وزير الهجرة اليوناني: تراجع عدد الوافدين بعد تعليق استقبال طالبي اللجوء

وزير الهجرة اليوناني: تراجع عدد الوافدين بعد تعليق استقبال طالبي اللجوء
الهجرة غير الشرعية

 

في جزيرة كريت الواقعة جنوب اليونان، حيث كانت الشواطئ مقصدًا للسياح ومأوى مؤقتًا لآلاف الهاربين من الفقر والنزاعات في إفريقيا، بدأت السلطات اليونانية تنفيذ إجراءات أكثر صرامة بشأن الهجرة، أحدثها قرار تعليق دراسة طلبات اللجوء لمدة ثلاثة أشهر، والذي يأتي ضمن سياسة أوسع تشددها الحكومة اليونانية تجاه المهاجرين، ما أثار جدلا واسعا داخل البلاد وخارجها.

تراجع أعداد الوافدين

بحسب وزير الهجرة اليوناني ثانوس بليفريس، فإن القرار الجديد الذي دخل حيّز التنفيذ في التاسع من يوليو الماضي أسهم بشكل مباشر في تراجع عدد الوافدين إلى الجزيرة، التي كانت تشكل منذ مطلع العام الحالي المنفذ الرئيسي لوصول المهاجرين عبر القوارب من سواحل شمال إفريقيا، وخاصة من ليبيا.

وقال الوزير، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي مساء الخميس، إن عدد الوافدين خلال الأسبوع الأول من الشهر الذي سبق القرار بلغ 2642 شخصا، بينما تراجع إلى 850 مع إعلان التعليق، ثم انخفض لاحقا إلى أقل من 900 شخص في الأسابيع التالية.

ردود فعل حقوقية ودولية

قرار التعليق قوبل بانتقادات حادة من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمات إنسانية، اعتبرت أن وقف النظر في طلبات اللجوء يخالف الالتزامات الدولية ويعرض حياة آلاف البشر للخطر، كما أبدى الاتحاد الأوروبي قلقه من هذه الخطوة، مؤكدا أنه على اتصال وثيق مع السلطات اليونانية للحصول على توضيحات حول الأسس القانونية والعملية لتنفيذ هذا الإجراء.

احتجاز وانتظار الترحيل

السلطات اليونانية بدأت، وفقا للوزير، باحتجاز المهاجرين الذين وصلوا بعد تنفيذ القرار في مراكز الشرطة، بانتظار ترحيلهم إلى بلدانهم أو إلى دول ثالثة، ويبرر بليفريس هذه الخطوة بقوله إن أوروبا تجاوزت قدرتها الاستيعابية على استقبال المهاجرين واللاجئين، مضيفًا أن استقبال المهاجرين غير النظاميين لم يعد خيارًا مطروحًا.

تصريحات الوزير، المعروف بانتمائه السابق إلى حزب يميني متطرف، عكست لغة سياسية أكثر حدة في التعامل مع قضية الهجرة، إذ صرح بأن "جميع الدول الأوروبية تدرك أنه لا يمكن إبقاء الحدود مفتوحة، ولا يمكن استقبال المهاجرين غير الشرعيين بالزهور".

منذ تولي حكومة كيرياكوس ميتسوتاكيس السلطة عام 2019، اتخذت اليونان خطوات متصاعدة لتقييد حركة المهاجرين، من خلال تشديد إجراءات اللجوء، وتوسيع مراكز الاحتجاز، وبناء جدران حدودية جديدة، إضافة إلى اتهامات متكررة من منظمات حقوق الإنسان بارتكاب عمليات إبعاد قسرية وغير قانونية للمهاجرين عبر الحدود البرية والبحرية، وهي اتهامات تنفيها أثينا بشدة.

وجهات نظر متباينة داخل الاتحاد الأوروبي

بينما تتجه بعض الدول الأوروبية إلى نهج أكثر تشددًا تجاه الهجرة غير النظامية، لا يزال الاتحاد الأوروبي عاجزًا عن صياغة سياسة هجرة موحدة تضمن احترام الكرامة الإنسانية وتوفّر حلولًا مستدامة، ويبدو أن اليونان تتصدر اليوم هذه المواجهة عبر فرض إجراءات صارمة على حساب حقوق الأفراد.

تزايد أعداد المهاجرين في جزيرة كريت خلال الأشهر الماضية شكّل ضغطًا على الخدمات العامة والبنية التحتية، لكن منظمات الإغاثة تؤكد أن الحل لا يكمن في الإغلاق أو التعليق، بل في توفير قنوات قانونية وإنسانية تتيح دراسة الحالات وفق معايير الحماية الدولية.

ورغم تراجع الأعداد، فإن من وصلوا في الأشهر الأخيرة لا يزالون عالقين، دون وضوح في مصيرهم أو مصير عائلاتهم، ما يزيد من شعورهم بالعزلة والخوف من الترحيل القسري.

تمثل جزيرة كريت، وهي إحدى أكبر الجزر اليونانية، نقطة عبور أساسية للمهاجرين غير النظاميين القادمين من شمال إفريقيا عبر البحر المتوسط. وتزايدت أعداد الوافدين في العام 2025 بشكل ملحوظ، حيث تجاوز عددهم سبعة آلاف شخص حتى نهاية يوليو، مقارنة بنحو خمسة آلاف في عام 2024، بحسب بيانات رسمية.

اليونان، باعتبارها دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، ملتزمة باتفاقيات الهجرة الأوروبية، بما في ذلك اتفاقية دبلن، التي تنص على أن الدولة الأولى التي يدخلها طالب اللجوء مسؤولة عن دراسة طلبه، لكن الضغوط السياسية الداخلية والانتقادات الموجهة لأداء الاتحاد الأوروبي في تقاسم المسؤولية دفعت الحكومة اليونانية إلى اتباع نهج أكثر تشددًا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية