بتوسيع الرعاية المنزلية.. الصين تعزز خدمات المساعدة الغذائية لكبار السن
بتوسيع الرعاية المنزلية.. الصين تعزز خدمات المساعدة الغذائية لكبار السن
في خطوة تهدف إلى دعم الشيخوخة النشطة وتعزيز نظام الرعاية الاجتماعية، خصصت وزارة المالية المركزية في الصين مبلغ 300 مليون يوان صيني (نحو 41.6 مليون دولار أمريكي) للاستثمار في خدمات المساعدة في الوجبات لكبار السن خلال عام 2025، في إطار استراتيجية وطنية شاملة لتحسين جودة الحياة للمسنين وتعزيز التنمية المستدامة في هذا القطاع الحيوي.
وأعلنت وزارة الشؤون المدنية، اليوم الثلاثاء، أن هذا التمويل يأتي ضمن التوجيه المالي الخاص لتحسين خدمات الطعام للمسنين، وذلك في وقت تتسارع فيه وتيرة شيخوخة السكان في البلاد، ما يفرض تحديات متعددة على نظام الرعاية الاجتماعية والصحية، وفق وكالة "شينخوا" الصينية.
وأوضحت الوزارة أن شبكة خدمات الوجبات الخاصة بكبار السن ستواصل توسّعها وتحسّنها في جميع المقاطعات الصينية خلال عام 2025، مشيرة إلى أن الدعم المالي سيُخصص لبناء مراكز وجبات مجتمعية، وتحديث مرافق الطهي، وتوظيف مزيد من العاملين المختصين في تقديم الغذاء الصحي والمتوازن لكبار السن، خاصة أولئك الذين يعيشون بمفردهم أو في مناطق نائية.
ويعد هذا التوسع جزءاً من أهداف "الخطة الخمسية الرابعة عشرة" (2021-2025)، التي تركز على تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفاً، وفي مقدمتهم كبار السن، من خلال تدخلات متعددة تشمل الغذاء، والرعاية الصحية، والإسكان، والتقنيات الذكية.
رعاية منزلية وتعديلات بيئية
بحسب بيان وزارة الشؤون المدنية، فقد تم منذ بدء تنفيذ الخطة الخمسية الحالية، بناء 441 ألف سرير مخصص للرعاية المنزلية، في مختلف أنحاء البلاد، وتوفير خدمات رعاية منزلية لما يقارب 798 ألف مسنّ، معظمهم من ذوي الإعاقة أو الذين يعانون صعوبات حركية.
بالإضافة إلى تنفيذ تعديلات منزلية تلائم المسنين في أكثر من 2.08 مليون منزل، لمساعدة كبار السن الذين يواجهون صعوبات خاصة على التمتع ببيئة معيشية أكثر أمانًا واستقلالية، ودعم 840 ألف أسرة لشراء منتجات منزلية خاصة بكبار السن، تشمل أدوات مساعدة على الحركة، وتجهيزات الحمام، وأنظمة استشعار ذكية.
وتشير هذه الإنجازات إلى التزام الحكومة الصينية بتعزيز نظام الرعاية المنزلية، باعتباره إحدى الركائز الأساسية للسياسات العامة الخاصة بالشيخوخة.
مقدم خدمة الرعاية للمسنين
في خطوة لهيكلة قطاع الرعاية، أعلنت وزارة الشؤون المدنية بالاشتراك مع وزارة الموارد البشرية والضمان الاجتماعي عن إدراج "مقدم خدمة الرعاية لكبار السن" كمهنة رسمية جديدة، ضمن التصنيف الوطني للمهن.
ويُتوقع أن يسهم هذا القرار في تحسين أوضاع العاملين في هذا القطاع من حيث الأجور والتأمينات والتدريب المهني، إلى جانب رفع كفاءة الخدمات المقدمة وتحقيق قدر أكبر من الاحترافية في رعاية المسنين.
وأكدت الوزارة أنه تم تجميع دليل إرشادي وطني للمنتجات والخدمات الذكية المخصصة لكبار السن، بالتعاون مع عدد من الإدارات والوزارات المعنية، بهدف تنظيم السوق وتوفير خيارات مضمونة وآمنة.
ويشمل هذا الدليل 216 ألف منتج، تتنوع بين الأجهزة الطبية، وأنظمة الإنذار الذكية، والتقنيات التفاعلية للمساعدة في الرعاية اليومية، ما يعكس النمو المتسارع لسوق "الاقتصاد الفضي" في الصين.
سياق ديموغرافي ملحّ
تعاني الصين من واحدة من أسرع معدلات الشيخوخة في العالم؛ فبحسب آخر الإحصاءات، يتجاوز عدد من هم فوق 60 عاماً في البلاد 280 مليون شخص، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 400 مليون بحلول عام 2035، وهو ما يشكّل تحدياً كبيراً أمام نظم الضمان الصحي والاجتماعي والإسكان.
وقد أدت هذه التحولات إلى تغيير الأولويات الوطنية في مجال التنمية الاجتماعية، حيث تسعى الصين إلى بناء نظام متعدد المستويات للرعاية، يجمع بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بهدف توفير بيئة داعمة للمسنين.
يتكامل الدعم المالي لخدمات الوجبات مع توجهات الصين لبناء نموذج رعاية متكامل وشامل لكبار السن، يستند إلى ثلاثة محاور رئيسية، هي:
تعزيز الرعاية المنزلية المجتمعية كخيار أول وأساسي.
استخدام التقنيات الذكية في تحسين جودة الخدمات، خصوصًا في مجالات التغذية، والأمان، والرعاية الصحية.
تمكين العاملين في قطاع رعاية المسنين، وضمان حصولهم على تدريب وأجور عادلة.
وتُعد هذه الخطوات بمنزلة تحول نوعي في السياسات الصينية تجاه الشيخوخة، وتضع البلاد في طليعة الدول الآسيوية التي تسعى لبناء نظام رعاية صحية واجتماعية أكثر شمولاً واستدامة.