"واشنطن بوست": مارك أندريسن يتهم الجامعات بالتمييز ضد أنصار ترامب

طالب بـ"عقوبة بيروقراطية"

"واشنطن بوست": مارك أندريسن يتهم الجامعات بالتمييز ضد أنصار ترامب
طلاب الجامعات الأمريكية - أرشيف

اتهم المستشار المقرب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مارك أندريسن، الجامعات الأمريكية الكبرى، وفي مقدمتها جامعتي ستانفورد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، بالانحياز ضد مؤيدي ترامب وتفضيل المهاجرين على المواطنين الأمريكيين.

وأطلق أندريسن، الشريك المؤسس لشركة رأس المال الاستثماري "أندريسن هورويتز"، هذه التصريحات المثيرة للجدل في محادثة جماعية خاصة عبر تطبيق واتساب، تضم عدداً من مسؤولي البيت الأبيض وشخصيات أكاديمية وتكنولوجية نافذة، وفقًا لما كشفته صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير نشرته، أمس السبت.

واتهم مستشار ترامب الجامعات بأنها تحولت إلى "أدوات ضغط سياسية لمحاربة الابتكار الأمريكي"، مشيرًا إلى أن سياسات التنوع والمساواة والشمول، بالإضافة إلى الهجرة، تقصي المواطنين الأمريكيين من التعليم العالي وفرص العمل.

ودعا أندريسن في نفس المحادثة إلى فرض "عقوبة إدارية قاسية" على المؤسسة الوطنية للعلوم، وهي الهيئة الاتحادية المسؤولة عن تمويل البحث العلمي في الجامعات، زاعمًا أنها تورطت في دعم مشاريع تكنولوجيا تؤدي إلى "رقابة إلكترونية" على الأمريكيين.

وصف المستثمر في إحدى الرسائل ضرورة "إعادة بناء المؤسسة من الصفر"، كما كتب صراحةً: "ابدؤوا من الصفر وابدؤوا من جديد"، في إشارة إلى المؤسسة التي تُموّل مختبرات الأبحاث الجامعية في البلاد.

اتهم أندريسن الجامعات بأنها باتت مركزًا لـ"التمييز العكسي"، قائلًا إن الجمع بين سياسات التنوع والتوسع في الهجرة أضر بشكل جوهري بفرص الأمريكيين البيض والذكور في الحصول على التعليم والعمل.

ناخبو ترامب غاضبون

زعم أندريسن أن "شعبه" -في إشارة إلى ناخبي ترامب- "غاضبون" من الجامعات التي قال إنها "أعلنت الحرب على 70% من البلاد"، محذرًا من أن تلك المؤسسات "ستدفع الثمن"، ولم يحدد بالضبط طبيعة هذا العقاب، لكنه أشار إلى أن استياء مؤيدي ترامب من السياسات الأكاديمية قد يتحول إلى قرارات تنفيذية أو تشريعية في المستقبل.

انتقد مستشار ترامب سياسات الجامعات التي تسعى إلى زيادة تمثيل النساء والأقليات، معتبراً أنها تؤدي إلى "استبعاد أبناء الطبقة الوسطى الأمريكية"، وكتب أندريسن: "ما حدث خلال العقود الستة الماضية، وبشكل أكثر حدة في العقد الأخير، أدى إلى تهميش قاعدة ترامب بالكامل من التعليم والعمل".

وأشار أندريسن إلى خلاف شخصي مع جامعة ستانفورد، حيث زعم أن زوجته، لورا أريلاغا-أندريسن، أُجبرت على التنحي من رئاسة مركز العمل الخيري والمجتمع المدني، الذي كانت شاركت في تأسيسه ومولته بملايين الدولارات.

وهدد الملياردير بأن قرار الجامعة هذا سيكلفها ما يقرب من 5 مليارات دولار من التبرعات المستقبلية، وردّت جامعة ستانفورد ببيان مقتضب عبر متحدثها الرسمي، دي موستوفي، أكدت فيه احترامها الكبير لمساهمات أريلاغا-أندريسن، وأشارت إلى أنها ستواصل التدريس بكلية الأعمال في الخريف المقبل.

دردشة جماعية عبر واتساب

كشفت "واشنطن بوست" أن أندريسن كان يشارك بفعالية في دردشة جماعية عبر واتساب، أُنشئت عام 2023، تضم مسؤولين حاليين في إدارة ترامب وخبراء في الذكاء الاصطناعي، أدارت المحادثة السياسية التقنية شخصية بارزة هي سريرام كريشنان، مستشار البيت الأبيض لشؤون الذكاء الاصطناعي.

شارك في المجموعة أيضًا دين بول، مستشار آخر للبيت الأبيض، إلى جانب خبراء مرموقين مثل يان ليكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في "ميتا"، والبروفيسورة فيفي لي من جامعة ستانفورد.

وأكد عضوان في المجموعة، تحدثا للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويتهما، أن أندريسن أثار استياء عدد من الأعضاء بتعليقاته، التي وُصفت بأنها متطرفة وخارجة عن سياق الحوار التقني.

وأضافا أن مستثمرين وخبراء حاولوا إقناع إدارة ترامب بأن التضييق على المهاجرين ومهاجمة الجامعات يقوض قدرة أمريكا على الريادة في التكنولوجيا.

وبدأ أندريسن مسيرته مبرمجاً بارزاً في التسعينيات حين شارك في تأسيس متصفح "نتسكيب"، أحد أوائل متصفحات الإنترنت، ازدهرت ثروته ونفوذه لاحقاً عبر شركته الاستثمارية، التي دعمت شركات كبرى مثل فيسبوك وتويتر وإير بي إن بي.

دعم مستشار ترامب المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في عام 2016، ثم تحوّل لاحقًا لدعم الجمهوري ميت رومني، قبل أن يتبنى موقفًا مؤيدًا للرئيس ترامب، خصوصًا بعد محاولة اغتياله في يوليو من العام الماضي.

ذكر منشور رسمي من شركته أن دعم ترامب هدفه "حماية شركات التكنولوجيا الناشئة من السياسات المعادية في عهد بايدن"، كما عبّر عن تشجيعه لهجرة أصحاب المهارات العالية.

انتقادات متكررة للتنوع

واصل أندريسن منذ أعوام هجومه على مفاهيم التنوع والإنصاف والعمل الإيجابي، واصفًا الجامعات بأنها "غير قابلة للإصلاح"، ومتهمًا إياها بتحويل الطلاب إلى "متطرفين يساريين".

في يناير الماضي، صرح خلال مقابلة بودكاست مع ليكس فريدمان بأنه يعيد التفكير في دعمه لهجرة المهارات العالية، معتبرًا أن ذلك يُلحق الضرر بالعمال الأمريكيين الأصليين.

واعتبر مستشار ترامب أن البيئة الأكاديمية الحالية تُقصي الأمريكيين البيض من التعليم والوظائف، وأن النظام بأكمله بات مُوجهًا ضد "شعبه".

ظاهرة "الدردشات الجماعية"

وصف أندريسن تطبيقات التراسل المشفّرة مثل واتساب بأنها أصبحت "ملاذاً آمناً" للنخب التقنية التي تخشى من إبداء آرائها في العلن، واعتبر أن هذه "الرسائل الجماعية" باتت تسبق الرأي العام السائد، وتمهد لتحول سياسي قادم.

نشأت مجموعات النقاش هذه خلال اضطرابات عام 2020 بعد جائحة كورونا ومقتل جورج فلويد، في ظل مخاوف من الرقابة والاستبعاد الاجتماعي.

وذكرت "سيمَافور" في أبريل أن هذه المجموعات مهّدت الطريق لتحالف صاعد بين وادي السيليكون وترامب، قبل إعلان تأييد رسمي له، وكان أندريسن أحد المحاور المركزية لهذا التحالف.

الجامعات وتقليص التمويل

استهدفت إدارة ترامب، وفق تقارير متعددة، مؤسسات تعليمية كبرى مثل جامعة فرجينيا وهارفارد وكولومبيا، على خلفية مبادرات التنوع والإنصاف، أو بسبب مزاعم بمعاداة السامية، واتخذت الإدارة خطوات نحو إلغاء التمويل الفيدرالي أو تقييد تأشيرات الطلاب الدوليين.

وفي الوقت ذاته، أثار تقليص ميزانية مؤسسة العلوم الوطنية، إلى جانب تقييد التعاون العلمي مع الصين، مخاوف داخل قطاع التكنولوجيا من فقدان الريادة العلمية.

حذّر خبراء الذكاء الاصطناعي، وفقًا لـ"واشنطن بوست"، من أن مهاجمة الجامعات وتنفير المهاجرين سيؤدي إلى تقليص قدرة الولايات المتحدة على تدريب واستقطاب العقول التي تدعم الابتكار والتفوق التكنولوجي في مواجهة المنافسين العالميين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية