للمطالبة بكشف مصير المختفين.. نساء بلوش يرفعن أصواتهن في إسلام آباد
للمطالبة بكشف مصير المختفين.. نساء بلوش يرفعن أصواتهن في إسلام آباد
تتواصل الاحتجاجات في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، حيث دخل اعتصام نساء بلوش يومه الثاني والعشرين، وسط صمت حكومي واعتقال ناشطين بارزين، كان آخرهم إحدى القيادات النسوية البارزات في الدفاع عن حقوق البلوش، على خلفية مشاركتها في اعتصام نُظّم في مارس الماضي بإقليم بلوشستان المضطرب.
وتجمّعت نساء بلوش، صباح اليوم الخميس، وسرن في مسيرة حاشدة من مناطق مختلفة باتجاه نادي الصحافة في إسلام آباد، مرددات شعارات تطالب بكشف مصير المختفين قسريًا من أبنائهن وأزواجهن وآبائهن، والإفراج الفوري عن قيادات لجنة بلوش يكجيتي (BYC)، المعتقلين في ظروف غامضة، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA".
جاءت هذه الخطوة التصعيدية بعد أشهر من القمع والاعتقالات والممارسات التي وصفتها منظمات حقوقية بـ"الانتهاكات المنهجية" بحق الأقلية البلوشية، التي تعاني منذ سنوات من التهميش والاختفاء القسري والقتل خارج نطاق القانون، وفق ما يؤكد النشطاء.
ورفعت النساء لافتة ضخمة كتب عليها: "ضعوا حدًا للقمع المجتمعي.. أفرجوا عن قادة BYC"، إلى جانب صورٍ مؤلمة لضحايا لم يُعرف مصيرهم منذ أشهر أو سنوات، وبعضهم تم العثور على جثثهم لاحقًا في أماكن نائية، في مشهد يُجسد الألم العميق الذي تعيشه الأسر البلوشية.
وجلست النسوة في صمت أمام نادي الصحافة، كما لو أن الأرض ذاتها باتت الشاهد الوحيد على معاناتهن المستمرة، والعدالة الغائبة.
اعتقال ناشطة بارزة
في تطور خطِر، أعلنت السلطات الباكستانية اعتقال ناشطة بارزة في الدفاع عن حقوق البلوش، شاركت في تنظيم اعتصام بلوشستان في مارس الماضي، بتهمة "التحريض على الدولة" و"تنظيم احتجاجات غير مرخصة".
ويعد هذا الاعتقال -بحسب مراقبين- جزءًا من سياسة ممنهجة لتخويف النشطاء وثنيهم عن مواصلة المطالبة بالحقوق الأساسية، وعلى رأسها الحق في الحياة، والحق في معرفة مصير المعتقلين.
من جانبها، لم تُدل الحكومة الباكستانية حتى الآن بأي بيان رسمي بشأن الاتهامات أو أوضاع المعتقلين، ما يعزز المخاوف من استمرار عمليات الاحتجاز خارج نطاق القانون.
الاختفاء القسري جرح مفتوح
يُعد الاختفاء القسري أحد أكثر الملفات حساسية في باكستان، خصوصًا في إقليم بلوشستان، الذي يشهد منذ عقود توترات أمنية بين الحركات الانفصالية والقوات الحكومية.
وتتهم منظمات حقوقية -محلية ودولية- السلطات الباكستانية بالضلوع في احتجاز مئات النشطاء دون محاكمات، وإخفائهم لسنوات دون السماح لعائلاتهم برؤيتهم أو معرفة أماكنهم.
وقد أصدرت منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، عدة تقارير تؤكد أن الاعتقالات والاختفاءات تُستخدم أداة لإسكات الأصوات المعارضة في المناطق الطرفية مثل بلوشستان، دون وجود أي آليات قضائية لمساءلة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
مطالب بسيطة وأوجاع عميقة
تُطالب المعتصمات بالإفراج الفوري عن المعتقلين، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة بشأن حالات الاختفاء القسري، إضافة إلى وقف استهداف النشطاء والناشطات، وتوفير ضمانات للمشاركة السياسية والمدنية للأقليات.
ورغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء الاعتصام، لا تزال السلطات تتجاهل مطالب المعتصمات، وسط تضامن متزايد من النشطاء ومنظمات المجتمع المدني، التي تؤكد أن "صوت الأمهات يجب ألا يُسكت".
يقول أحد النشطاء المشاركين في الدعم اللوجستي للاعتصام: "إنه اعتصام الكرامة والصبر، هؤلاء النساء لا يحملن سوى صور أبنائهن، لكن النظام يعد ذلك تهديدًا".