مع غياب الرعاية الطبية.. وفيات متزايدة تكشف جحيم السجون الإيرانية للنساء

مع غياب الرعاية الطبية.. وفيات متزايدة تكشف جحيم السجون الإيرانية للنساء
سجينات إيرانيات - أرشيف

تتصاعد المخاوف الحقوقية في إيران بعد سلسلة وفيات مأساوية طالت سجينات وسجناء داخل عدد من السجون، كان أبرزها سجن "قرجك ورامين" سيئ السمعة. 

ففي غضون أسبوعين فقط، فقد أربعة سجناء حياتهم نتيجة الإهمال الطبي والحرمان من العلاج، بينهم السجينة الإيرانية سُدابه أسدي، التي فارقت الحياة يوم 16 سبتمبر الجاري بسبب عدم تقديم الرعاية الطبية اللازمة، بحسب ما ذكر موقع “هرانا” الحقوقي، الأحد. 

وتضاف وفاتها إلى حالات أخرى مشابهة، بينها وفاة السجينة السياسية سمية رشيدي، التي عانت من نوبات متكررة ولم يتم نقلها للمستشفى إلا بعد فوات الأوان. 

هذه الحوادث أثارت موجة غضب بين المنظمات الحقوقية، معتبرة أن ما يجري داخل السجون الإيرانية يمثل سياسة ممنهجة تستهدف السجناء، خصوصًا النساء، عبر الإهمال الطبي والتشخيص الخاطئ، وسط صمت رسمي يثير الشكوك حول مسؤولية السلطات القضائية.

إهمال طبي قاتل

كشفت تقارير حقوقية أن سُدابه أسدي، المحتجزة على خلفية اتهامات مالية، فقدت حياتها نتيجة الإهمال الطبي داخل سجن قرجك ورامين، في وقت تجاهلت فيه إدارة السجن حالتها الصحية ولم توفر لها العلاج اللازم. 

لم تكن أسدي استثناءً، فقد سبقتها السجينة السياسية سمية رشيدي، التي تعرضت لنوبات تشنج متكررة وسط اتهامات للأطباء بأنها "تتظاهر بالمرض". 

نقلها المتأخر إلى المستشفى أدى إلى دخولها في غيبوبة وانخفاض مستوى وعيها إلى الدرجة الخامسة، قبل أن تُعلن وفاتها رسميًا.

صمت قضائي مريب

أثار صمت السلطة القضائية الإيرانية تساؤلات واسعة حول ما يجري في السجون، حيث لم تصدر أي بيانات توضيحية بشأن وفيات السجينات، مكتفية بروايات عامة تسعى إلى تبرئة الأجهزة الأمنية والإدارية من أي مسؤولية. 

أسر الضحايا تلتزم الصمت بدورها خوفًا من الملاحقة أو الانتقام، الأمر الذي يجعل من الصعب كشف تفاصيل دقيقة عن ملابسات الوفيات. 

هذا الصمت المؤسسي عزز اتهامات منظمات حقوقية بأن الإهمال الطبي داخل السجون الإيرانية ليس مجرد تقصير، بل هو سياسة ممنهجة لإضعاف السجناء، لا سيما النساء والمعارضين السياسيين.

قرجك ورامين جحيم

تحوّل سجن "قرجك ورامين" إلى رمز لمعاناة النساء السجينات في إيران. يضم السجن أعدادًا هائلة من المحتجزات، إذ يعاني من اكتظاظ شديد ونقص في الخدمات الأساسية، خاصة الطبية منها. 

تقارير عدة وصفت السجن بأنه يفتقر إلى أدنى معايير الإنسانية، حيث يتم إهمال التشخيص الطبي، وتأجيل نقل الحالات الخطرة إلى المستشفيات، ما يؤدي إلى وفيات متكررة. 

هذا الواقع جعل من اسم "قرجك ورامين" مرادفًا لانتهاكات حقوق الإنسان بحق السجينات في إيران.

وفيات نساء متكررة

لم تقتصر الوفيات الأخيرة على أسدي ورشيدي، بل شملت أيضًا جميلة عزيزي، التي توفيت داخل جناح "المشاورة 2" في قرجك نتيجة الحرمان من العلاج، ومريم شهركي التي فارقت الحياة في سجن "فرديس كرج" بعد آلام حادة في الصدر وتشخيص خاطئ، وفقد السجين محمد منقلي حياته في سجن يزد بسبب الإهمال نفسه. 

هذه السلسلة من الوفيات خلال فترة قصيرة عكست حجم الكارثة الإنسانية داخل السجون الإيرانية، حيث لا يجد السجناء سبيلًا لإنقاذ حياتهم في مواجهة إهمال متعمد.

وأدانت منظمات حقوق الإنسان، داخل إيران وخارجها، هذه الانتهاكات واعتبرتها جريمة صامتة ترتكب بحق السجناء. 

تقارير "هرانا" و"إيران إنترناشيونال" رصدت تفاصيل الحالات وأكدت أن السلطات القضائية لم تتخذ أي إجراءات عملية لمعالجة الأوضاع المأساوية. 

ودعت جهات حقوقية دولية إلى إجراء تحقيق مستقل في ظروف السجون الإيرانية، ومحاسبة المسؤولين عن حرمان السجناء من الرعاية الطبية، باعتبار ذلك انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية