في "حوار غليون" بجنيف.. المغرب يُقدَّم كنموذج دولي لتفعيل المساواة بين الجنسين
على هامش الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة
أشاد المشاركون في النسخة الحادية عشرة من "حوار غليون" لحقوق الإنسان، المنعقد بجنيف، بالدور الريادي الذي يضطلع به المغرب على الساحة الدولية في مجال تعزيز حقوق النساء، وذلك خلال فعالية نُظمت برعاية مشتركة بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، على هامش الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وفق تقرير بثته وكالة المغرب العربي للأنباء، الجمعة، شكلت هذه النسخة مناسبة لمناقشة التقدم المحرز في تفعيل التوصيات المنبثقة عن "منصة عمل بكين"، بعد مرور 30 سنة على انعقاد المؤتمر العالمي التاريخي، حيث تم ربط هذه الالتزامات بمختلف الآليات الأممية المعنية بحقوق الإنسان، مثل هيئات المعاهدات والإجراءات الخاصة، إلى جانب أنشطة هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
المغرب.. مسار إصلاحي طويل ومستمر
أكد المغرب، من خلال مشاركته الفعالة، التزامه الراسخ بمسار إصلاحي مستدام بدأ منذ مؤتمر بكين، وشمل إدراج مبدأ المناصفة والمساواة في الدستور، وإصلاح مدونة الأسرة في 2004، مع استمرار الإصلاحات القانونية التي ما تزال قيد الدراسة والتنفيذ.
صرّح محمد الحبيب بلكوش، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، بأن "جميع هذه الخطوات تعكس إرادة سياسية قوية لمواصلة التزام المغرب بتعزيز حقوق النساء". وأبرز أن المملكة تعمل ضمن دينامية تهدف إلى تقوية قدرات المؤسسات الوطنية لتتبع التوصيات الدولية، من خلال إدماج قضايا النساء والفتيات والأطفال في صلب الأجندة العالمية.
شدد بلكوش على أهمية وجود آليات تتبع فعالة، مذكّرا بإحداث المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، التي تمثل حلقة الوصل بين التزامات المغرب الدولية وواقعه المحلي، وتسهم في التنسيق بين الوزارات والمجتمع المدني والمؤسسات الوطنية، لتكييف القانون الدولي مع التشريعات الداخلية وتنزيله على أرض الواقع.
إشادة أممية بمبادرات مغربية رائدة
من جانبها، أثنت أدريانا كينونيس، رئيسة قسم حقوق الإنسان وعدم التمييز بهيئة الأمم المتحدة للمرأة، على مساهمة المغرب، خاصة من خلال التعاون مع مكتب الهيئة بالمملكة. وأشادت بمبادرة السفير عمر زنيبر، الرئيس السابق لمجلس حقوق الإنسان، الذي أطلق لجنة استشارية معنية بالمساواة بين الجنسين، والتي تواصل عملها حالياً برئاسة سويسرا.
وفي نفس السياق، أكدت نهلة حيدر، رئيسة اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، أن تشكيل المغرب لوفد متخصص يتابع كافة التوصيات الأممية يبرز جدية المملكة في تنفيذ التزاماتها، معتبرة أن هذا النهج عزز التعاون بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، وأسهم في نقل القانون الدولي إلى التشريع الوطني، بل وتفعيله محلياً.
غياب الأثر عن الأرض يُفرغ الإصلاحات من مضمونها
قالت نهلة حيدر: "أي إجراء لا يُترجَم إلى أثر إيجابي في حياة الناس، يظل بلا معنى"، مضيفة أن غياب آلية تتبع فعالة يعرقل اكتشاف الثغرات، سواء تعلق الأمر بقصور تشريعي أو نقص في الموارد اللازمة.
دور استراتيجي للمغرب في مجلس حقوق الإنسان
اختتم حوار "غليون"، الذي أصبح منبراً سنوياً للتفكير الاستراتيجي في مستقبل مجلس حقوق الإنسان، بالإشادة بالدور البنّاء والمهيكل الذي يلعبه المغرب في المناقشات العالمية المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، حيث أكدت المداخلات التزام المملكة على المستوى السياسي والمؤسسي والعملي، ما جعلها في صدارة الدول الساعية لتمكين المرأة وضمان حقوقها.
حوار غليون هو لقاء سنوي غير رسمي يُعقد على هامش دورات مجلس حقوق الإنسان في جنيف، ويهدف إلى إتاحة مجال للحوار المعمق بين الدول والمنظمات الدولية والمجتمع المدني حول قضايا حقوق الإنسان. وتحظى هذه المبادرة بدعم واسع من الأمم المتحدة، وتمثل فرصة لصياغة رؤى استراتيجية تتعلق بآليات تطوير منظومة حقوق الإنسان العالمية. وقد شكلت دورة هذا العام فرصة لإعادة تقييم التقدم في قضايا المرأة منذ مؤتمر بكين سنة 1995، حيث لعب المغرب دوراً محورياً في هذا النقاش العالمي.