غينيا بيساو تسابق الزمن لتعزيز حقوق الإنسان ومنع الانتهاكات الجسيمة

غينيا بيساو تسابق الزمن لتعزيز حقوق الإنسان ومنع الانتهاكات الجسيمة
علم غينيا بيساو - أرشيف

عقد الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل دورته التاسعة والأربعين في الفترة من 29 إبريل إلى 10 مايو 2025. واستعرض الحالة في غينيا بيساو، واعتمد الفريق العامل التقرير المتعلق بها في جلسته الثانية عشرة المنعقدة في 6 مايو، فيما اختار مجلس حقوق الإنسان فريق المقررين (الترويكا) من بوليفيا وقيرغيزستان وملاوي.

وبحسب التقرير الذي اطلع «جسور بوست» على نسخة منه، والمقرر عرضه خلال الدورة الـ60 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والمتواصلة حتى 8 أكتوبر 2025، فقد عرضت الدولة الأفريقية مزيجًا من الإنجازات والتحديات في مسارها نحو تكريس منظومة حقوقية متينة، في ظل أعباء اقتصادية واجتماعية متزايدة.

وأوضحت غينيا بيساو في تقريرها أنها اعتمدت حزمة من القوانين لتعزيز حماية الحقوق الأساسية، من أبرزها قانون مكافحة الاتجار بالبشر، والتشريعات الخاصة بحماية الأطفال من الاستغلال، وقانون يُنظم إنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة مستقلة تتولى متابعة تنفيذ الالتزامات الدولية.

كما أبرز التقرير جهود الحكومة في تفعيل الخطة الوطنية لحقوق الإنسان 2022–2026، باعتبارها الإطار المرجعي لإصلاح السياسات الوطنية في هذا المجال.

العدالة والقانون

أشارت غينيا بيساو إلى أنها شرعت في إصلاح النظام القضائي عبر تدريب القضاة والمدعين العامين، وإطلاق برنامج يهدف إلى تقليص مدد التقاضي وتعزيز الشفافية. 

وأكد الوفد أن الحكومة تعمل على تحسين أوضاع أماكن الاحتجاز، والحد من ظاهرة الاكتظاظ داخل السجون، عبر إدخال بدائل للعقوبات السالبة للحرية.

وعلى صعيد التنمية، أبرز التقرير أن الحكومة تبنت الاستراتيجية الوطنية للتعليم 2023–2030، التي تركز على زيادة نسب الالتحاق بالتعليم الأساسي والثانوي، مع تحسين أوضاع المعلمين وتوسيع البرامج الخاصة بمحو الأمية. 

كما جرى إدخال برامج للتغذية المدرسية لمكافحة سوء التغذية المنتشر بين الأطفال، خاصة في المناطق الريفية.
وفي المجال الصحي، أوضحت الدولة محل الاستعراض أنها وسعت نطاق برامج التطعيم، وأنشأت مراكز جديدة للرعاية الأولية، مع إعطاء الأولوية لصحة الأمهات والأطفال، كما شددت على الجهود المبذولة لمكافحة الأمراض المعدية وغير السارية، بما في ذلك الملاريا وفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز).

وأكدت غينيا بيساو أن الحكومة تعمل على تعزيز الشفافية في إدارة الموارد العامة، من خلال إجراءات لمكافحة الفساد، واعتماد آليات للرقابة المالية والمساءلة، موضحة أن الدولة تضع الحكم الرشيد في صدارة سياساتها، نظرًا لارتباطه المباشر بتحقيق التنمية المستدامة وضمان احترام الحقوق. وشمل ذلك إطلاق برامج لتطوير الكوادر الحكومية وإرساء ثقافة المساءلة داخل المؤسسات العمومية.

حقوق الفئات المهمشة

حاز ملف حقوق المرأة مساحة مهمة في تقرير الاستعراض، حيث تبنت غينيا بيساو خطة وطنية لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، وشددت على تجريم الزواج المبكر وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وهي ممارسات ما زالت قائمة في بعض المناطق.

كما أعلنت الحكومة أنها تعمل على رفع نسبة تمثيل النساء في البرلمان والحياة السياسية، وتعزيز فرصهن الاقتصادية عبر برامج تمويل ودعم للمشروعات الصغيرة.

أما في ما يخص الأشخاص ذوي الإعاقة، فقد أكدت الدولة أنها ملتزمة بتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، عبر مواءمة القوانين الوطنية مع معاييرها، وتوسيع الخدمات التعليمية والصحية الموجهة لهم.

تحديات قائمة

ورغم ما أُعلن من إصلاحات، لم يُخف التقرير أن غينيا بيساو ما زالت تواجه تحديات عميقة، أبرزها ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وضعف البنية التحتية الأساسية، وغياب التوازن بين المدن والمناطق الريفية في الحصول على الخدمات.

كما أشار إلى استمرار مظاهر العنف الأسري، وورود تقارير حول حالات اعتقال تعسفي وتقييد حرية التعبير في بعض الحالات، موضحا أن هذه التحديات تتطلب موارد ضخمة وإرادة سياسية مستمرة، مع دعم من الشركاء الدوليين.

وتلقت غينيا بيساو سلسلة واسعة من التوصيات من الدول الأعضاء، تركزت على ضرورة تعزيز استقلال القضاء وضمان عدم التدخل في عمله، وتحسين أوضاع السجون عبر بدائل للعقوبات السالبة للحرية، كما أوصت الوفود بالمضي في إلغاء عقوبة الإعدام من التشريعات الوطنية اتساقًا مع الحق في الحياة.

كذلك دعت التوصيات إلى مكافحة العنف ضد المرأة وتجريم الممارسات التقليدية الضارة مثل الزواج المبكر وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وتعزيز تمكين النساء في المجالين السياسي والاقتصادي.

وشجعت عدة وفود غينيا بيساو على التصديق على معاهدات دولية مهمة، منها الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، والانضمام إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

كما حفّزت التوصيات على اعتماد خطة عمل وطنية جديدة لحقوق الإنسان، تترجم الالتزامات الدولية إلى برامج زمنية واضحة، مع تشجيع التعاون مع المجتمع المدني وضمان استقلالية المجلس الوطني لحقوق الإنسان بما يتماشى مع مبادئ باريس.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية