"أطباء بلا حدود" تحذر من عنف عرقي في دارفور مع تصاعد المعارك

"أطباء بلا حدود" تحذر من عنف عرقي في دارفور مع تصاعد المعارك
نازحون سودانيون - أرشيف

حذّرت منظمة أطباء بلا حدود، اليوم الخميس، من تصاعد "الفظائع الجماعية" و"أعمال عنف ذات طابع عرقي" في إقليم دارفور غرب السودان، في ظل احتدام القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما يهدد بكارثة إنسانية متجددة في منطقة شهدت مآسي إبادة جماعية في العقود الماضية.

وأوردت المنظمة الدولية في تقرير جديد مبني على 80 مقابلة ميدانية أجرتها مع نازحين ومرضى بين مايو 2024 ومايو 2025، أن الانتهاكات الحاصلة تتخذ طابعًا ممنهجًا، وتشمل القتل الجماعي، والنهب، والعنف الجنسي، والتجويع، والاختطاف، في ظل انقطاع شبه تام للإمدادات الطبية والغذائية.

وأكد ميشال أوليفييه لاشاريت، مسؤول الطوارئ في المنظمة، أن سكان دارفور "لا يُحاصرون فقط وسط قتال عشوائي، بل يُستهدفون على أساس انتمائهم العرقي، خاصة من قبل قوات الدعم السريع وحلفائها".

"الفاشر" بمرمى التطهير العرقي

وخص التقرير مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بالتحذير الشديد، موضحًا أن قوات الدعم السريع تحاصر المدينة منذ مايو 2024 وتخطط لهجوم شامل لطرد الجيش من آخر معاقله في الإقليم.

وأشارت الشهادات إلى تهديدات مباشرة من عناصر الدعم السريع بـ"تطهير الفاشر من الجماعات غير العربية"، في تكرار لما حدث عام 2023 ضد قبيلة المساليت في ولاية غرب دارفور، حين وُثّقت مذابح وعمليات إبادة جماعية.

وقالت ماتيلد سيمون، مستشارة الشؤون الإنسانية في أطباء بلا حدود، إن المنظمة "تخشى تكرار نفس السيناريو الدموي ضد قبيلة الزغاوة"، التي تشكل جزءًا كبيرًا من التركيبة السكانية في الفاشر، مضيفة أن الهجمات الحالية تشير إلى تصعيد خطير في العنف العرقي المنظم.

تعليق الخدمات الإنسانية

اضطرت المنظمة إلى تعليق عملياتها في الفاشر وفي مخيم زمزم للنازحين القريب، بسبب الهجمات المتكررة، في وقت يعيش فيه أكثر من مليون شخص في شمال دارفور على حافة المجاعة، وفق بيانات الأمم المتحدة.

كما أفاد التقرير بأن مرافق صحية تعرضت للاستهداف المباشر، وسط تفشي المجاعة وتفاقم الأوضاع الإنسانية، خاصة في مخيمات النزوح، حيث أُعلن رسميًا عن حالات مجاعة في مناطق عدة داخل المخيمات.

ومن جهته، دعا أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى وقف إطلاق نار تفاوضي يسمح بإيصال المساعدات إلى الفاشر وسائر المناطق المحاصرة، مؤكدًا أن استمرار القتال يهدد بمجزرة وشيكة في ظل غياب آليات حماية دولية فعالة.

وتقول الأمم المتحدة إن الحرب في السودان أودت بحياة عشرات الآلاف منذ اندلاعها في أبريل 2023، وتسببت في أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم، حيث شُرد أكثر من 13 مليون شخص داخليًا وخارجيًا.

تقسيم ميداني معقد

مع دخول الحرب عامها الثالث، يُسيطر الجيش السوداني على مناطق واسعة في وسط وشرق وشمال البلاد، فيما تُحكم قوات الدعم السريع قبضتها على معظم إقليم دارفور وجزء من الجنوب، في ظل غياب أي تسوية سياسية فعلية.

وتبقى ردود الفعل الدولية محدودة رغم تقارير موثقة عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وكانت الولايات المتحدة قد اتهمت رسميًا قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية في دارفور، دون أن يترتب على ذلك تحرك دولي حاسم.

وتختم منظمة أطباء بلا حدود تقريرها بالتحذير من أن الوضع في دارفور – وتحديدًا في الفاشر – "يسير نحو مجزرة معلنة، ما لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لحماية المدنيين وإيصال المساعدات ووقف دوامة العنف العرقي".

ويبقى ملايين المدنيين عالقين وسط معركة بلا نهاية، محرومين من الطعام والدواء والأمان، في إقليم شهد في الماضي مذابح لا تزال آثارها ماثلة في الذاكرة الإنسانية، واليوم، يبدو أن دارفور تقف مرة أخرى على حافة الهاوية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية