"محكمة الشعب الأفغانية".. منصة رمزية لمحاسبة طالبان على جرائمها ضد المرأة

"محكمة الشعب الأفغانية".. منصة رمزية لمحاسبة طالبان على جرائمها ضد المرأة
وقفة تطالب بحماية الأفغان- أرشيف

تعيش النساء والفتيات الأفغانيات واحدة من أقسى النكسات في التاريخ الحديث لحقوق الإنسان، منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في أغسطس 2021، فقد مُنعن من التعليم الثانوي والجامعي، وحُرمن من العمل في معظم القطاعات، وأُقصين بشكل ممنهج من المجال العام، حتى باتت حياتهن اليومية محكومة بقيود تُعد من أشدّ أشكال القمع القائم على النوع الاجتماعي في القرن الحادي والعشرين.

وفي خطوة تهدف إلى كسر صمت العالم، أعلنت الناشطة الحقوقية شهرزاد أكبر، الرئيسة السابقة للجنة حقوق الإنسان الأفغانية، في بيان الخميس، عن إطلاق "محكمة الشعب للمرأة الأفغانية". 

وجاء في البيان أن هذه المحكمة الرمزية تنعقد برعاية "المحكمة الشعبية الدائمة" –المستوحاة من محاكم الضمير التاريخية– لتكون منصة لتوثيق الجرائم المرتكبة بحق النساء ومحاسبة طالبان أمام الرأي العام العالمي.

أولى الجلسات في مدريد

وأوضح البيان أن أولى جلسات المحكمة ستُعقد في 10 أكتوبر المقبل بالعاصمة الإسبانية مدريد، بالتعاون مع محامين دوليين، ومدّعين، وناجيات من العنف، وشهود عيان، وخبراء حقوقيين. 

وستركز الجلسات على "جرائم" طالبان ضد النساء، بما في ذلك الحرمان من التعليم والعمل، والقيود المفروضة على الحركة والتنقل، والاستبعاد الكامل من الحياة العامة.

وشدد المنظمون على أن المحكمة، وإن لم تكن ذات سلطة قضائية تنفيذية، فإنها تمثل أداةً قوية لتسجيل التاريخ ومكافحة الإفلات من العقاب، وإسماع صوت المرأة الأفغانية للعالم. 

وأكدوا أن هذه المبادرة تأتي رداً على "العنف الممنهج والقضاء المستهدف على النساء الأفغانيات"، على غرار المحاكم الشعبية التي وثّقت جرائم حرب في فيتنام وقضايا إبادة جماعية في دول أخرى.

اتهامات دولية لطالبان

يتزامن إطلاق هذه المحكمة مع إعلان المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات توقيف بحق هيبة الله أخوندزاده، زعيم طالبان، وعبد الحكيم حقاني، رئيس المحكمة العليا في الحركة، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. 

ويرى الحقوقيون أن هذا التطور يعكس بداية مسار دولي لمساءلة طالبان، وإن كان رمزياً حتى الآن.

ومنذ عودتها إلى الحكم، فرضت طالبان قيوداً شاملة على النساء: أُغلقت المدارس الثانوية أمام الفتيات، وحُظر عليهن الالتحاق بالجامعات، كما أُجبرن على ترك وظائفهن في المؤسسات الحكومية والخاصة. 

حتى المنظمات الإنسانية لم تسلم من هذه الإجراءات، إذ مُنعت الموظفات من العمل في وكالات الإغاثة، ما أثر بشكل مباشر على إيصال المساعدات إلى النساء والفتيات الأشد ضعفاً.

أربع منظمات تقود المبادرة

يشارك في تنظيم "محكمة الشعب للنساء الأفغانيات" أربع مؤسسات مدنية: منظمة التسامح، والمنظمة الأفغانية لحقوق الإنسان والديمقراطية، مؤسسة البحث والتطوير، ومنتدى الدفاع عن حقوق الإنسان. 

وترى هذه الهيئات أن المحكمة تمثل خطوة لفضح الممارسات القمعية وتوثيقها، باعتبارها جرائم ضد الإنسانية يجب ألا تمر دون محاسبة.

وتُعد هذه المحكمة بمثابة جرس إنذار للمجتمع الدولي الذي اكتفى غالباً ببيانات الإدانة دون اتخاذ خطوات عملية لحماية النساء الأفغانيات، فبينما يواجه نصف المجتمع الأفغاني عزلاً كاملاً عن الحياة العامة، تبقى هذه المبادرة الرمزية محاولة لإعادة قضيتهن إلى الواجهة، ومنع طيّها في زوايا النسيان السياسي والدبلوماسي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية