يواجهون موتاً بطيئاً.. المجاعة تحاصر السكان في جنوب كردفان
يواجهون موتاً بطيئاً.. المجاعة تحاصر السكان في جنوب كردفان
في منتصف أبريل 2023، اشتعل النزاع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ليحوّل البلاد إلى مسرح للدمار الشامل، ويقودها نحو واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها الحديث.
وانهارت المدن تحت وطأة القصف ونقص الإمدادات، والمجاعات بدأت تحصد أرواح المدنيين، فيما تتفشى الأمراض والأوبئة كالنار في الهشيم، تاركة وراءها مشهدًا قاتمًا لحياة تتآكل كل يوم.
وسط هذه المأساة، كشفت شبكة أطباء السودان في بيان، اليوم الخميس، عن وفاة 17 طفلًا بسبب سوء التغذية الحاد خلال الأسابيع القليلة الماضية في مدينة الدلنج، ثاني أكبر مدن ولاية جنوب كردفان.
وأكدت الشبكة أن هذه الحصيلة المأساوية لا تمثل إلا الجزء الظاهر من الكارثة، إذ إن العديد من الأطفال يموتون داخل منازلهم دون أن تُسجل أسماؤهم في السجلات الرسمية، بسبب الحصار المفروض على الولاية منذ أكثر من عام.
وزارة الصحة السودانية كانت قد أعلنت في وقت سابق تسجيل 63 حالة وفاة على الأقل خلال أسبوع واحد جراء سوء التغذية، في مؤشر على عمق الأزمة التي تتجاوز قدرة المستشفيات المنهكة على الاستجابة.
جوع وانهيار للخدمات
تعيش ولاية جنوب كردفان، كسائر ولايات السودان، أوضاعًا إنسانية متردية بفعل نقص حاد في الإمدادات الغذائية والدوائية، فيما أغلقت المطابخ العامة أبوابها بسبب نفاد الموارد، واضطرت بعض الأسر إلى تناول بقايا الطعام أو أعلاف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة.
الحصار والعنف المستمران منذ مايو الماضي في مدينة الفاشر، شمال دارفور، فاقما من الوضع، وأجبرا آلاف المدنيين على الفرار عبر ممرات محدودة.
الفاشر، التي ظلت محورًا لقتال عنيف منذ اندلاع النزاع، شهدت مقتل الآلاف وتدمير بنيتها التحتية، ما جعلها واحدة من أكثر بؤر الصراع دموية في البلاد.
أزمة ممتدة وصمت دولي
الأرقام التي تكشفها المنظمات الحقوقية والإنسانية لا تعكس الحجم الكامل للمأساة، إذ إن مناطق واسعة لا تزال خارج نطاق الوصول الإنساني.
وبينما يتحدث العالم عن السودان في هوامش الأخبار، يعيش الملايين هناك على حافة الموت جوعًا أو مرضًا، في ظل غياب أي حل سياسي أو ممرات إغاثة آمنة.
هذه الأزمة، التي بدأتها رصاصات النزاع في أبريل 2023، تتحول اليوم إلى حرب بقاء، حيث يقف الأطفال والنساء والمسنون في الصفوف الأولى لدفع الثمن، ومع استمرار الحصار وانقطاع المساعدات، يبدو أن ما ينتظر السودان أخطر مما مرّ به حتى الآن.