تصعيد تجاري.. الأزمة الجمركية تهدد الشراكة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي

تصعيد تجاري.. الأزمة الجمركية تهدد الشراكة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي - أرشيف

أطلقت تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على صادرات الاتحاد الأوروبي والمكسيك بدءًا من الأول من أغسطس المقبل شرارة أزمة تجارية جديدة بين واشنطن وشركائها الأوروبيين.

وأعلن ترامب عبر منصته "تروث سوشال" عزمه فرض تعريفات جمركية مرتفعة، مبررًا خطوته بـ"الاختلال الكبير في الميزان التجاري" مع الاتحاد الأوروبي، ودور المكسيك في تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأحد. 

وأكد الرئيس الأمريكي، أن القرار سيدخل حيّز التنفيذ في بداية الشهر المقبل، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري جديد.

وجاءت هذه التصريحات عقب سلسلة خطوات سابقة اتخذتها الإدارة الأمريكية طالت واردات الصلب والألمنيوم والمنتجات التكنولوجية الأوروبية، والتي فُرضت عليها تعريفات وصلت إلى 25%، قبل أن تعلّق مؤقتًا بانتظار التفاوض على اتفاق تجاري جديد.

انتقادات أوروبية وتحرك عاجل

ردّت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين سريعًا، معتبرة أن "فرض رسوم بنسبة 30% على صادرات الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد على حساب الشركات والمستهلكين والمرضى على ضفتَي الأطلسي"، بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز". 

وأضافت أن المفوضية "لا تزال منفتحة على التفاوض"، لكنها في الوقت نفسه "ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية المصالح الأوروبية، بما في ذلك الرد بإجراءات مضادة متكافئة".

ودعت بروكسل إلى اجتماع طارئ لسفراء الدول الأعضاء لمناقشة تداعيات القرار، في حين باشرت دول صناعية مثل ألمانيا وفرنسا تحركات دبلوماسية لتفادي اندلاع حرب تجارية شاملة.

دعوات لاحتواء التصعيد

عبر قطاع الصناعة الألماني عن "قلق بالغ"، واصفًا إعلان ترامب بأنه "جرس إنذار حقيقي"، محذرًا من أن "نزاعًا تجاريًا واسع النطاق سيقوّض الانتعاش الاقتصادي بعد سنوات من الركود، ويضعف الثقة في التعاون الدولي"، كما جاء في بيان اتحاد الصناعيين الألمان.

وتضررت ألمانيا تحديدًا من سياسات الرسوم الأمريكية، كون اقتصادها يعتمد بشكل كبير على التصدير، ولا سيما في مجالات السيارات والدواء والصلب، بحسب وكالة "الأسوشيتد برس". 

ودعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس أخيرًا إلى التوصل لاتفاق تجاري "بسيط وسريع" مع واشنطن لتفادي مزيد من التصعيد.

تراكمات من الحرب التجارية

تعود جذور التوتر بين الجانبين إلى عام 2018، حين بدأت إدارة ترامب في ولايته السابقة بفرض تعريفات جمركية على واردات الصلب والألمنيوم من أوروبا والصين، وواجهت بردود أوروبية مماثلة على المنتجات الأمريكية.

ومع تولي جو بايدن الرئاسة، هدأت حدة المواجهة لفترة، لكن عودة ترامب إلى البيت الأبيض مجدداً في يناير الماضي، أعادت الخلافات التجارية إلى الواجهة، ولا سيما بعد تصاعد نبرته تجاه المكسيك والاتحاد الأوروبي خلال حملته الانتخابية.

وتفاقمت الأزمة بعد أن رفضت بروكسل توقيع "اتفاق جزئي" خفضت فيه الرسوم الجمركية على السيارات وبعض المنتجات الدوائية، إذ اشترطت واشنطن إدراج بنود إضافية تتعلق بالمشتريات الحكومية والطاقة.

انعكاسات على الاقتصاد العالمي

يرى خبراء الاقتصاد أن فرض تعريفات بنسبة 30% قد يتسبب في رفع أسعار السلع المستوردة في السوق الأمريكي، وتباطؤ الصادرات الأوروبية، خاصة من ألمانيا وفرنسا وأيرلندا.

بالإضافة إلى تقويض سلاسل الإمداد الصناعية المشتركة بين أوروبا وأمريكا، وتهديد فرص العمل في قطاعات حساسة مثل صناعة السيارات والدواء.

وتدرس المفوضية الأوروبية حاليًا فرض رسوم انتقامية بقيمة 21 مليار يورو، في حال دخلت التعريفات الأمريكية حيّز التنفيذ، تشمل منتجات زراعية وأخرى تكنولوجية أمريكية.

مستقبل العلاقات عبر الأطلسي

يبدو أن مصير العلاقة بين الشريكين الاقتصاديين الأكبر في العالم مرهون بالتطورات في الأسابيع القليلة المقبلة. فبينما تؤكد بروكسل استعدادها للتفاوض، تصر واشنطن على مواقف متشددة دون مؤشرات واضحة على التنازل. 

ويخشى مراقبون أن يؤدي التصعيد إلى كسر الثقة بين الطرفين، ما ينعكس سلبًا على الاستقرار الاقتصادي العالمي ويهدد بإعادة رسم خريطة التحالفات التجارية.

ومع اقتراب موعد تنفيذ الرسوم، سيكون أمام الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة هامش زمني ضيق لاحتواء الأزمة قبل أن تتحول إلى مواجهة اقتصادية مفتوحة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية