وفيات جديدة بين السجينات.. سجن قرتشك يثير قلقاً دولياً ومخاوف حقوقية

وفيات جديدة بين السجينات.. سجن قرتشك يثير قلقاً دولياً ومخاوف حقوقية
سجن قرتشك الإيراني - أرشيف

شهد سجن قرتشك الواقع جنوب شرق العاصمة الإيرانية طهران، تطورات مأساوية أعادت تسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان فيه، بعدما سُجلت وفيات متتالية بين السجينات نتيجة الحرمان من الرعاية الصحية. 

ويُعتبر هذا السجن من أكثر المؤسسات العقابية سوء سمعة في إيران، حيث تُحتجز فيه السجينات السياسيات والناشطات والمعارضات وسط ظروف وصفتها تقارير دولية بأنها "غير إنسانية"، بحسب ما ذكرت شبكة “إيران إنترناشيونال”، اليوم الاثنين.

كشفت منظمات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش أن سجن قرتشك يُدار باعتباره أداة قمعية تستهدف النساء على وجه الخصوص

وأوضحت هذه التقارير أن الحرمان من الرعاية الطبية داخل السجن أصبح شكلاً من أشكال "الإعدام الصامت"، إذ تفقد السجينات حياتهن تدريجياً نتيجة الإهمال الطبي المتعمد.

إعدام صامت للسجينات

شهدت الأسابيع الأخيرة وفاة السجينة السياسية سمية رشيدي بعد 11 يوماً من دخولها في غيبوبة إثر حرمانها من العلاج. 

وسبقتها السجينة سوابة أسدي، التي كانت محتجزة بتهم مالية، حيث فارقت الحياة في 15 سبتمبر بسبب معاناتها من أمراض مزمنة وعدم حصولها على الرعاية اللازمة. 

وأظهرت هذه الحالات أن سياسة الإهمال الطبي لم تعد عرضية، بل تحولت إلى وسيلة ممنهجة للتخلص من الأصوات المعارضة.

انتفاضة تحت القمع

ازدادت القيود الأمنية داخل السجون عقب انتفاضة (المرأة، الحياة، الحرية)، التي اندلعت في أيلول/سبتمبر 2022 إثر مقتل الشابة جينا أميني أثناء احتجازها من قبل شرطة "الأخلاق".

وردّ النظام الإيراني على هذه الانتفاضة باعتقالات واسعة استهدفت النساء والشباب، ما أدى إلى امتلاء السجون، وفي مقدمتها قرتشك، الذي أصبح رمزاً للقمع الذكوري الممنهج.

واجهت السجينات السياسيات في قرتشك عزلاً متعمداً عن العالم الخارجي، حيث يُحرمن من حق الزيارة والتواصل مع عائلاتهن ومحاميهن. 

وأجبرتهن السلطات على العيش في بيئة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، وسط تهديدات متواصلة من الحراس. ويُضاف إلى ذلك الحرمان من العلاج الطبي، ما يجعل حياتهن مهددة على الدوام.

أداة لترهيب النساء 

اعتبرت منظمات حقوقية أن سجن قرتشك لم يعد مجرد مؤسسة عقابية، بل تحول إلى أداة ترهيب سياسي تستهدف النساء اللاتي شاركن في الاحتجاجات الشعبية. 

وبرغم الإدانات الدولية، لم تُظهر السلطات الإيرانية أي نية للتراجع عن سياساتها القمعية، ما جعل من قرتشك رمزاً لمواجهة غير متكافئة بين نساء يبحثن عن الحرية ونظام يسعى لإسكات أصواتهن.

تواصل السجينات في قرتشك مقاومتهن رغم ظروف الاعتقال، إذ يُنظر إلى وفاة سمية رشيدي وغيرها من السجينات على أنها ليست نهاية، بل صرخة تُضاف إلى صرخات الحرية التي دوّت في شوارع إيران منذ اندلاع الانتفاضة. 

ويُظهر هذا الواقع أن نضال المرأة الإيرانية لا يقتصر على الساحات العامة، بل يمتد إلى الزنازين المظلمة حيث تُخاض معركة البقاء والكرامة.

تضامن نسوي عالمي

يؤكد المدافعون عن حقوق الإنسان أن استمرار هذه الانتهاكات يفرض على نساء العالم والمجتمع الدولي مسؤولية مضاعفة في دعم السجينات الإيرانيات. 

وتمثل كل وفاة داخل قرتشك إنذاراً جديداً بضرورة التدخل، وكل صرخة من داخل السجون هي دعوة لتجديد التضامن مع النساء اللواتي يدفعن ثمن حريتهن وحياة أجيال قادمة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية