"واشنطن بوست": مقترح أمريكي يربط الرسوم الجمركية بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون

"واشنطن بوست": مقترح أمريكي يربط الرسوم الجمركية بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون
انبعاثات ثاني أكسيد الكربون

دعا باحثان أمريكيان إلى فرض تعريفات جمركية تستند إلى انبعاثات الكربون، معتبرين أن هذه الآلية تمثل نهجًا فعالًا يجمع بين حماية المناخ والدفاع عن الصناعة المحلية، خاصة في مواجهة المنافسة الصينية.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، اليوم الثلاثاء، قدّم الباحث إيلي ساندلر، الزميل في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، والخبير البيئي البارز دانيال شراج، أستاذ السياسات العامة والجيولوجيا في الجامعة نفسها، طرحًا بديلًا لتعريفات الرئيس دونالد ترامب الجمركية.

ورغم أن تلك الرسوم أُلغي معظمها بقرار قضائي، شدد الباحثان على ضرورة معالجة الخلل التجاري الذي تُسببه الممارسات غير العادلة لبعض الدول، وعلى رأسها الصين، عبر مقاربة أكثر استدامة تستند إلى البعد البيئي.

وأوضح الباحثان أن الصين، التي تُعد أكبر مصدر لثاني أكسيد الكربون في العالم، تعتمد على طاقة الفحم الرخيصة لتغذية قطاعها الصناعي، ما يمنحها ميزة تنافسية غير عادلة على حساب المصنعين في دول مثل الولايات المتحدة.

ربط الرسوم بالانبعاثات

طرح عضوا مجلس الشيوخ الجمهوريان، السيناتور بيل كاسيدي من لويزيانا، والسيناتور ليندسي غراهام من كارولاينا الجنوبية، مشروع قانون يُعرف باسم "رسوم التلوث الأجنبي"، يقترح المشروع فرض رسوم جمركية على السلع المستوردة، تُحدد قيمتها بناءً على كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المُرتبطة بإنتاج تلك السلع.

استثنى المقترح دولًا مثل بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، نظرًا لتقارب مستويات الانبعاث لديها مع الولايات المتحدة، بينما فرض رسومًا أعلى على دول تُصدر منتجات أكثر تلويثًا، مثل الصين وروسيا.

ويشبه هذا التوجه آلية "تعديل حدود الكربون" التي يطبّقها الاتحاد الأوروبي، والتي تهدف إلى فرض ضريبة بيئية على السلع المستوردة ذات البصمة الكربونية المرتفعة.

وقدّر الباحثان أن مشروع القانون، في حال إقراره، سيُحقق إيرادات تصل إلى 198 مليار دولار خلال خمس سنوات، أي ثلاثة أضعاف ما جمعته أمريكا من الرسوم الجمركية في عام 2023، وعلى الرغم من أن هذا الرقم يمثل الحد الأعلى، إلا أن التقديرات المتحفظة تشير إلى أن الإيرادات قد تبلغ عشرات أو مئات المليارات من الدولارات.

ورجّح تحليل مستقل أن تُحقق الصناعات الأمريكية، خصوصًا في قطاعات مثل الإسمنت والصلب، مكاسب ملموسة من هذا الإجراء، إذ تُعد المنتجات الأمريكية أقل تلويثًا بنسبة تفوق 90% في بعض الحالات مقارنة بنظيراتها المستوردة.

الضرائب البيئية المباشرة

حرص السيناتوران كاسيدي وغراهام على عدم إرفاق مشروع القانون بآلية محلية لتسعير الكربون، تفاديًا لمعارضة الجمهوريين الذين يرفضون بشدة الضرائب البيئية المباشرة، ومع ذلك، حذّر الباحثان من أن غياب تسعير محلي للكربون قد يُضعف فعالية السياسات على المدى الطويل، خاصة مع اتجاه دول أخرى إلى إزالة الكربون وفرض التزامات مناخية صارمة.

شدد الباحث دانيال شراج على أهمية وجود سياسة محلية مكمّلة، تضمن تحفيز الشركات الأمريكية على الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة، مع مراعاة التدرج في تطبيقها لتجنب تقويض الطاقة الصناعية الحالية.

ولفت الباحثان إلى أن التعريفات الجديدة قد تؤدي إلى رفع أسعار بعض السلع المستوردة، ما ينعكس على معدلات التضخم، كما أشارا إلى أن ربط الرسوم بقيمة الواردات بدلًا من تسعير الكربون مباشرةً قد يُثير انتقادات من الشركاء التجاريين، ويعرض المشروع للطعن أمام هيئات التجارة الدولية.

مع ذلك، أكدا أن الحاجة إلى حماية الصناعة الوطنية، ووضع إطار اقتصادي يُكافئ الإنتاج النظيف، تُبرر هذه الخطوة، ودعوا القادة السياسيين في الكونغرس والإدارة الأمريكية إلى عدم تفويت هذه الفرصة.

التوازن بين التجارة والمناخ

أكد الباحث إيلي ساندلر أن الجمع بين المكاسب البيئية والأهداف التجارية يُشكّل ركيزة لأي سياسة اقتصادية فعالة في القرن الحادي والعشرين، وأوضح أن الولايات المتحدة تمتلك الموارد والتقنيات لتكون رائدة في هذا المجال، لكنها تحتاج إلى أدوات سياسية تُعزز هذا التوجه.

واختتم الباحثان بالتشديد على أن الوقت مناسب لسياسات أكثر ذكاءً توازن بين حماية المناخ وحماية الاقتصاد، وتُحاسب الدول التي تبني تفوقها على حساب البيئة العالمية.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية