كارثة إنسانية تهدد الملايين.. أطفال أفغان يواجهون الجوع في صمت
كارثة إنسانية تهدد الملايين.. أطفال أفغان يواجهون الجوع في صمت
في أحد أحياء كابول الفقيرة، تجلس فاطمة، وهي أم لخمسة أطفال، قرب موقد طيني خافت اللهب، تقلب بعض حبات البطاطا المتبقية من اليوم السابق.
تقول وهي تحاول رسم ابتسامة على وجهها المرهق: “لم نأكل شيئًا منذ يومين سوى الخبز الجاف، وحتى هذا أصبح نادرًا”. هذه الحكاية ليست فريدة، بل تتكرر يوميًا في آلاف المنازل المنتشرة في القرى والمدن الأفغانية، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الثلاثاء.
تُعد أفغانستان من أفقر دول العالم، ويعيش فيها ما يقارب 34 مليون شخص تحت خط الفقر، ومع الانهيار الاقتصادي المستمر، وعودة طالبان إلى الحكم في أغسطس 2021، والجفاف المتكرر الذي يضرب البلاد، لم يبقَ أمام أكثر من 10 ملايين شخص سوى انتظار المساعدات الإنسانية، التي باتت تصل إليهم بشكل متقطع، وأحيانًا لا تصل أبدًا.
جفاف ونزوح ووعود مؤجلة
أفغانستان التي كانت تعتمد على الزراعة مصدرَاً رئيسيّاً للدخل، فقدت قدرتها على إنتاج الغذاء بعد موجات من الجفاف والسيول المتعاقبة.
ووجد العائدون من إيران وباكستان الذين طُردوا من هناك خلال العامين الأخيرين، أنفسهم أمام واقع أكثر قسوة، حيث لا ماء، ولا عمل، ولا مأوى.
وبحسب تقرير حديث صادر عن برنامج الأغذية العالمي، يواجه نحو 10 ملايين شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، أي ما يعادل ربع السكان، في حين يُعاني طفل من بين كل ثلاثة من التقزم وسوء التغذية المزمن، ويشكل النساء والأطفال النسبة الأكبر من المتضررين، وهم الحلقة الأضعف في هذه الأزمة المتفاقمة.
معاناة الأمهات والأطفال
في منطقة باميان الجبلية، تهمس الأم زليخا بقلق شديد وهي تنظر إلى رضيعها الهزيل: "عمره عام، لكنه لا يقوى على الجلوس وحده"، لا طبيب في قريتها ولا مركز صحة قريب، المشهد ذاته يتكرر في قندوز، وهلمند، وهرات.
برامج التغذية التي كانت تقدمها الأمم المتحدة تقلصت بشكل ملاحظ خلال العامين الماضيين، ومع اشتداد القيود السياسية التي فرضها المجتمع الدولي، خصوصًا بعد عودة طالبان، انخفضت المساعدات إلى أدنى مستوياتها.
وربطت معظم الدول المانحة استمرار الدعم بتشكيل حكومة شاملة تراعي حقوق الإنسان، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
مجاعة تتفاقم بصمت
المأساة الأفغانية لم تعد تتصدر عناوين الأخبار، لكنها تتفاقم بصمت، تقول رينا عبدول منسقة المساعدات الغذائية في برنامج الأغذية العالمي: "نحن أمام قنبلة إنسانية موقوتة. الجوع لا ينتظر تشكيل الحكومات، ولا يهتم بالقرارات السياسية".
وحذّر البرنامج أن الأزمة مرشحة للتصاعد مع استمرار نقص التمويل. وإذا لم يتم التحرك العاجل، فإن أرواح مئات الآلاف من الأطفال مهددة بالفناء في أشهر قليلة.
وفي ظل هذا المشهد القاتم، لا تزال المنظمات الإنسانية تطلق نداءات متكررة للمانحين والدول الكبرى لإعادة النظر في مواقفهم، وتقديم الدعم الغذائي العاجل.
ملايين على أبواب المجاعة
تؤكد تلك المنظمات أن إغاثة الجوعى ينبغي ألا تكون رهينة للسياسة أو مواقف العقوبات، لأن الضحايا الحقيقيين هم المدنيون، وليس الساسة.
وبين مطرقة العقوبات وسندان الجفاف، يقف ملايين الأفغان في طابور طويل لا ينتهي أمام أبواب المجاعة، وبينما ينهار صغارهم بين أذرع أمهاتهم، يظل العالم يتفرج.