مفوض حقوق الإنسان: أزمة المناخ تُفاقم الظلم العالمي ولا تُعالجه بجدية
أمام الدورة التاسعة والخمسين في جنيف
دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات عاجلة وجادة لمواجهة فوضى المناخ، مؤكدًا أن العالم لا يبذل ما يكفي من الجهد لحماية حقوق الناس في ظل الأزمة المناخية المتصاعدة.
وقال تورك في حلقة نقاشية أمام الدورة التاسعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، إن "أزمة المناخ هي أزمة لحقوق الإنسان"، مشيرًا إلى الحاجة الملحّة لـ"خارطة طريق" تعيد التفكير في المجتمعات والاقتصادات والسياسات بشكل عادل ومستدام وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وأضاف فولكر تورك أن معايير حقوق الإنسان تمثل بوصلتنا الأخلاقية في الانتقال العادل إلى مصادر الطاقة المتجددة، محذرًا من أن التحول إن لم يُدار بشكل منصف، فإنه سيؤدي إلى تكرار الظلم وتعميق عدم المساواة.
تحذير من اختفاء 80 مليون وظيفة
من جانبه، قال مصطفى كمال غاي، المسؤول في منظمة العمل الدولية، إن التغير المناخي يهدد جوهريًا الحق في العمل اللائق، محذرًا من أن استمرار السياسات المناخية الحالية قد يؤدي إلى فقدان 80 مليون وظيفة بدوام كامل بحلول عام 2030.
وأشار إلى أن نحو 2.4 مليار عامل -أي 70% من القوى العاملة العالمية- سيتعرضون لمستويات حرارة مفرطة في مواقع عملهم، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لسلامتهم وسبل عيشهم.
لكن غاي أشار إلى جانب أكثر تفاؤلًا، قائلاً إن التحول إلى اقتصادات منخفضة الكربون يمكن أن يخلق أكثر من 100 مليون وظيفة جديدة، داعيًا الدول إلى وضع شبكات أمان اجتماعي وتخطيط شامل لضمان عدم تخلف أحد عن هذا التحول.
اعتماد على الوقود الأحفوري
وقدّمت إليسا مورغيرا، المقررة الخاصة المعنية بتغير المناخ وحقوق الإنسان، تقريرًا جديدًا يدعو إلى "نزع الوقود الأحفوري" تدريجيًا من الاقتصادات، باعتباره الوسيلة الأكثر فعالية لحماية الناس والكوكب.
وحذّرت من أن الوقود الأحفوري أصبح متجذرًا في حياتنا اليومية وأنظمتنا الغذائية وحتى أجسامنا، دون إدراك أو خيار واعٍ منا، مؤكدة أن مصلحة الشركات العاملة في هذا المجال قد شوّهت المعرفة العامة بشأن المخاطر الحقيقية.
وأكد المشاركون في الجلسة أن قضية المناخ ليست مجرد مسألة مؤشرات وأهداف رقمية، بل هي قصة إنسانية في جوهرها، تتعلق بالكرامة والعدالة والحق في الحياة والعمل والصحة والتعليم والمشاركة.
ودعا تورك الدول والشركات إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية لضمان ألا يُترك أحد خلف الركب في السباق نحو الطاقة النظيفة.
أزمة تغير المناخ
تُعد أزمة تغير المناخ من أخطر التحديات التي تواجه البشرية في القرن الحادي والعشرين، إذ تتسبب في ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وتفاقم الظواهر المناخية المتطرفة كالجفاف والفيضانات وحرائق الغابات، ما يؤدي إلى تهجير ملايين الأشخاص، وتدمير سبل العيش، وتهديد الأمن الغذائي والصحي.
وقد حذّرت تقارير أممية متكررة من أن الاستمرار في الاعتماد على الوقود الأحفوري سيُفضي إلى تفاقم الفقر، واتساع الفجوة بين الدول، وتهديد الحقوق الأساسية للبشر، خاصة في الدول النامية.
وتسعى اتفاقية باريس للمناخ، التي وُقعت عام 2015، إلى الحد من الاحترار العالمي لأقل من درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، إلا أن الالتزامات الحالية للدول ما تزال غير كافية لتحقيق هذا الهدف.