مؤتمر علمي في تعز يناقش الآثار النفسية للحرب في اليمنيين
مؤتمر علمي في تعز يناقش الآثار النفسية للحرب في اليمنيين
نظّمت مؤسسة المرأة الآمنة للتنمية في مدينة تعز اليمنية المؤتمر العلمي النفسي الأول، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء في الصحة النفسية وحقوق الإنسان، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية.
وجاء المؤتمر تحت عنوان: "الآثار النفسية والاجتماعية للحرب في اليمن – الطريق نحو التعافي والدعم المستدام"، ليُسلّط الضوء على التحديات النفسية والاجتماعية العميقة التي تواجه المجتمع اليمني، ولا سيما النساء والأطفال، في ظلّ استمرار الحرب والحصار والفقر، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، اليوم الاثنين.
وأكّدت وكيلة محافظة تعز للشؤون الصحية والبيئية، الدكتورة إيلان عبد الحق، خلال افتتاح المؤتمر، ضرورة وضع سياسات عامة لمواجهة الآثار النفسية الناجمة عن الحرب، مشيرةً إلى أن هذه الآثار تمتد لتصيب الأسرة والمجتمع كله، وتؤدي في بعض الحالات إلى تفكك النسيج الاجتماعي وضعف الروابط الأسرية.
وقالت في كلمتها: "الصحة النفسية ليست ترفًا، بل ضرورة لبقاء المجتمعات متماسكة بعد كل ما عاناه اليمن من صدمات وأوجاع".
تعزيز الوعي النفسي
قدّم عدد من الأكاديميين والمتخصصين أوراق عمل علمية ناقشت انعكاسات الحرب على الصحة النفسية للفرد والمجتمع، ودعوا إلى دمج الدعم النفسي في برامج الإغاثة والتنمية بوصفه حقًا إنسانيًا أساسياً.
وفي هذا السياق، أوضحت رئيسة المؤسسة، ابتهال الأغبري، أن المؤتمر يأتي في إطار الجهود المبذولة لنشر ثقافة الوعي النفسي في زمن الأزمات، مضيفةً أن "تعز، واليمن عمومًا يعاني من تبعات نفسية واجتماعية عميقة بسبب سنوات الحرب الطويلة، وإن الحاجة إلى الدعم النفسي باتت ملحّة كالحاجة إلى الغذاء والدواء".
واعتبرت المدربة في الدعم النفسي لطيفة الحذيفي أن هذه الفعاليات العلمية تسهم في كسر حاجز الخوف والوصمة المرتبطة بالأمراض النفسية، مشدّدة على أن كثيرين في اليمن "لا يزالون يشعرون بالحرج من طلب المساعدة النفسية، ويفضّلون اللجوء إلى المشعوذين أو المعالجين الروحانيين بدلاً من المتخصصين".
وأضافت أن ضعف الوعي بأهمية العلاج النفسي يؤدي إلى تفاقم الاضطرابات السلوكية، مؤكدة أن "الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الجسدية، وأن التوازن بينهما أساس الحياة السليمة".
صدمات النساء والأطفال
قدّمت المديرة التنفيذية لرابطة أمهات المختطفين، أسماء الراعي، ورقة بحثية تناولت الآثار النفسية العميقة للاختطاف والاختفاء القسري في النساء والأطفال.
وأوضحت أن كثيراً من النساء يعانين صدمات نفسية حادة بسبب فقدان أزواجهن أو أبنائهن، ما يترك "ندوباً عميقة في البنية الاجتماعية والنفسية للأسر اليمنية".
وأكدت أن الرابطة تعمل على تقديم الدعم النفسي للمختطفين المحررين وأسرهم، لكنها تواجه صعوبات بسبب نقص الدعم المؤسسي والتمويل المستدام.
خطوة نحو التعافي
من جهتها، وصفت رئيسة مؤسسة "سلام يمن"، الدكتورة خديجة الحدابي، المؤتمر بأنه محطة علمية وإنسانية مهمة في مسار التعافي النفسي والاجتماعي، قائلةً: "ما زلنا نعيش في ظل الحرب، وآثارها النفسية لم تنتهِ بعد.. الأسر تعاني، والشباب يواجهون صعوبات في التكيف، ومن الضروري أن يُنظر إلى الاضطراب النفسي باعتباره مرضاً يحتاج إلى علاج لا إلى تهميش".
وأضافت الحدابي، أن "المعرفة هي الخطوة الأولى نحو العلاج، والتوعية قادرة على كسر جدار الخوف والوصمة المجتمعية".
واختُتم المؤتمر بعدد من التوصيات العملية التي دعت إلى إدماج الدعم النفسي في برامج الإغاثة والتنمية، وإنشاء مراكز إرشاد نفسي جديدة، وتدريب الكوادر المحلية لتقديم خدمات مستدامة، إضافةً إلى إشراك النساء في تصميم وتنفيذ برامج الصحة النفسية باعتبارهن محوراً رئيسياً في عملية التعافي.
وأكد المنظمون أن المؤتمر يشكّل خطوة أولى نحو بناء وعي جماعي بحق العلاج النفسي، وإرساء ثقافة تتقبل الصحة النفسية بوصفها جزءاً من كرامة الإنسان وحقه في الحياة الكريمة، في بلدٍ أنهكته الحرب وأثقلت كاهله المعاناة.