"البروفايلات الأمنية".. كيف تحوّلت قوائم سرية إلى أداة لإقصاء الطلاب بالجامعات الأمريكية؟

"البروفايلات الأمنية".. كيف تحوّلت قوائم سرية إلى أداة لإقصاء الطلاب بالجامعات الأمريكية؟
مظاهرة تطالب بالإفراج عن الناشط الفلسطيني محمود خليل

في سابقة مثيرة للقلق، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن أن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية استخدمت قوائم سرية نشرت على مواقع مثل "كناري ميشن" و"بيتار"، والتي ضمّت أسماء طلاب دوليين وأكاديميين دعموا القضية الفلسطينية، كمدخل للقبض عليهم أو ترحيلهم.

وأقرّ بيتر هاتش، مساعد مدير إدارة التحقيقات في إدارة الهجرة والجمارك (ICE)، بأن فريقًا خاصًا، أُطلق عليه اسم "فريق نمر"، في جلسة محاكمة فدرالية أقيمت في بوسطن، تلقى توجيهات فورية لاستعراض أكثر من 5 آلاف اسم مدرج في قوائم كناري ميشن وبيتار، وهو ما أوردته أيضا مجلة "بوليتيكو" في تقريرها، الأربعاء.

وأفاد هاتش بأن الفريق أنتج ما بين 100 و200 تقرير أُرسل إلى وزارة الخارجية الأمريكية للنظر في إجراءات الاعتقال أو الترحيل.

ونشرت"الغارديان" تقريرًا في 7 يوليو الجاري يشير إلى أن الطالب محمود خليل من جامعة كولومبيا تم اعتقاله في مارس 2025 وقضى 104 أيام محتجزًا في لويزيانا قبل أن تأمر محكمة فيدرالية بإطلاق سراحه في يونيو، معتبرة أن الاعتقال ينتهك حقوقه الدستورية.

أما وكالة "أيه بي نيوز" فأكدت أن هذه الممارسات عبّرت عن حملة منظمة ضد طلاب شاركوا في نشاطات مؤيدة لفلسطين، معتبراً أن هذه الممارسات أضرت بحرية التعبير داخل الحرم الجامعي، وأثّرت على روح النقاش السياسي والتعبير الأكاديمي.

وأدلت نادية أبو الحاج، أستاذة الأنثروبولوجيا في كلية بارنارد، بشهادة تفيد بأنها شهدت تراجعًا ملموسًا في تفاعل الطلاب الدوليين الناشطين بعد نشر أسمائهم في قوائم كناري ميشن، وكذلك، ذكرت رنجاني سرينيفاسان، طالبة منحة فولبرايت، أنها أُجبرت على التوقف عن المشاركة لأنشطتها العامة خشية فقدان تأشيرتها، بحسب ما أوردته مجلة "ذا فيرج".

الأبعاد القانونية والسياسية

في سياق تغطيته للمحاكمة، أشار تقريرٌ في "بوليتيكو" إلى أن مسؤولين كبارًا، بما في ذلك الباحث السياسي المحافظ ستيفن ميللر ووزير الخارجية ماركو روبيو، كانوا حاضرين في اجتماعات رسمية لتنسيق جهود مراقبة وترحيل الأكاديميين المناصرين لفلسطين، في ما وصفته المحكمة بـ"الحملة الأيديولوجية للترحيل".

كما وصف محامو جمعيات جامعية هذه الإجراءات بأنها "تكريس لرقابة أيديولوجية"، مشبهين إياها بعصر مكارثي تم خلاله ملاحقة المعارضين السياسيين، حسب تقرير "الغارديان"

وتشير تقارير نشرتها "مبادرة بريدج" بجامعة جورجتاون إلى أن قوائم مثل كناري ميشن وبيتار تُستخدم أيضًا من قبل الأمن الإسرائيلي لتحديد من يُمنع من دخول البلاد، ما يعنى أن أن القوائم تُوظّف عبر جهات رسمية وغير رسمية لأغراض أمنية وسياسية.

إلغاء آلاف التأشيرات

وبحسب تقارير صحفية، فقد تم إلغاء أو تعليق آلاف التأشيرات لطلاب دوليين حتى مايو 2025، كما أن بعضهم تُركت ملفاتهم مفتوحة، ما يشكل ظاهرة مقلقة لخنق الحريات الجامعية، تقرير لمجلة "تايم" الأمريكية وثّق أن نحو 300 تأشيرة سُحبت على خلفية نشاطات سلمية، واصفًا ذلك بأنه "استهداف غير مسبوق".

وتظهر أزمة "الملفات الأمنية" أن الحرم الجامعي قد تحوّل من منصة للحوار إلى ساحة خضوع سياسي غير معلن، وإذا لم تُوقف هذه الإجراءات، فإن الحرية الأكاديمية -التي تُبنى على الحق في التعبير والاستماع إلى الآخر- ستفقد مصداقيتها.


 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية