فولكر تورك: خلل تمويل التنمية يهدد حقوق الإنسان

خلال الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان

فولكر تورك: خلل تمويل التنمية يهدد حقوق الإنسان
مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك

في ظل الأزمات المالية العالمية، وتفاقم التحديات الاقتصادية والمناخية، دق مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان ناقوس الخطر بشأن التأثيرات السلبية لخلل تمويل التنمية على حقوق الإنسان، داعيًا إلى تبني إطار عالمي عادل وملزم يعزز التعاون الدولي في هذا المجال.

وأشار المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، في تقريره حول تعزيز التعاون الدولي في مجال حقوق الإنسان، المقدم لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الـ59، التي تتواصل حتى 9 يوليو المقبل، واطلع «جسور بوست» على نسخة منه، إلى أن نقص تمويل التنمية المستدامة بات يهدد المكاسب الحقوقية، خصوصًا في الدول النامية، ويعوق الوفاء بالالتزامات الدولية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وفق التقرير، يعاني العالم من فجوة تمويلية ضخمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، قدرت بـ2.5 إلى 4 تريليونات دولار سنويًا، تتفاقم مع تراجع الناتج المحلي في عدد من الدول. وأوضح أن نصف سكان العالم تقريبًا يواجهون ظروفًا اقتصادية واجتماعية تهدد حقوقهم الأساسية، مثل التعليم والصحة والغذاء والسكن.

وأشار التقرير إلى أن الأنظمة المالية الدولية الراهنة تُسهم في مفاقمة التفاوتات، حيث تعتمد على نماذج ضريبية غير عادلة، وأطر ديون غير منصفة، ما يجعل الدول النامية مثقلة بالأعباء وغير قادرة على توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية لشعوبها.

ودعا المفوض السامي إلى إصلاحات هيكلية عاجلة في بنية الديون الدولية، وإرساء قواعد ضريبية عالمية عادلة تضمن مشاركة منصفة في الموارد، والحد من التجاوزات المالية والتهرب الضريبي العابر للحدود.

وأبرز التقرير أهمية إدماج حقوق الإنسان بشكل صريح في أنظمة تمويل التنمية، لا سيما في ظل تفاقم التغير المناخي، وغياب الحماية الاجتماعية عن الفئات الهشة. وأكد على ضرورة توجيه التمويل نحو مجالات تحقق العدالة البيئية والاجتماعية، بما في ذلك الحماية من الكوارث المناخية، ودعم الشعوب الأصلية والمجتمعات الريفية.

كما شدد على وجوب أن تراعي ميزانيات الدول الأولويات الحقوقية في الإنفاق، داعيًا إلى مراجعة السياسات العامة من منظور حقوق الإنسان، بما يعزز الشفافية والمساءلة.

ولفت التقرير إلى أن تقويض دور منظمات المجتمع المدني، عبر القوانين التقييدية والممارسات القمعية، يضعف قدرة المجتمعات على المراقبة والمساءلة، ويقوض الشفافية في عمليات التمويل والإنفاق، ما يهدد فعالية خطط التنمية.

وحث المفوض السامي على ضمان الحماية القانونية الكاملة للمجتمع المدني، وتسهيل وصوله إلى التمويل، واعتباره شريكاً أساسياً في صياغة السياسات العامة.

وتطرق التقرير إلى الأدوار المنتظرة من مؤتمر تمويل التنمية المرتقب، داعياً إلى أن يكون منصة لتجديد الالتزامات الدولية تجاه حقوق الإنسان، وتقديم حلول ملموسة لأزمة التمويل، خاصة في مجالات مثل الصحة والتعليم، وتمكين المرأة، والعمل المناخي، والحماية الاجتماعية.

وأكد أن أي تقدم في مجال التنمية لا يمكن فصله عن احترام الحقوق المدنية والسياسية، ومشاركة المجتمعات المحلية في صنع القرار.

ورغم التحديات، أشاد التقرير بعدد من المبادرات التي أطلقتها بعض الدول والمؤسسات لتعزيز التمويل العادل، مثل آليات تسوية الديون، وبرامج الإصلاح الضريبي، وتحالفات التمويل الأخضر. غير أنه شدد على أن هذه الجهود لا تزال مجزأة وغير كافية، ما يستدعي تعزيز التنسيق الدولي.

وأوصى المفوض السامي في تقريره، ببدء إصلاح شامل في النظام المالي الدولي يضع حقوق الإنسان في صميم التمويل. ودعم الدول النامية في هيكلة ديونها وتوسيع قدرتها على الإنفاق الاجتماعي. وضمان العدالة الضريبية العالمية ومعالجة التهرب الضريبي. وإشراك المجتمع المدني في سياسات التمويل والمساءلة العامة. وتوجيه التمويل نحو القطاعات ذات التأثير المباشر على الحقوق الأساسية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية