وسط انقطاعات متكررة.. أزمة الكهرباء تكشف انهيار بنية الطاقة في إيران

وسط انقطاعات متكررة.. أزمة الكهرباء تكشف انهيار بنية الطاقة في إيران
شبكة كهرباء - أرشيف

تشهد مدينة جوانرو الإيرانية، الواقعة في شرق كردستان انقطاعات مفاجئة ومتكررة للكهرباء خلال الأسابيع الأخيرة، ما أدى إلى اضطراب كبير في حياة السكان وأعمالهم، بل وتسبب في أضرار مباشرة على سلامتهم. 

وأفادت عشرات الأسر بأنها فقدت أجهزتها الكهربائية نتيجة التقلبات المفاجئة في التيار، من احتراق مكواة وأفران إلى توقف أجهزة طبية منزلية، في وقت لم تصدر شركة الكهرباء أي توضيح أو اعتذار، ولم تُقدّم تعويضات أو حلول بديلة، تاركة السكان في مواجهة أزمات اقتصادية خانقة بلا سند، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، الأحد.

وكشفت دراسات متخصصة أن أزمة الكهرباء في إيران ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى اختلال مزمن بين الإنتاج والاستهلاك. ففي عام 2011 بلغ العجز نحو 3 آلاف ميغاواط، وارتفع تدريجياً ليصل عام 2023 إلى 20 ألف ميغاواط. 

ارتفاع استهلاك الغاز

تعتمد إيران على الغاز والنفط في إنتاج أكثر من 70% من الكهرباء، وهو ما يضاعف المخاطر في الشتاء مع ارتفاع استهلاك الغاز المنزلي والصناعي.

يُذكر أن استهلاك الغاز في شتاء 2023 وصل إلى 900 مليون متر مكعب يومياً، في حين لم يتجاوز الإنتاج 700 مليون، ما ينذر بأزمة مزدوجة تشمل الكهرباء والغاز معاً، رغم أن إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطي غاز في العالم. 

ويرى خبراء أن هذه المفارقة تعكس نقص الاستثمار وتراجع التكنولوجيا بسبب العقوبات والفساد الإداري.

مشكلات تعصف بالقطاع

عانت محطات التوليد في إيران من تهالك متواصل وغياب التحديث، فيما كشفت تقارير عن ضعف شبكة النقل وخسائرها المستمرة. 

وتوقف تطوير المحطات الجديدة تقريباً خلال السنوات الأخيرة، سواء بالاعتماد على الوقود الأحفوري أو على الطاقة المتجددة. كما أدى تسعير الكهرباء بأقل من تكلفتها إلى تشجيع الاستهلاك المفرط وإحباط المستثمرين.

وتسببت العقوبات الدولية في إعاقة دخول المعدات والتكنولوجيا الحديثة، وتراجع صادرات الخدمات الهندسية، ما جعل الانقطاعات ظاهرة مزمنة لا تقتصر على جوانرو وحدها بل تمتد إلى معظم المدن الإيرانية.

خسائر تطول النساء

كبّدت الانقطاعات اليومية النساء العاملات في المشاريع المنزلية خسائر فادحة. وقالت مريم كرمي، التي تعمل في تزيين الأحجار، إن دخلها انخفض إلى النصف بسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، في حين تسببت التقلبات في احتراق أدوات عملها. 

واشتكت بريناز رحيمي، مشغّلة أجهزة الليزر في صالون للعناية بالبشرة، من اضطرار النساء للعمل ليلاً في ظروف غير آمنة، ما يعرّضهن لمخاطر اجتماعية وأمنية.

وفي الأسواق الحدودية، أكدت تاجرات أن انقطاع الكهرباء يعطل الأجهزة الإلكترونية ويوقف المبيعات، كما عجزت المراكز الصحية عن تقديم خدمات أساسية كالتصوير بالموجات فوق الصوتية لعدم وجود مولدات بديلة.

تعطل الاتصالات والخدمات

أشارت أفروز محمدي من قرية كلاش باخان إلى أن انقطاع الكهرباء يتزامن مع توقف شبكة الاتصال، ما يشل الحياة اليومية للسكان بشكل كامل. 

وأوضحت محررة المحتوى ميترا. ح أن عملها في التعليم الإلكتروني يتوقف تماماً عند انقطاع الكهرباء والإنترنت، حيث تفقد ثقة المتدربين وتضطر لإعادة تسجيل الدروس.

وأظهر الواقع أن مزيجاً من التحديات البنيوية، العقوبات الدولية، ضعف الاستثمارات، والجفاف الذي خفّض إنتاج السدود بنسبة 42%، قد حوّل إيران إلى دولة غنية بالطاقة لكنها عاجزة عن توفير الكهرباء لشعبها. 

ولم تعد الأزمة تقتصر على تعطيل الحياة اليومية، بل امتدت إلى خسائر اقتصادية واجتماعية جسيمة، خصوصاً بين الفئات الهشة والنساء المعيلات لأسرهن، لتصبح الكهرباء عنواناً جديداً لفشل السياسات الحكومية وعجزها عن تلبية أبسط حقوق المواطنين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية