"سوريا تغلي بسببهم".. مَن الدروز ولماذا تدافع عنهم إسرائيل؟

"سوريا تغلي بسببهم".. مَن الدروز ولماذا تدافع عنهم إسرائيل؟

بينما يتصاعد العنف في محافظة السويداء السورية، تجد طائفة دينية صغيرة نفسها في قلب مواجهة إقليمية معقدة، فقد دخلت إسرائيل على خط النزاع، موجهة ضربات إلى مواقع عسكرية سورية بذريعة "الدفاع عن الدروز"، في مشهد غير مسبوق. فما جذور هذا التدخل؟ ومن الدروز الذين استدعت قضيتهم كل هذا التحرك العسكري والسياسي؟

الدروز طائفة دينية توحيدية، نشأت في بدايات القرن الحادي عشر في العصر الفاطمي، وتُعد امتداداً باطنياً لطائفة الإسلام الإسماعيلي، لكنها اتخذت مسارًا عقائديًا خاصًا يجعلها ديانة مستقلة وفق ما يرى معظم الباحثين.

ينتشر الدروز اليوم في ثلاث دول رئيسية وهي سوريا والتي تضم أكبر تجمع درزي في العالم، خصوصًا في محافظة السويداء الواقعة في جنوب البلاد.

وفي لبنان لهم حضور سياسي قوي، ويشكّلون أحد مكونات الدولة اللبنانية، وفي إسرائيل يُقدّر عددهم بأكثر من 140 ألف نسمة، ويُعرفون بولائهم للدولة، وبعضهم يخدم في الجيش الإسرائيلي.

وتمتاز الطائفة بدرجة عالية من الانغلاق الاجتماعي والعقائدي، لكنها تاريخيًا ارتبطت بالجبال والهوية القومية المحلية، ما جعلها تميل إلى الحياد أو الدفاع الذاتي عن النفس في النزاعات الكبرى.

السويداء وطائفة الدروز 

محافظة السويداء السورية، المعروفة بكونها معقلًا للدروز، بقيت في معظم سنوات النزاع السوري بمنأى عن المعارك الكبرى، واتبعت الطائفة نهجًا دفاعيًا ذاتيًا، من خلال فصائل محلية مسلحة رفضت الانخراط مع الجيش السوري أو مع المعارضة المسلحة، وأبرزها "حركة رجال الكرامة".

ورغم ذلك، عانى دروز سوريا التهميش السياسي، والضغوط الاقتصادية، والانفلات الأمني، وظهرت منذ 2022 بوادر تصدّع في العلاقة مع النظام السوري.

في 11 يوليو الجاري، اندلعت اشتباكات مسلحة بين عشائر بدوية وقوات محلية درزية في ريف السويداء، على خلفية عمليات خطف متبادل واتهامات بتصفية حسابات طائفية. 

وسرعان ما تطورت الأحداث إلى نزاع مسلح أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 70 شخصًا، بينهم مدنيون، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية (فرانس برس) وهيئة الإذاعة البريطانية (BBC).

وفي أعقاب ذلك، تدخل الجيش السوري، ما أثار غضب المجتمع الدرزي المحلي، الذي رأى في التدخل محاولة لتقويض استقلاليته وفرض السيطرة بالقوة.

إسرائيل تدخل على الخط

في 14 يوليو الجاري، نفذت إسرائيل ضربات جوية استهدفت مواقع تابعة للجيش السوري قرب دمشق والسويداء، وأعلنت عبر قنواتها الرسمية أن "التحرك يأتي لحماية المدنيين الدروز في سوريا"، حسب ما أوردته صحيفة "الغارديان" ووكالة رويترز.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن بلاده "لن تقف مكتوفة الأيدي إذا تعرض إخواننا الدروز في سوريا للتهديد".

وجاء هذا التصريح بعد أيام من احتجاجات واسعة للطائفة الدرزية في الجليل والكرمل تطالب بـ"نصرة أبناء الطائفة في السويداء".

موقف دروز إسرائيل

يخدم آلاف الدروز في إسرائيل في الجيش وأجهزة الأمن، ولهم مكانة خاصة في المجتمع الإسرائيلي، ما يجعلهم في موقع ضغط مزدوج بين الهوية القومية والولاء الديني.

وقد برزت دعوات من بعض الزعماء الدينيين والسياسيين في الطائفة لإرسال مساعدات وحتى مقاتلين إلى سوريا، وتم بالفعل منع عدد من الشبان الدروز من اجتياز الحدود الإسرائيلية إلى داخل سوريا، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت.

رسائل إسرائيل في الضربات

يقرأ بعض المحللين التدخل الإسرائيلي باعتباره لا يستهدف فقط حماية الدروز، بل أيضًا إضعاف أي نفوذ إيراني أو سوري في الجنوب السوري، وخلق حزام أمني غير مباشر عبر دعم حلفاء محليين مثل الدروز.

بالإضافة إلى سعي تل أبيب إلى تحسين العلاقة مع الطائفة الدرزية الإسرائيلية، خصوصًا بعد خلافات بشأن قانون القومية في السنوات الماضية.

ومن جانبها، وصفت الحكومة السورية الضربات بأنها "عدوان سافر على السيادة"، واتهمت إسرائيل بإذكاء الفتنة الداخلية.

ودعت الولايات المتحدة إلى "ضبط النفس"، فيما أبدى الاتحاد الأوروبي قلقًا من تصاعد العنف الطائفي في الجنوب السوري.

إلى أين تتجه الأمور؟

رغم إعلان هدنة محلية بين الفصائل والعشائر في السويداء، فإن التوتر لا يزال قائمًا، خصوصًا مع دخول إسرائيل على خط التوازنات الداخلية. 

ويُخشى أن يؤدي أي اشتباك مستقبلي إلى تفكك التركيبة المحلية وتحول السويداء إلى ساحة صراع إقليمي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية