أزمات اللجوء في الوطن العربي.. مائدة مستديرة تكشف أوجاع المنطقة وتحدياتها

أزمات اللجوء في الوطن العربي.. مائدة مستديرة تكشف أوجاع المنطقة وتحدياتها
جانب من المائدة المستديرة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان

في لحظة مفصلية يعيش فيها ملايين اللاجئين والمهاجرين العرب ظروفًا قاسية، عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، الأحد، مائدة مستديرة جمعت خبراء وباحثين من عشر دول عربية، ناقشت خلالها التحديات الإنسانية والحقوقية العميقة التي تواجه اللاجئين والمهاجرين في المنطقة، بما في ذلك أزمات اللجوء البينية والهجرة غير النظامية وتحديات الاندماج في مجتمعات المهجر.

سلّط المشاركون في مائدة المنظمة العربية الضوء على أوضاع معقدة في دول كسوريا واليمن وليبيا ومصر، حيث يعيش اللاجؤون والنازحون داخليًا تحت وطأة الصراعات المسلحة والأزمات الاقتصادية الممتدة، كما ناقشت المائدة المستديرة الأخطار المقلقة للإبادة الجماعية بحق سكان قطاع غزة، والتهجير القسري للفلسطينيين في الأراضي المحتلة منذ عام 1967، في ظل تصاعد الهجمات العسكرية والقيود المفروضة على الحياة اليومية.

أوضاع صعبة بدول المهجر

امتدت المناقشات إلى أوضاع المقيمين العرب في نحو تسع دول أوروبية، حيث يواجه الكثيرون تحديات التمييز وخطاب الكراهية وصعوبات الاندماج، إلى جانب الضغوط الاقتصادية والنفسية التي تتفاقم بفعل القيود الجديدة على اللجوء والهجرة.

أجمع الخبراء على أن الأزمات الإنسانية في المنطقة تزداد حدة نتيجة التراجع الملاحظ في التمويل الموجه للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، ما يؤثر مباشرة في برامج الإغاثة والرعاية الصحية والتعليم، ويترك ملايين اللاجئين والمهاجرين عرضة للفقر والعنف وفقدان الأمل.

افتتحت أعمال المائدة المستديرة الأستاذة مها البرجس الأمينة العامة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، وأدارت النقاشات الأستاذة الدكتورة نيفين مسعد، عضو اللجنة التنفيذية، في حين شارك في النقاش أسماء بارزة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان من مصر وفلسطين واليمن وليبيا والمغرب وتونس ولبنان وغيرها، بينهم علاء شلبي وعصام شيحة وعصام يونس وآخرون.

مصادر اللجوء والهجرة

خرجت المائدة بتأكيد أن المنطقة العربية تبقى بين أكبر مصادر اللجوء والهجرة عالميًا، وفي الوقت نفسه من أهم مناطق العبور والاستقبال، ما يفرض تحديات مضاعفة تتطلب استجابة دولية أكثر عدلاً وإنسانية.

في ختام المداولات، شدد الحضور على ضرورة مضاعفة جهود المجتمع الدولي والحكومات العربية والمنظمات الحقوقية لتأمين الحماية القانونية والاجتماعية للملايين من البشر الذين لا تزال رحلتهم مع اللجوء والهجرة محفوفة بالأخطار والألم واللا يقين.

ويُعدّ الوطن العربي من أكثر مناطق العالم تأثرًا بأزمات اللجوء والنزوح، حيث تشير تقديرات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أنّ المنطقة تحتضن أكثر من 16 مليون لاجئ ونازح حتى منتصف عام 2024، وهو ما يعادل نحو ربع إجمالي عدد اللاجئين عالميًا، وتأتي سوريا في مقدمة الدول المصدّرة للاجئين بعد أكثر من 12 عامًا من الحرب، إذ سجّلت نحو 6.8 مليون لاجئ خارج حدودها، إلى جانب 6.7 مليون نازح داخليًا.

وفي اليمن، أجبر الصراع المستمر منذ 2015 ما يقرب من 4.5 مليون شخص على النزوح داخليًا، في حين يعيش مئات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين الأفارقة أوضاعًا بالغة الخطورة، أما في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيعتمد أكثر من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني مسجل لدى وكالة الأونروا على المساعدات الإنسانية في مناطق متفرقة بالضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا، في ظل تهديدات مستمرة بالتهجير القسري خاصة في قطاع غزة الذي شهد خلال أقل من عام نزوحًا داخليًا لأكثر من 1.7 مليون شخص، أي نحو ثلاثة أرباع سكانه.

تتفاقم هذه الأزمات بسبب الأزمات الاقتصادية والتغيرات المناخية والتراجع الحاد في تمويل المنظمات الإنسانية، حيث سجّل عام 2024 أدنى مستوى لتمويل خطة الاستجابة الإقليمية منذ أكثر من عقد، كل ذلك لا يجعل المنطقة العربية من أكبر مصادر اللجوء والنزوح وحسب، بل أيضًا من أكثر المناطق معاناة في تأمين أبسط الحقوق الأساسية للنازحين واللاجئين، بدءًا من الأمن الغذائي والمياه، وصولًا إلى التعليم والرعاية الصحية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية