المغرب.. مخاوف من ارتفاع معدلات الانتحار وسط صمت حكومي

المغرب.. مخاوف من ارتفاع معدلات الانتحار وسط صمت حكومي

بارتفاع ينذر بوقوع أزمة مقلقة، تتزايد معدلات ظاهرة الانتحار بالمغرب، في ظل صمت وتجاهل رسمي مثير للانتقادات.

وحذرت جمعية "نعم للحياة.. شباب ضد الانتحار" (غير حكومية، مقرها إقليم شفشاون)، من تزايد معدلات الانتحار في البلاد والإقليم الشمالي على وجه الخصوص.

وقالت الجمعية المغربية، في بيان، "نحن أمام ظاهرة مقلقة جدًا، وآخذة في الاتساع، حتى إننا صرنا نسمع عن حالة انتحار أو أكثر في الإقليم يوميا".

وأوضح البيان، أن أسباب انتشار ظاهرة الانتحار يصعب حصرها نظرا لاختلاف أعمار المنتحرين من الجنسين، إضافة إلى تنامي ظاهرة انتحار الأطفال بين عامي 8 إلى 18 عامًا.

واتهم البيان السلطات بـ"عدم التحرك في مواجهة الظاهرة، الجميع يتقبل ارتفاع معدلات الانتحار بصمت، والمسؤولون لا يتخذون أي مبادرة للتعامل مع الأمر".

ودعا المسؤولين عن القطاع الصحي بالإقليم إلى الاهتمام بالعلاج النفسي وتوفير الأدوية وتنظيم حملات علاج لمن يعانون من أمراض نفسية وعصبية، مطالبا السلطات بدعم مبادرات مواجهة الظاهرة، عبر تسريع وتيرة إنجاز المشروعات التنموية. 

وشفشاون، إقليم سياحي شمالي يطل على البحر المتوسط، وهو معروف باسم "المدينة الزرقاء" لأن معظم مبانيه لونها أزرق، فيما أسست جمعية "نعم للحياة.. شباب ضد الانتحار" في يوليو 2021 على وقع تصاعد معدلات الانتحار بالإقليم.

وتنتشر ظاهرة الانتحار في كافة ربوع المغرب، لكن إقليم شفشاون يظل الأعلى معدلا في عموم البلاد، رغم غياب الإحصاءات الرسمية بشأن هذه الظاهرة.

غير أن البنك الدولي، رصد في تقرير منتصف العام الماضي، وقوع 7.2 حالة انتحار بين كل 100 ألف نسمة في المغرب، وهو الرقم الذي ارتفع بحسب منظمات غير حكومية محلية.

ورصدت الصحف المغربية، تسجيل 32 حالة انتحار خلال الفترة من مطلع ديسمبر 2021 وحتى 11 يناير 2022، محذرة من ارتفاع معدلات الظاهرة على خلفية تدهور الظروف المعيشية وانتشار الاضطرابات النفسية والعصبية.

وسجلت جمعية "السيدة الحرة" (غير حكومية، مقرها إقليم شفشاون) 240 حالة انتحار خلال 7 السنوات الأخيرة بالإقليم، أي بمعدل حالة كل 10 أيام. 

وعزت الجمعية أسباب ارتفاع معدل الانتحار في الإقليم إلى عوامل اقتصادية ترتبط بالفقر وانتشار البطالة، إلى جانب العلاقات العاطفية وزنا المحارم والحمل خارج مؤسسة الزواج، بالإضافة إلى الأعراف القبلية التي تعطي للأسر سلطة التحكم في أبنائها. 

مشروع قومي

بدورها، قالت مسؤول المبادرات الاجتماعية بـ"جمعية نعم للحياة" نور بودن، لـ"جسور بوست"، إن ارتفاع معدلات ظاهرة الانتحار مقلق للغاية، لا سيما وأن المجتمع بات يتعامل معها بمشاعر متبلدة وعدم اكتراث. 

وأضافت بودن: "إذا لم تتحرك السلطات لعلاج الأشخاص الذين يعانون اضطرابات نفسية وعصبية، وإيجاد حلول للفقر والأزمات الاجتماعية والأسرية، فمن المرجح أن نكون أمام كارثة إنسانية خلال عامين أو 3 أعوام على الأكثر. 

وأكدت أن المشكلة الأكبر، التي أظهرتها الأبحاث الميدانية، أن الشباب والأطفال اعتادوا نفسيًا على فكرة إنهاء الشخص حياته بنفسه، وأصبح كثير منهم لا يهاب المسألة، حتى بات الانتحار وسيلة مطروحة لتخلص الشخص من أزماته. 

وأوضحت: "نرى أنه لا بد من تحرك قطاع الصحة في الدولة، تجاه وضع مبادرات علاج وتحسين الصحة النفسية لشباب الإقليم وجميع أنحاء البلاد، والجمعية تقدمت للمؤسسات الحكومية بخطط ومبادرات لكن أحدا لم يهتم". 

وتابعت: "وزارة الأسرة والتضامن رفضت برنامج تمويل لدعم الأنشطة الهادفة لرصد الظاهرة والعمل على الحد منها، بدعوى أن الانتحار ليس من بين برامجها". 

من جانبه، قال، الناشط الحقوقي من إقليم شفشاون نبيل المهاجري لـ"جسور بوست"، إن الأزمة تحتاج إلى تكاتف جهود كافة مؤسسات البلاد، لتنفيذ برامج ومبادرات قوية تقوى على التصدي لهذه الظاهرة".

وأضاف المهاجري: "أولًا وقبل أي شيء لا بد أن تتحرك الحكومة المغربية لدراسة تفشي ظاهرة الانتحار في المغرب بشكل عام، وفي إقليم شفشاون بشكل خاص". 

وأوضح أن المغرب أمام خطر حقيقي يهدد السلم والأمن المجتمعي، ومنظمات المجتمع المدني تحذر منه طوال سنوات دون انتباه من الحكومة أو الأجهزة المعنية. 

وأشار إلى أن دراسة الظاهرة على المستوى الوطني وبشكل علمي، سيمكن الدولة من صياغة تشريعات ووضع خطط وبرامج للتعامل مع الأزمة وبشكل سريع وحاسم. 

وقال المهاجري: "الأزمة الاقتصادية وعجز الشباب عن توفير الاحتياجات الأساسية، ساهم في انتشار الإحباط، ودفع الكثيرين إلى الوقوع في براثن الأمراض النفسية والإدمان، وكلها أسباب تؤدي إلى الانتحار". 

وأضاف: "الشباب أصبحوا يفضلون الموت على الحياة، لأنهم يرون أن حياتهم لا قيمة ولا معنى لها، لذلك نحتاج إلى مشروع وطني يعيد الأمل للجميع بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية". 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية