إيران. فالرجل يدرك أن بقاءه السياسي بات مرهونًا بخلق صراع جديد بعد نهاية حرب غزة.
لقد عانت المنطقة كثيرًا من حرب الاثني عشر يومًا، ودُفعت أثمان باهظة نتيجة صراع طرفين كانا سببًا رئيسيًا في أزمات ممتدة ضربت المنطقة لعقود طويلة.
دول المنطقة بحاجة إلى جهد جماعي حقيقي يدفع الطرفين إلى تجنّب الانزلاق نحو حرب جديدة؛ لأن أمن الإقليم بأكمله سيكون مهددًا، وستكون التداعيات على المستوى الدولي بالغة الخطورة. وبالقطع، ستُعدّ الدول العربية من بين أبرز الخاسرين، خصوصًا تلك التي تضم فصائل مسلحة موالية لإيران، وعلى رأسها العراق واليمن ولبنان. في ظل هذه التعقيدات، يظل السؤال الأهم: هل يمتلك المجتمع الدولي الإرادة الكافية لوقف هذا الانحدار نحو الحرب؟











