زيلينسكي يوقّع اتفاقية مع مجلس أوروبا لإنشاء محكمة خاصة لـ "جريمة العدوان" الروسي
زيلينسكي يوقّع اتفاقية مع مجلس أوروبا لإنشاء محكمة خاصة لـ "جريمة العدوان" الروسي
وقّع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم الأربعاء، اتفاقية مع مجلس أوروبا لإنشاء محكمة خاصة للنظر في ما وصفه بـ"جريمة العدوان الروسي على أوكرانيا"، في خطوة تهدف إلى سد الفراغ القانوني الدولي في محاسبة كبار القادة عن الغزو المستمر منذ عام 2022.
وتم توقيع الاتفاقية خلال لقاء جمع زيلينسكي بمسؤولين في مجلس أوروبا، الذي يعد الجهة الأساسية المولجة تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون في القارة الأوروبية وفق فرانس برس.
خارج صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية
المحكمة الخاصة التي أعلنت كييف وحلفاؤها الغربيون عن عزمهم إنشاءها في 9 مايو الماضي بمدينة لفيف، تمثل تطوراً قانونياً لافتاً، إذ إن "جريمة العدوان"، وفقاً للتعريف القانوني الدولي، لا تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ما يتطلب مسارًا قضائيًا خاصًا ومستقلاً.
ومن الناحية النظرية، تتيح المحكمة الجديدة محاكمة كبار المسؤولين الروس الذين شاركوا في التخطيط أو التنفيذ المباشر للغزو الروسي، بمن فيهم الرئيس فلاديمير بوتين.
مجلس أوروبا
ويضم مجلس أوروبا، الذي يتخذ من مدينة ستراسبورغ الفرنسية مقراً له، 46 دولة عضواً، بينها أوكرانيا. ويعمل المجلس على مراقبة الالتزام بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون في الدول الأوروبية.
وكانت روسيا قد طُردت من المجلس في مارس 2022 بعد أيام من بدء الهجوم على أوكرانيا، وهو ما مهّد الطريق لفتح مسارات قانونية خارج النطاق المعتاد للمؤسسات الدولية التي قد تكون خاضعة لقيود دبلوماسية أو سياسية.
خطوة رمزية وأداة ضغط دولية
يُنظر إلى الاتفاقية على أنها خطوة رمزية وسياسية ذات ثقل قانوني، تهدف إلى زيادة الضغط على موسكو دوليًا، وتوسيع نطاق المساءلة في الجرائم المرتكبة خلال الحرب، خصوصاً أن بعض الجرائم -مثل القصف العشوائي، والتجويع المتعمّد، والتهجير القسري- قد لا تندرج ضمن "العدوان" فحسب، بل في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وتأمل كييف أن يُسهم هذا المسار في سد ثغرات المحاسبة الدولية، وتثبيت مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وخاصة في ما يتعلق بمرتكبي الجرائم على أعلى المستويات السياسية والعسكرية.
"جريمة العدوان"
"جريمة العدوان" تُعرف في القانون الدولي بأنها استخدام دولة للقوة المسلحة ضد سيادة دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي، بما يخالف ميثاق الأمم المتحدة، ورغم إدراجها ضمن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (نظام روما)، فإن ممارسة اختصاص المحكمة عليها تخضع لقيود سياسية وقانونية معقّدة، لا سيما حين يتعلق الأمر بدول غير موقعة على النظام مثل روسيا.
الحرب الروسية الأوكرانية
اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير 2022، عندما شنت روسيا غزواً واسع النطاق على أوكرانيا، في أكبر نزاع عسكري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وجاء الهجوم بعد شهور من التصعيد السياسي والعسكري، حيث طالبت موسكو بضمانات أمنية تحول دون انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
رغم إعلان روسيا أن عمليتها تهدف إلى "نزع السلاح" و"اجتثاث النازية" في أوكرانيا، عدّ الغرب ذلك ذريعة لعدوان غير مبرر، وردّ بفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على موسكو، وتقديم دعم عسكري وإنساني كبير لكييف.
شهدت الحرب جرائم موثقة ضد المدنيين، وحصارات، وتدميراً واسعاً للبنية التحتية، كما أدت إلى تشريد ملايين الأوكرانيين داخلياً وخارجياً، ومع دخول النزاع عامه الرابع، لا تزال العمليات العسكرية مستمرة على عدة جبهات، وسط جمود دبلوماسي وصراع جيوسياسي واسع بين روسيا من جهة، والتحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.