السويداء تنزف.. أكثر من ألف قتيل في الاشتباكات الأخيرة وسط كارثة إنسانية
السويداء تنزف.. أكثر من ألف قتيل في الاشتباكات الأخيرة وسط كارثة إنسانية
تشهد محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب سوريا كارثة إنسانية متصاعدة بعد اندلاع اشتباكات طائفية دامية بين مجموعات محلية وأخرى من البدو، خلفت حتى الآن أكثر من 1100 قتيل، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، في حين يعيش السكان والمرافق الطبية أوضاعًا بالغة القسوة في ظل انهيار شبه كامل للبنية التحتية الصحية.
وبدأت المواجهات في 13 يوليو الجاري، لكن سرعان ما تحولت إلى صراع مسلح واسع، اتخذ طابعًا طائفيًا خطيرًا، إذ تصاعدت وتيرة القتال في شوارع مدينة السويداء وقراها، وأسفرت عن سقوط مئات القتلى معظمهم من المدنيين الدروز، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الاثنين.
ونُقلت أكثر من 450 جثة إلى مشفى السويداء الوطني، فيما لا تزال عشرات الجثث تُنتشل يوميًا من الشوارع والمنازل، خاصة في الريفَين الشمالي والغربي للمحافظة.
ورغم مرور أيام على اندلاع المواجهات، لا تزال أروقة المشفى تضج بروائح الموت، حيث تُحتجز أكثر من 90 جثة مجهولة الهوية في ظروف غير إنسانية، بحسب مسؤولين في الطبابة الشرعية.
وقد سلم المشفى حتى الآن 361 جثة لعائلات الضحايا، بينما لا تزال عملية التعرف على القتلى تواجه صعوبات كبيرة بسبب النزوح وانقطاع التواصل مع العائلات.
"الموت في كل زاوية"
داخل مشفى السويداء الوطني، تحوّلت الممرات إلى مساحات مكتظة بالجثث والمصابين، وسط شحّ كبير في المواد الطبية وانقطاع الكهرباء والمياه.
ويروي الممرض هشام بريك، الذي لم يغادر المشفى منذ بداية الاشتباكات، أن "الرائحة الكريهة غزت كل الطوابق"، وأن الطاقم الطبي يعمل في ظروف أشبه بالمستحيلة.
وقال أحد مسؤولي المشفى، إن "الوضع الطبي وصل إلى مرحلة الكارثة"، مشيرًا إلى أن المشفى تعرّض لاشتباكات في محيطه وأحيانًا داخله، ما هدّد سلامة العاملين والمرضى على حد سواء.
الاحتياجات تتجاوز الإمكانات
دخلت أول قافلة مساعدات تابعة للهلال الأحمر السوري إلى المدينة يوم الأحد 20 يوليو، محملة ببعض المواد الطبية وأكياس لحفظ الجثث، لكنها لم تكن كافية، بحسب ما أكده الناشط معتصم العفلق، المسؤول في هيئة صحية محلية.
وقال العفلق، إن "الكميات التي وصلت لا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات. نحن نواجه كارثة طبية بكل معنى الكلمة".
وأشار إلى وجود حاجة ماسة لمعدات التبريد، وأكياس حفظ الموتى، والمواد المخدّرة والجراحية، إضافة إلى وقود لتشغيل المولدات في ظل انقطاع الكهرباء الشامل.
صعوبة التعرف على الضحايا
مع استمرار حركة النزوح الواسعة التي طالت أكثر من 128 ألف شخص، باتت مهمة التعرف على الجثث شبه مستحيلة.
وتعمل الفرق الصحية بالتنسيق مع الهلال الأحمر على إنشاء مقبرة جماعية، في ظل العجز عن إيصال الجثامين إلى ذويهم أو التأكد من هوياتهم.
ويحذر ناشطون من تحول الجثث المتراكمة إلى مصدر تهديد صحي كبير، مع بدء تحللها، وصعوبة التعامل معها في ظل نقص المواد الحافظة ومحدودية ثلاجات الموتى.
المستشفيات خارج الخدمة
وفي تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، أكد أن معظم المراكز الصحية في المحافظة خرجت عن الخدمة، وأن الوصول الإنساني إلى المنطقة ما يزال "مقيدًا بشدة".
ورغم تداول معلومات عن نية فتح ممرات إنسانية، لم تُنفذ أي عمليات إغاثة واسعة حتى الآن، في ظل استمرار المخاوف الأمنية والاشتباكات المتقطعة.
وأشار التقرير إلى "نقص واسع في الغذاء والماء والكهرباء"، ووجود "تقارير مقلقة عن جثث غير مدفونة"، ما ينذر بأزمة صحية وبيئية إضافية.
وفي ظل غياب تدخل دولي فاعل، واستمرار الاشتباكات، يواجه سكان السويداء خطر المجاعة والأوبئة، إضافة إلى الخوف من تجدد أعمال العنف الطائفية.