"واشنطن بوست": كاليفورنيا تُقايض حماية البيئة بحق السكن في مواجهة أزمة التشرد
"واشنطن بوست": كاليفورنيا تُقايض حماية البيئة بحق السكن في مواجهة أزمة التشرد
أقر مشرعو ولاية كاليفورنيا سلسلة من التعديلات الجذرية على قانون جودة البيئة في كاليفورنيا (CEQA)، في محاولة لتحفيز تطوير مشروعات الإسكان داخل المناطق الحضرية.
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، الأربعاء، أن حاكم الولاية، جافين نيوسوم، المنتمي للحزب الديمقراطي، وقّع على التغييرات التي تُعد الأكبر منذ سنّ القانون قبل 55 عامًا.
وألغى الإصلاح الجديد متطلبات التقييم البيئي المفروضة على مشاريع الإسكان الإضافي، أي تلك المقامة داخل أو قرب مناطق مطوّرة بالفعل، وأعفى مشاريع تصنيع التكنولوجيا المتقدمة، وبنوك الطعام، وعيادات الرعاية الصحية، ومراكز رعاية الأطفال من الخضوع للمراجعة البيئية.
تعطيلات بسبب القانون
أشاد المحامي المتخصص في استخدام الأراضي بمدينة لوس أنجلوس، ديف راند، بهذه الخطوة، قائلاً إنه تلقى سيلًا من الاتصالات من عملاء كانوا يواجهون تعطيلات بسبب القانون، موضحاً: "لقد أمضيت 20 عامًا أتعامل مع CEQA كحاجز رئيسي، وفي يومٍ واحد انهار هذا الحاجز".
لكن مدير السياسات في رابطة التخطيط والمحافظة على البيئة، ماثيو بيكر، أعرب عن خيبة أمله العميقة، مؤكدًا أن القانون كان أداة رئيسية تتيح للمجتمعات المحلية إبداء رأيها بشأن مشاريع التطوير التي تؤثر في محيطها، وانتقد الآلية التي مُررت بها الإصلاحات دون مشاورات موسعة.
وأشار أستاذ قانون البيئة واستخدام الأراضي في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، إريك بيبر، إلى أن الإصلاح يُعد خطوة إيجابية في العموم، لكنه حذّر من أن بعض أحكام القانون الجديد لا توفر الحماية الكافية لموائل الأنواع المهددة بالانقراض.
أبعاد قانونية وسياسية
أوضح أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا، ديفيس، كريستوفر إلمندورف، أن قانون CEQA صُمم أساسًا لإجبار الحكومات على دراسة الآثار البيئية للمشاريع والإفصاح عنها، لكنه تحوّل مع الزمن، على حد تعبيره، إلى عقبة مستعصية بفعل كثافة الدعاوى القضائية التي رفعتها جماعات مالكي المنازل والنقابات العمالية.
واستشهد إلمندورف بحالات مثل استخدام القانون لتأخير مشروع مسارات الدراجات في سان فرانسيسكو لمدة أربع سنوات، أو منع توسيع دار حضانة في نابا، ووصف المحامي راند ذلك التحول بأنه "كارثة حقيقية" استمرت نصف قرن.
وعبّر مدير مركز قانون تغير المناخ في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا، مايكل جيرارد، عن ترحيبه الحذر بالإصلاح، معتبرًا أن الوضع السابق لم يكن قابلاً للاستمرار في ظل أزمة السكن المتفاقمة.
تعديلات تدريجية على القانون
وفي حين فضّلت الهيئات التشريعية سابقًا تعديلات تدريجية على القانون، مثل استثناء مشاريع خاصة بجامعة بيركلي أو مباني حكومية، شكّلت التغييرات الأخيرة تحوّلًا نوعيًا في المنهج التشريعي.
رأى خبير التخطيط الحضري وعمدة فينتورا السابق، ويليام فولتون، أن التعديلات الأخيرة تندرج ضمن ما أسماه "نهج الجبن السويسري"، أي إدخال استثناءات تدريجية دون مسّ شامل لبنية القانون.
وتوقّع فولتون أن تبرز آثار التغييرات بوضوح في مناطق مثل خليج سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس، حيث يزداد الطلب على الإسكان.
لكن فولتون حذّر من أن عوامل أخرى، مثل أسعار الفائدة المرتفعة وتكاليف العمالة ونقص الأيدي العاملة، قد تعوق تحقيق طفرة إسكانية فعلية رغم التعديلات التشريعية، كما أشار إلى احتمال ارتفاع أسعار مواد البناء بفعل رسوم جمركية فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب.
مقاربة عملية لحل الأزمة
عدّ مؤيدو الإصلاح التعديلات خطوة ضرورية، لكنها غير كافية وحدها لحل أزمة الإسكان، وقالت عضوة جمعية الولاية، بافي ويكس، التي قدمت مشروع القانون في مارس، إن الإصلاح أزال "أكبر جرحٍ ذاتي تسببنا به لأنفسنا".
ورأى الحاكم نيوسوم أن الإصلاح يُمثّل إنجازًا سياسيًا كبيرًا، في وقتٍ عززت فيه مواقفه المعارضة لإدارة ترامب من حضوره داخل الحزب الديمقراطي، ورفعته كمرشح محتمل لانتخابات 2028.
وشدد نيوسوم في مؤتمر صحفي عقده، الاثنين، على إلحاح الإصلاح، وقال: "الأمر كان عاجلًا ومهمًا للغاية إلى درجة أنه لم يكن ممكنًا السماح بتكرار المماطلة التي شهدناها خلال جيلٍ مضى".
وأعرب سيناتور الولاية سكوت وينر، الذي ساعد على رعاية التعديلات، عن أمله في أن تنعكس الفوائد المرجوة على المدى الطويل، رغم أن النتائج لن تظهر بين ليلةٍ وضحاها.