أكثر من 5600 انتهاك في 8 سنوات.. نساء اليمن يواجهن قهر ميليشيا الحوثي

أكثر من 5600 انتهاك في 8 سنوات.. نساء اليمن يواجهن قهر ميليشيا الحوثي
نساء يمنيات - أرشيف

في أحد أزقة العاصمة اليمنية صنعاء، جلست "سمية" (اسم مستعار)، فتاة في منتصف العشرينات، في زاوية غرفة معتمة، تهمس بالكاد بصوتها المرتجف: "لم أعد أثق بأحد.. خطفوني من الشارع فقط لأني طالبت بحقي.. ضربوني.. أهانوني.. واتّهموني بما لم أفعل.. وحين أُفرج عني، لم أعد أنا".

ليست سمية وحدها من عاشت هذا الجحيم، فوفقًا لتقرير جديد نشرته الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، الاثنين، وثّق الفريق الحقوقي ما لا يقل عن 5618 انتهاكًا جسيمًا ارتكبته ميليشيا الحوثي بحق النساء اليمنيات منذ مطلع عام 2017، في مناطق سيطرتهم، ضمن سلسلة ممارسات ممنهجة تعكس استهدافًا منظمًا للمرأة اليمنية وكرامتها وحقها في الحياة.

وفي الإحصاءات التي أوردها التقرير، تظهر 1479 امرأة قُتلن خلال السنوات الثماني الماضية، معظمهن قضين تحت نيران القصف أو بنيران القناصة أو جراء الألغام المزروعة في الطرقات والأحياء، أما الإصابات، فقد بلغت 3398 إصابة، بعضها شوه الحياة، وبعضها ترك ندوبًا أبدية في الجسد والروح.

لم يسلم من الخطف سوى القليل. فقد وثّق التقرير 547 حالة اختطاف، استهدفت ناشطات وطالبات، كثيرات منهن تعرضن للتعذيب الجسدي والنفسي، أو للإخفاء القسري.

"رُفيدة"، وهي طالبة جامعية، اختُطفت على يد مسلحين حوثيين عام 2022 بعد مشاركتها في وقفة احتجاجية نسائية، ولم يُعرف مصيرها حتى اليوم. تقول إحدى قريباتها: "كنا ننتظر مكالمة، إشارة، أي شيء.. لكنها اختفت.. فقط هكذا، اختفت".

طفلات يتحولن إلى مجندات

ومن الانتهاكات التي وصفها التقرير بـ"الصادمة"، تجنيد 176 فتاة، معظمهن من طالبات المدارس، هؤلاء الفتيات جرى الزج بهن في معسكرات تدريبية أو مهام أمنية، بما يخالف كل المعايير الأخلاقية والإنسانية، بل ويخرق بوضوح اتفاقيات حماية الطفولة الدولية.

كما وثق التقرير 46 حالة قتل نفذت بأساليب وحشية، كالطعن والدهس والضرب العنيف، إلى جانب 211 إصابة ناتجة عن اعتداءات مباشرة خلال وقفات احتجاجية نسائية أو عمليات دهس متعمدة قامت بها عربات عسكرية.

في العاصمة صنعاء وحدها، بلغ عدد الإصابات الموثقة 82 إصابة، تلتها 21 إصابة في مناطق متفرقة، مما يدل على أن القمع الميداني لم يكن استثناء، بل ممارسة شبه يومية.

سجون وإهانات متعمدة

كشف التقرير عن احتجاز 69 امرأة في سجون سرية خاضعة لسلطة الحوثيين، حيث تعرّضن للإخفاء القسري لفترات تراوحت بين ثلاثة أشهر وعام. بعض المعتقلات أُخفيت آثارهن تمامًا، ولم تتمكن أسرهن من معرفة ما إذا كنّ على قيد الحياة.

ولم تتوقف المأساة هنا، فقد أورد التقرير شهادات عن تحرش جنسي، واعتداءات، وتلفيق تهم أخلاقية داخل المعتقلات، في محاولات لتشويه السمعة وإسكات الصوت النسوي المقاوم. 

وتسببت هذه المعاملة في ترك آثار نفسية عميقة، وصلت حد الانهيار ومحاولات انتحار، مثل ما حدث في السجن المركزي بصنعاء.

صرخة بلا صدى

قالت إحدى الناجيات من المعتقل: "نحن لسنا فقط ضحايا، نحن منسيات.. في سجونهم، وفي ضمير العالم".

وفي سياق الانتهاكات الأوسع، أشار التقرير إلى أن النساء يتعرضن أيضًا للفصل من وظائفهن العامة، والمنع من التعليم أو العمل، في سعي حوثي واضح لتقويض دور المرأة تمامًا، وتجريدها من أي مساحة للتعبير أو المقاومة.

ودعت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، في ختام تقريرها، المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية. 

وطالبت الأمم المتحدة ومجلس الأمن باتخاذ خطوات عاجلة لحماية النساء اليمنيات، وفرض عقوبات واضحة على الجناة، وتنفيذ القرارات الأممية الخاصة بحقوق الإنسان في اليمن، لا سيما في مناطق النزاع.

وناشدت الشبكة المنظمات الحقوقية الدولية بعدم الصمت، والإسهام في توثيق هذه الجرائم والضغط من أجل ملاحقة مرتكبيها، معتبرة أن "السكوت لم يعد خيارًا.. بل تواطؤًا غير مباشر مع الجريمة".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية