المسرح الفلسطيني يرفع صوت النساء عبر مسرحية إغريقية تُعرض في باريس
المسرح الفلسطيني يرفع صوت النساء عبر مسرحية إغريقية تُعرض في باريس
يُقدّم المسرح الوطني الفلسطيني "الحكواتي" هذا الأسبوع في باريس عرضًا مسرحيًا مستوحى من الأدب الإغريقي الكلاسيكي، يهدف إلى رفع صوت النساء الفلسطينيات وتسليط الضوء على نضالهنّ من أجل المساواة والعدالة وسط واقع الاحتلال والتمييز الاجتماعي.
يأتي العرض الجديد لمسرحية "تجمّع نساء"، المقتبسة عن نصّ الكاتب الإغريقي أريستوفان، بإخراج الفرنسية أريان منوشكين، على خشبة مسرح "تياتر دو سولاي" الشهير، بدءًا من السبت المقبل وعلى مدى عطلتَي نهاية أسبوع متتاليتين، بدعوة من المعهد الفرنسي، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الخميس.
رحلة فنية ذات بُعد إنساني
بدأت قصة هذا العمل عام 2021 عندما قُدّم لأول مرة في القدس بمشاركة ثمانية ممثلين من "الحكواتي"، بقيادة مديره عامر خليل، أحد أبرز الوجوه الثقافية الفلسطينية.
وخلال الأعوام 2022 و2023، جابت المسرحية عددًا من المدن الفلسطينية في جولة مسرحية استقبلها الجمهور بحفاوة، قبل أن تُعرض لاحقًا في فرنسا ضمن مهرجانات ثقافية محدودة، لم تتجاوز أربعة عروض في عامَي 2023 و2024.
ويُجسّد هذا العمل المسرحي، الذي يجمع بين التراث الإغريقي والواقع الفلسطيني المعاصر، جسرًا ثقافيًا بين الشرق والغرب، إذ يهدف إلى إبراز دور الفن في التعبير عن قضايا المرأة في المجتمعات التي تواجه الصراع والقيود.
النساء يستولِين على السلطة
تتناول المسرحية الأصلية لأريستوفان قصة نساء أثينيات يجدن أنفسهن أمام مجتمع متدهور، فيقرّرن الاستيلاء على السلطة السياسية عبر التمويه والتحدي.
وفي مشهد رمزي طافح بالسخرية والجرأة، تسرق النساء ملابس أزواجهن في الليل ويتوجّهن إلى ساحة "الأغورا" متنكّرات للتصويت في الجمعية العامة، ما يؤدي إلى انقلاب الحكم لصالح النساء.
وبعد تولّيهنّ زمام الأمور، يبدأن في سنّ قوانين ثورية، من أبرزها إلغاء الملكية الخاصة، وفتح المجال أمام حرية المرأة في اختيار حياتها الشخصية والجنسية، في إسقاط رمزي على واقع المرأة الفلسطينية الباحثة عن صوتٍ وقرارٍ مستقلّ.
أصوات تُروى من الواقع
يتخلّل العرض مشاهد حية تُعرض في خلفية المسرح، عبارة عن شهادات مصوّرة لنساء فلسطينيات من الضفة الغربية المحتلة، أعدّها الكاتب الفرنسي جان كلود فال خصيصًا لإثراء النصّ المسرحي.
وتتحدث هؤلاء النساء من مختلف الأعمار والخلفيات عن أحلامهنّ بمجتمعٍ أكثر عدلًا ومساواة، فإحداهنّ تدعو إلى أن تتولى امرأة رئاسة فلسطين، وأخرى تطالب بتغيير عقلية الرجل الفلسطيني تجاه المرأة، بينما تنادي أخريات بدعم اقتصادي وتمكين حقيقي للنساء.
بهذه المقاطع، يتحوّل العرض إلى مساحة مفتوحة لتبادل التجارب بين المسرح والفعل الإنساني، بين النص القديم والواقع الفلسطيني الجديد.
الفن جسرٌ للحرية
قالت المخرجة أريان منوشكين، في بيان نشره مسرح "تياتر دو سولاي"، إنها تردّدت في البداية قبل الموافقة على المشروع، لكنها وافقت بعد اقتناعها العميق بأن "فن المسرح يمكن أن يمنح الحرية لمن سُلبت أصواتهم".
وأضافت أن عملها مع فريق "الحكواتي" كان تجربة إنسانية فريدة، إذ "جاء الفنانون الفلسطينيون محمّلين بذاكرة جماعية من الألم والمقاومة، ونجحوا في تحويل النص الإغريقي إلى مرآة تعكس واقعهم الحديث".
يُعرض العمل هذا الشهر في 12 و13 ثم 18 و19 أكتوبر، مصحوبًا بترجمة عربية، ليكون بمثابة رسالة ثقافية من فلسطين إلى العالم بأن المسرح لا يزال قادرًا على أن يكون منبرًا للمقاومة، ومنصةً لترسيخ قيم المساواة وكرامة المرأة.
ويُجمع النقاد في فرنسا وفلسطين على أن هذا العرض يُجسّد رؤية المسرح الفلسطيني في استخدام الفن كقوة ناعمة لمواجهة القمع السياسي والاجتماعي، حيث تتحول الخشبة إلى مساحةٍ للحوار بين الحضارات، ولصوت المرأة إلى صرخة من أجل العدالة والحرية.











