السويداء تنزف.. أكثر من 100 امرأة وفتاة يواجهن موجة من العنف

السويداء تنزف.. أكثر من 100 امرأة وفتاة يواجهن موجة من العنف
حملة تضامن مع نساء السويداء - أرشيف

شهدت مدينة السويداء في الأسابيع الأخيرة موجة عنف غير مسبوقة، راح ضحيتها نساء وأطفال من الطائفة الدرزية، حيث تم توثيق اختطاف أكثر من 100 امرأة وفتاة، ولا يزال مصير العشرات منهن مجهولاً. 

ووفق شهادات متقاطعة، تعرّضت بعض المختطفات لاغتصاب قبل إعدامهن، في واحدة من أبشع الانتهاكات التي طالت المدنيين منذ اندلاع الأزمة السورية، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الجمعة.

وفي ظل هذا المشهد المروّع، لم تُعلن السلطات السورية عن أي تحقيق رسمي أو خطوات جادة لمحاسبة المتورطين، ما أثار غضباً واسعاً في أوساط الأهالي والناشطين الذين اعتبروا الصمت الرسمي "شريكاً في الجريمة".

أصوات المجتمع المدني

أطلق ناشطون وناشطات في السويداء حملة مدنية تهدف إلى توثيق الانتهاكات ورفع الصوت عالياً للمطالبة بحماية النساء المختطفات. 

وحذّر المشاركون من خطورة تحويل معاناة النساء إلى أداة ابتزاز سياسي، في ظل شهادات تفيد باستخدام "هيئة تحرير الشام" مصير المختطفات ورقة مساومة، سعياً للإفراج عن عناصرها المحتجزين.

وقالت ناشطة حقوقية بارزة من السويداء إن "المختطفات لسنَ ورقة تفاوضية، بل قضية كرامة إنسانية وحقوق أساسية لا يمكن المساومة عليها"، مطالبةً بتدخل دولي عاجل لإطلاق سراحهن وضمان سلامتهن.

شهادات الناجيات وظروف مروّعة

تكشف شهادات ذوي بعض المفرج عنهن عن ظروف إنسانية صادمة عاشتها النساء خلال فترة الاحتجاز، من سوء المعاملة إلى التهديد المستمر بالقتل. 

كثير منهن لم يتمكنّ من العودة إلى بيوتهن بسبب الخوف من إعادة استهدافهن أو وصمهن اجتماعياً، ما يضاعف من جراحهن النفسية والاجتماعية.

تقول إحدى أقارب الناجيات: "ابنتنا عادت جسداً منهكاً وروحاً مكسورة. لا أحد يضمن أمنها الآن، والتهديدات ما زالت تلاحقنا حتى بعد الإفراج عنها".

تقارير وتحذيرات حقوقية

ووفقاً لتقارير صادرة عن الأمم المتحدة، لا يزال مصير قرابة 80 امرأة وفتاة مجهولاً من أصل 105 حالات اختطاف موثقة. 

وأكد خبراء حقوقيون أن هذه الانتهاكات تمثل خرقاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المدنيين أو احتجازهم، مشددين على أن ما حدث قد يرقى إلى "جرائم حرب" توجب المساءلة الدولية.

وحذّر الخبراء من أن تجاهل المجتمع الدولي لهذه القضية سيشجع على مزيد من الانتهاكات بحق المدنيين، داعين إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة، وتوفير حماية عاجلة للنساء المهددات، وضمان العدالة للضحايا والناجيات.

صمت يزيد الجراح

رغم فداحة الانتهاكات، تلتزم السلطات السورية الصمت حيال ما يجري في السويداء. لا تصريحات رسمية، ولا إعلان عن تحقيقات، ولا وعود بمحاسبة الجناة. هذا الغياب الحكومي فُسر من قبل ناشطين بأنه محاولة لطمس القضية، وترك المجتمع المحلي يواجه مأساته وحيداً.

وتكشف أحداث السويداء الأخيرة مرة أخرى هشاشة حماية المدنيين في النزاعات السورية، حيث تحوّلت النساء إلى وقود للصراع وأداة للتفاوض، في حين يغيب الردع والمحاسبة. 

وبينما يتواصل اختفاء العشرات، تتسع الفجوة بين معاناة الضحايا وصمت المسؤولين، ما يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي.. هل تبقى السويداء مجرد "خبر عابر" في أرشيف الحرب السورية، أم تُفتح ملفات العدالة والإنصاف قبل فوات الأوان؟



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية