بين الكوتا والكفاءة.. هل يفتقر حضور المرأة الكردية في العراق إلى التأثير؟
بين الكوتا والكفاءة.. هل يفتقر حضور المرأة الكردية في العراق إلى التأثير؟
رغم أن نظام الكوتا النسائية في البرلمان العراقي وفي برلمان إقليم كردستان أتاح للنساء فرصًا غير مسبوقة لدخول معترك السياسة، فإن هذا الحضور ظل، في كثير من الأحيان، حضورًا شكليًا يفتقر إلى التأثير الحقيقي.
وتسهم نساء الإقليم بشكل فعّال في مختلف المجالات الاجتماعية والثقافية، لكن السياسة تظل المجال الأكثر تعقيدًا، فعلى الرغم من ارتفاع عدد النساء في المناصب الرسمية مقارنة بالمراحل السابقة، يبقى هذا التمثيل رهينًا للحسابات الحزبية والانتماءات السياسية، إذ يُنظر إليهن كأنهن جزء من ديكور السلطة أكثر من كونهن صانعات قرار، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الأحد.
وتؤكد منظمات نسائية محلية أن ضعف الاعتماد على الكفاءة والجدارة قلّل من فاعلية النساء داخل البرلمان، حيث تُتخذ القرارات الكبرى في الغالب من قبل قادة الأحزاب، وهم في معظمهم رجال.
وترى النائبة السابقة سرشنار عبد الله أن مشاركة النساء يجب أن تبنى على الكفاءة لا على العدد، معتبرة أن ذلك وحده كفيل ببناء ثقة المرأة بنفسها ومنحها فرصة لتطوير ذاتها، وفي الوقت نفسه دفع المجتمع إلى الاعتراف بقدراتها بعيدًا عن منطق التجميل السياسي.
قيود المجتمع وبنية النظام
توضح سرشنار عبد الله أن القيود الاجتماعية المفروضة على النساء في المجتمع الكردي لا تزال تحدّ من قدرتهم على اتخاذ القرار بحرية.
وتضيف أن نظام الكوتا جاء لتعويض هذا الضعف، لكنه لم يحلّ جذور المشكلة. وترى أن التغيير لن يتحقق إلا حين تحصل النساء على المناصب والحقوق التي هن أهل لها بناءً على كفاءتهن.
وتشير إلى أن ضعف الحضور النسوي له سببان.. أولهما ذاتي يرتبط بعدم قدرة الكثير من النساء على إبراز قدراتهن بالصورة المطلوبة، وثانيهما موضوعي يتعلق بطبيعة النظام السياسي الذي يضيّق المساحة أمام النساء للتعبير عن إمكانياتهن.
طريق شاق نحو التغيير
تشدد النائبة السابقة على أن بناء حضور سياسي فاعل للنساء يتطلب وقتًا وجهدًا وصبرًا، البداية -كما تقول- يجب أن تنطلق من داخل المرأة نفسها، بأن تبني قوتها الداخلية، وتظهر صدقها، وتكسب ثقة مجتمعها.
ومن خلال هذا المسار، يمكن للنساء أن يعملن على تغيير النظام من الداخل، بحيث يتحوّل حضورهن من مجرد أرقام في البرلمان إلى قوى قادرة على خدمة المجتمع وصياغة سياساته.
وتتجلى في كلمات سرشنار عبد الله مفارقة عميقة: النساء موجودات في البرلمان، لكن أصواتهن لا تزال خافتة في مواجهة هيمنة الرجال على القرار.
وبين الطموح في بناء مشاركة قائمة على الكفاءة، والواقع المليء بالقيود والتحديات، يبقى مستقبل المرأة الكردية في السياسة رهنًا بقدرتها على خوض معركتين في آن واحد.. معركة مع الذات لبناء الثقة والقدرة، ومعركة مع المجتمع والنظام السياسي لنيل الاعتراف والمكانة المستحقة.