صرخات خلف الحدود.. التمييز العنصري ينهش هويات الأحواز والبلوش في إيران

صرخات خلف الحدود.. التمييز العنصري ينهش هويات الأحواز والبلوش في إيران

في قلب الشرق الأوسط المضطرب، وبين ثنايا السياسات المعقدة التي ترسم خرائطه المتغيرة، تئن منطقتان تحت وطأة التمييز العنصري الممنهج الذي يهدد وجودهما وهويتهما، وهما الأحواز العربية وبلوشستان في إيران. 

قصص مؤلمة تروي فصولاً متواصلة من التهميش والإقصاء، حيث تُقمع الهَويات الأصيلة بعنف، وتُنهب الثروات الطبيعية بلا رحمة، وتُزهق الأرواح البريئة بصمت مطبق يكاد يخنق المنطقة بأسرها. 

في قلب الأحواز العربية، حيث تنبض أرضها بتاريخ وهوية عربية أصيلة يسكنها ملايين من أبنائها، تتصاعد وطأة الإهمال والتهميش المتعمد، لتشكل تحدياً وجودياً أمام مساعيهم النبيلة للحفاظ على جذورهم الثقافية وهويتهم المتفردة. 

وبينما تتجاهل إيران هذه المعاناة المتفاقمة التي يعيشها هؤلاء السكان الأصليون، توجه بوصلة جهودها نحو تحقيق طموحات توسعية إقليمية، معرضة بذلك أبسط الحقوق الإنسانية لشعوبها القابعة داخل حدودها إلى التناسي والتجاهل.

شباب يصارعون التهميش

في مدينة الخفاجية، التي تقع في قلب الأحواز العربية، لم يكد الأسبوع ينتهي حتى اهتزت أركان المجتمع بفاجعتين متتاليتين، تجسدان عمق اليأس الذي يتسلل إلى نفوس الشباب.. شابان في مقتبل العمر، فرزاد جلالي ذو الخامسة والعشرين ربيعاً، وعباس فريسات البالغ من العمر سبعة وعشرين عاماً، اختارا إنهاء حياتهما في ظل صمت مطبق من السلطات الإيرانية، وتحت وطأة أزمات اقتصادية خانقة تخنق الأحلام وتقتل الطموحات.

كان فرزاد، كما يصفه عارفوه بكلمات مؤثرة، شاباً خجولاً وهادئاً، يحمل في قلبه حلماً بسيطاً بحياة كريمة، بفرصة عمل شريفة تعينه على بناء مستقبل متواضع. لكن دوامة البطالة المستمرة والضغوط المعيشية المتزايدة قادته بخطوات ثابتة نحو طريق مسدود، ليضع حداً لحياته تاركاً خلفه عائلة مفجوعة تتجرع مرارة الفقد. 

أما عباس، الشاب الطموح الذي لم تفارق الابتسامة وجهه المشرق رغم قسوة الظروف المحيطة به، فقد حاول مراراً وتكراراً مقاومة صعاب الحياة ببسالة، لكنه اصطدم بواقع مرير من الإهمال والتجاهل والحرمان، حتى استسلم لليأس العميق الذي طغى على روحه وأطفأ شعلة الأمل في داخله.

وأكدت منظمة حقوق الإنسان "كارون"، التي ترصد أوضاع حقوق الإنسان في الأحواز، أن هاتين المأساتين المؤلمتين ليستا مجرد حادثين فرديين معزولين، بل هما مؤشران خطيران يدقان ناقوس الخطر حول حجم المعاناة الحقيقية التي يعيشها شباب الأحواز، خاصة في مناطق مثل الخفاجية، حيث تتلاشى الآمال تدريجياً تحت ثقل الفقر المدقع الذي ينهش الأجساد والروح، وغياب الفرص الاقتصادية الحقيقية التي تمنح الشباب بارقة أمل في مستقبل أفضل، واللامبالاة الصارخة من قبل السلطات التي تبدو وكأنها تتجاهل صرخات الاستغاثة. 

اليوم، تقف الخفاجية على حافة هاوية من الحزن العميق والخوف المتزايد، خشية تكرار هذه الفواجع المروعة التي تحصد أرواح شبابها، ما لم تتغير الظروف القاتمة التي دفعت فرزاد وعباس إلى هذا المصير المأساوي الذي هز المجتمع الأحوازي بأكمله.

وفي سياق مشابه، يروي ماهر كريم، شاب أحوازي آخر، قصته الموجعة التي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في سلسلة من الانتهاكات، قصة طرد تعسفي من العمل لم يكن له من سبب واضح سوى هويته العربية الأحوازية التي أصبحت عبئاً على أبناء الأرض، وفي مقطع فيديو مؤثر انتشر كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قال ماهر بقلب مثقل بالألم العميق وكلمات يائسة: "هذا آخر يوم لي. أنا وغيري من الأحوازيين يُفصلون من العمل باستمرار. إحنا ما عندنا ناصر ولا معين.".، ثم ختم كلماته بعبارة تختزل عمق المأساة التي يعيشها الكثيرون في الأحواز: "إلك الله يا فقير.. الله كريم".

قصة ماهر ليست مجرد حالة فردية معزولة، بل هي تجسيد حي لسياسة تهميش ممنهجة وعنصرية يتعرض لها السكان الأصليون في الأحواز منذ عقود طويلة. 

وتُمنح الوظائف والفرص الاقتصادية للمستوطنين القادمين من مناطق فارسية بعيدة، بينما يُقصى الأحوازيون بشكل ممنهج من حقهم الطبيعي في العيش بكرامة على أرضهم التي ورثوها عن أجدادهم. 

وتؤكد الباحثة والناشطة الحقوقية الأحوازية، لنا الكعبي، أن "صور الظلم الصارخة التي يعاني منها الشعب الأحوازي" تتجلى بوضوح في "سياسات التمييز في التوظيف والفصل التعسفي، والتي تشمل القطاعين الحكومي والخاص على حد سواء".

وتشير إلى أنه "في الوقت الذي تهيمن فيه القوى العاملة الوافدة من المدن الفارسية على سوق العمل في الأحواز، يُستبعد الأحوازيون بشكل ممنهج، حتى في مؤسسات تقع داخل مناطقهم وتستفيد من مواردهم الطبيعية". 

وأضافت الكعبي: “وإن تم توظيف بعضهم، فغالباً ما يكون ذلك ضمن نسبة رمزية محدودة لا تعكس حجمهم ولا كفاءاتهم، والأسوأ أن هذه الوظائف غالباً ما تكون أعمالاً شاقة ذات رواتب متدنية، تفتقر إلى الحد الأدنى من العدالة أو الكرامة المهنية.. ويُواجه العاملون تحديات متكررة، مثل: تأخير الأجور أو عدم دفعها، وعقود عمل مؤقتة بلا ضمانات، وانعدام فرص الترقية، والفصل التعسفي التعسفي".

سياسات ممنهجة للقمع

يستكمل الناشط الحقوقي حسن راضي حديثه عن التمييز العنصري الممنهج الذي يتعرض له عرب الأحواز من قبل النظام الإيراني، مشيراً إلى تجلياته المختلفة في شتى مناحي الحياة اليومية التي يعيشها الأحوازيون.

وأكد راضي أن "هناك سياسات واضحة المعالم تهدف إلى طمس الهوية العربية الأصيلة للأحوازيين، بدءاً من تغيير أسماء المدن والقرى التاريخية إلى أسماء فارسية دخيلة، وصولاً إلى منع تسمية المواليد الجدد بالأسماء العربية التي تحمل عبق التاريخ والهوية، وحظر استخدام اللغة العربية في المدارس والدوائر والمؤسسات الرسمية الإيرانية بشكل كامل. 

ورغم أن الأحواز هي أرض عربية ذات تاريخ عريق، لا يُسمح بالتدريس باللغة العربية التي هي لغة الأجداد والأحفاد، ولا توجد مجلات وصحف بها إلا ما ندر ويخضع لرقابة صارمة من قبل النظام الإيراني الذي يسعى جاهداً إلى تضييق الخناق على أي مظهر من مظاهر الهوية العربية". 

وتابع: "يُمنع ارتداء الزي العربي التقليدي الذي يميز الأحوازيين في الدوائر الرسمية وفي المدارس وفي كل مكان عام، حتى في رياض الأطفال والحضانات التي هي أولى مراحل التعليم، فتخيل مثلاً أطفالاً في سن الرابعة أو الخامسة من العمر لا يتحدثون إلا اللغة العربية لأنها لغتهم الأم التي تعلموها في البيت من آبائهم وأمهاتهم، وعندما يلتحقون بالحضانة يواجهون عالماً آخر ولغة أخرى غريبة عنهم، ويواجهون كوادر الدولة التي تتحدث وتسمع باللغة الأجنبية التي لا يفهمونها. وحتى المدرسون أو المربون العرب يُمنعون منعاً باتاً من التحدث مع الأطفال باللغة العربية التي هي لغتهم الأم، وهذا يعتبر نوعاً صارخاً من العنصرية والتمييز المفضوح تجاه العرب الأحوازيين".

واتفق معه الباحث الأحوازي، كميل بوشوكة، مشيراً إلى "منع استخدام اللغات الأم، حيث يُمنع الأحوازيون والبلوش من استخدام لغتهم العربية والبلوشية في التعليم والمؤسسات الرسمية، وتُفرض اللغة الفارسية كلغة وحيدة في جميع جوانب الحياة العامة".

وأضاف بوشوكة أن "قمع التعبير الثقافي يتجلى بوضوح في منع الفعاليات الثقافية التي تحتفي بالتراث العربي، وحظر ارتداء الملابس التقليدية التي تعبر عن الهوية الأصيلة".

وأوضح راضي "بالتأكيد هناك تمييز واضح وجلي، إذ لا يوجد تمثيل حقيقي لعرب الأحواز في أي من مؤسسات صنع القرار.. فالمندوبون الذين يزعمون تمثيل الأحوازيين في البرلمان الإيراني يختارهم النظام بعناية فائقة لضمان ولائهم التام، وكل المناصب السيادية المهمة في الإقليم هو من يعينهم بشكل مباشر لضمان تنفيذ سياساته دون أي اعتراض، وحتى إذا كان بعض هؤلاء المعينين من أصول عربية، فهم محسوبون بالكامل على النظام ورجالاته، ولا يمثلون بأي شكل من الأشكال تطلعات وأحلام الشعب العربي الأحوازي"، فهؤلاء المسؤولين ينظرون إلى قضايا الأحوازيين بعين النظام العنصرية ولا يمنعون التمييز تجاههم، فمعظم المناصب السيادية في الإقليم هي للفرس وليست للعرب الأحوازيين".

وأكد بوشوكة على "الاعتقالات التعسفية التي تستهدف النشطاء الأحوازيين والبلوش بتهم ملفقة مثل 'الإخلال بالأمن القومي' بسبب أنشطتهم الثقافية أو السياسية السلمية".

ولفت راضي إلى أن "التمييز العنصري يتجلى بوضوح أيضاً في المحاكم الإيرانية، حيث يحاكم العربي الأحوازي بشكل مختلف تماماً عن محاكمة الإيراني من أصول غير عربية، يُحاكم بالإهانة والإساءة اللفظية والأحكام الثقيلة الجائرة، وغالباً ما يُتهم بأنه عربي خائن وعميل لقوى خارجية، تصور حتى أن هناك تهمة غريبة ومبتدعة يسمونها تهمة 'خلق عرب'، يعني تهمة الانتماء إلى الشعب العربي الأحوازي، وهذه التهمة بحد ذاتها تُحاكم عليها السلطات الإيرانية الأحوازيين".

وتطرق راضي إلى التمييز في الإعلام، مؤكداً أنه "في السينما والتلفزيون والإذاعة وفي كل وسيلة إعلامية تابعة للدولة هناك إساءة واضحة ومستمرة للعرب الأحوازيين.. هناك بث ممنهج للإعلام الإيراني بشكل عام وخطاب كراهية مقيت تجاه العرب، بدءاً من النكات السخيفة وصولاً إلى تشويه القضايا التاريخية وتقديم صور نمطية سلبية في الأفلام والمسلسلات وغيرها، وكل الأمثلة التي تأتي في الإعلام الرسمي كلها مسيئة للعرب وتنشر الكراهية والعنصرية تجاههم بشكل سافر، وهذا يعتبر أيضاً تمييزاً عنصرياً واضحاً في الإعلام والسينما تجاه عرب الأحواز".

ويشير بوشوكة إلى "التشويه الإعلامي حيث تُستخدم وسائل الإعلام الحكومية لتصوير الأحواز والبلوش بشكل سلبي ونشر الصور النمطية العنصرية ضدهم".

وعلى الصعيد الاقتصادي، يشير راضي إلى أن "الثروات الهائلة التي تستخدمها إيران لتمويل مشاريعها الداخلية والخارجية كلها موجودة في الأحواز، من النفط والغاز والمعادن والمياه والأراضي الزراعية الخصبة وغيرها من الخيرات الطبيعية، كلها تُنقل إلى مناطق أخرى في إيران، ويُحرم الأحوازيون أصحاب الأرض من أي استفادة حقيقية منها، وهذا في حد ذاته قمة العنصرية والتمييز، لأنه كان من المفترض أن تُستثمر هذه الثروات لتطوير البنية التحتية المتهالكة في الأحواز وتحسين الخدمات الأساسية وتوفير فرص العمل لأبناء المنطقة، ولكنها تُنقل إلى الخارج بينما يعيش الأحوازيون في فقر مدقع".

ويؤكد راضي أن "هناك أيضاً سياسة ممنهجة لتفقير الشعب العربي الأحوازي ونشر البطالة بشكل متعمد وحرمان العرب من فرص العمل في الشركات الكبرى العاملة في المنطقة مثل شركات النفط والغاز والمياه، حيث يتم تفضيل توظيف العمال والموظفين من خارج الإقليم، من غير العرب، بينما ينتشر البطالة في أوساط الشباب الأحوازي بشكل واسع جداً". 

ويتفق معه الباحث كمبل بوشوكة، مؤكداً على "التهميش الاقتصادي حيث تعاني الأحواز وبلوشستان من الفقر المدقع رغم ثرواتهما الطبيعية الهائلة والحرمان الممنهج من الوظائف حيث يُفضل توظيف الفرس في المناصب الحكومية والصناعات النفطية الكبرى الموجودة في المنطقة".

وحتى في الخدمات الصحية والعلاج، يوضح راضي بأسى عميق أن "المستشفيات الحديثة والمراكز الصحية المتخصصة في الأحواز تعاني من نقص حاد في الخدمات والإمكانيات والأجهزة الطبية الحديثة، فإذا قارنا المستشفيات والمراكز الصحية الموجودة في الأحواز والمناطق التي يقطنها الفرس في المدن الأخرى، نجد هناك فرقاً شاسعاً في جودة الخدمات والإمكانيات والأدوات الطبية وكل ما يلزم لتقديم الرعاية الصحية المناسبة. وهذا كله يدل بوضوح على أن هناك سياسة واضحة وممنهجة وثابتة في العقلية الإيرانية وفي السياسات والاستراتيجيات التي تتبعها الدولة، وهذا ما يعاني منه الأحوازيون منذ عشرات السنين".

التمييز البيئي سلاح آخر

وأشارت الباحثة لنا الكعبي والناشطة الأحوازية في مجال حقوق الإنسان، إلى أن التمييز البيئي يمثل وجهاً آخر بالغ الخطورة من أوجه الظلم الممنهج الذي يلحق بعرب الأحواز، فتعمد السلطات الإيرانية إلى تنفيذ مشاريع واسعة النطاق تهدف إلى تحويل مجاري الأنهار الحيوية التي تروي الأراضي الزراعية في الأحواز، مثل نهر كارون والجراحي والكرخة، نحو المدن الفارسية البعيدة، مما يؤدي بشكل مباشر إلى تجفيف الأراضي الزراعية الخصبة في الأحواز وحرمان السكان العرب من مصدر المياه الأساسي الذي تقوم عليه حياتهم واقتصادهم، وهذا التلاعب المتعمد والممنهج بالموارد الطبيعية الحيوية لا يقتصر على المياه فحسب، بل يمتد ليشمل الاستيلاء على الأراضي الزراعية الخصبة تحت مسميات زائفة مثل "مشاريع وطنية".

ويؤكد الباحث كميل بوشوكة أن "السياسات المتعمدة في تجفيف الموارد المائية الحيوية تُفاقم الأزمات البيئية بشكل كارثي وتدمر الزراعة التي هي مصدر رزق الكثيرين وتقضي بشكل نهائي على سبل عيش السكان الأصليين، بالإضافة إلى التلوث الصناعي الخطير الناتج عن صب مياه الصرف الصحي والمخلفات الصناعية السامة في الأنهار والمسطحات المائية التي يعتمد عليها الأحوازيون في حياتهم اليومية".

السجون ساحات للتعذيب

داخل جدران السجون الإيرانية يواجه السجناء الأحوازيون تمييزاً مضاعفاً ووحشية لا توصف، ليس فقط لكونهم سجناء رأي في أغلب الأحيان، بل أيضاً بسبب هويتهم العربية التي يعتبرها النظام جريمة، فكما أوضحت الباحثة لنا الكعبي، بأنه تُمارس ضدهم أشكال قمع ممنهجة تبدأ بانتزاع الاعترافات تحت التعذيب الوحشي الذي يترك آثاراً جسدية ونفسية دائمة، مروراً بالمحاكمات الصورية التي تفتقر إلى أدنى معايير العدالة الدولية، وصولاً إلى تنفيذ أحكام الإعدام سراً ودون أي إخطار مسبق لعائلاتهم أو السماح لهم بوداع أحبائهم. 

وقالت إن هذا القمع الوحشي لا يستثني النساء الأحوازيات اللواتي يواجهن بدورهن صنوف الإهانة والعنف الجنسي والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية، بما في ذلك الحق في الرعاية الطبية الكافية والتواصل المنتظم مع عائلاتهن. 

وأكدت الكعبي أن "القمع لا يتوقف عند حدود الزنازين الباردة، بل يمتد ليطال عائلات السجناء الأبرياء أنفسهم، الذين يتعرضون لسياسات ممنهجة من التخويف والترهيب والاعتقالات التعسفية لمجرد مطالبتهم بمعرفة مصير أبنائهم أو دفاعهم عن براءتهم أمام العالم".

من جانبه، أكد الباحث كميل بوشوكة أن "الاعتقالات التعسفية أصبحت أداة قمعية روتينية تستهدف النشطاء الأحوازيين والبلوش بتهم ملفقة وجاهزة مثل 'الإخلال بالأمن القومي' أو 'محاربة الله' بسبب أنشطتهم الثقافية أو السياسية السلمية التي تهدف إلى المطالبة بحقوقهم المشروعة، وقد وصل الأمر إلى إعدام العديد من النشطاء بتهم كاذبة لا أساس لها من الصحة".

وأضاف بوشوكة، أن "السجناء السياسيين الأحوازيين والبلوش يتعرضون للتعذيب الجسدي والنفسي الوحشي الذي يهدف إلى كسر إرادتهم وإذلالهم، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى إصابتهم بإعاقات دائمة وأمراض مزمنة، كما يحدث حالياً مع الأسير مختار البوشوكه الذي يعاني من مشكلات صحية خطيرة نتيجة التعذيب، والأسير المناضل محمد علي العموري الذي حُكم عليه بالإعدام ثم خُفف الحكم إلى المؤبد، وتمنع السلطات الأمنية الإيرانية نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم".

قمع الاحتجاجات السلمية

أشار الباحث كميل بوشوكة إلى أن "النظام الإيراني يتبع سياسة ممنهجة لتغيير التركيبة الديموغرافية في مناطق الأحواز وبلوشستان من خلال تشجيع هجرة الفرس إلى هذه المناطق وتقديم تسهيلات وامتيازات لهم، بينما يمارس ضغوطاً هائلة على السكان الأصليين لدفعهم إلى الهجرة القسرية، ما يؤدي إلى تهجير الآلاف وتغيير الهوية العربية والبلوشية لهذه المناطق".

وتابع: أن "القوات الأمنية الإيرانية المختلفة، بما في ذلك الحرس الثوري والباسيج والشرطة، تستخدم القوة المفرطة والعنف الوحشي لقمع أي احتجاجات سلمية يقوم بها الأحوازيون والبلوش للمطالبة بحقوقهم الأساسية، كما حدث في 'الجمعة الدامية' المروعة في مدينة زاهدان البلوشية عام 2022، حيث قُتل وأصيب المئات من المدنيين العزل، وفي مجزرة مدينة معشور الأحوازية في نوفمبر 2019، حيث ارتكبت القوات الإيرانية جرائم بشعة ضد المتظاهرين السلميين".

قيود على الحريات

يواجه البلوش، الذين ينتمي أغلبهم إلى الطائفة السنية، والأحوازيون السنة قيوداً كبيرة على ممارسة شعائرهم الدينية وبناء المساجد وإقامة المراكز الدينية، في الوقت الذي تدعم فيه الدولة المؤسسات الدينية الشيعية بشكل كبير في هذه المناطق، هذا التمييز الديني يضاف إلى القيود المفروضة على الحريات الشخصية وحرية التعبير والتجمع السلمي.

وتدعو الكعبي المجتمع الدولي بكل مؤسساته إلى "الاستماع بإنصات إلى صوت الأحوازيين المظلومين والضغط بكل الوسائل المتاحة على السلطات الإيرانية لاحترام حقوقهم ووقف الانتهاكات الممنهجة ضدهم"، كما تناشد وسائل الإعلام العربية الحرة بـ"تسليط الضوء بشكل أكبر على معاناتهم التي طال أمدها، لأن التغطية الإعلامية الصادقة والمسؤولة هي الخطوة الأولى نحو تحقيق العدالة المنشودة".

وأكد الباحث كميل بوشوكة ضرورة "تضافر الجهود الدولية والإقليمية عبر توثيق جميع الانتهاكات التي يتعرض لها الأحوازيون والبلوش ورفع مستوى الوعي العام بهذه القضية المنسية والضغط بكل قوة على النظام الإيراني لإنهاء سياساته العنصرية وضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية لهذه الشعوب المقهورة وتحقيق المساواة والعدالة التي طال انتظارها".

أما الناشط الحقوقي حسن راضي، فشدد على أن "ما يعانيه الأحوازيون الأبطال هو سياسات عدائية ممنهجة تتمثل في التمييز العنصري والكراهية والظلم والاضطهاد والقمع الوحشي، ولا يمكن لأي تجميل أو إنكار من قبل النظام الإيراني أن يحجب هذه الحقيقة الساطعة التي يراها العالم بأسره".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية