إلغاء تأشيرة وولي سوينكا.. واشنطن تُحوّل الحق في حرية التنقل إلى أداة سياسية

بعد معارضته لسياسات الرئيس ترامب

إلغاء تأشيرة وولي سوينكا.. واشنطن تُحوّل الحق في حرية التنقل إلى أداة سياسية
الكاتب النيجيري وولي سوينكا

أعلن الكاتب النيجيري وولي سوينكا، المعروف بمعارضته للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن السلطات الأمريكية ألغت تأشيرته، بعد أن أصدرت القنصلية العامة الأمريكية في لاغوس رسالة تذكر أن "معلومات إضافية أصبحت متاحة" بعد إصدار التأشيرة في أبريل 2024، وفق ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز".

وأوضحت الرسالة المؤرخة في 23 أكتوبر الجاري، والتي حصل وكيل سوينكا على نسخة منها واطلعت عليها الصحيفة، أنه إذا أراد سوينكا السفر إلى الولايات المتحدة في المستقبل فعليه التقدّم بطلب لتأشيرة جديدة.

أبلغ الكاتب وولي سوينكا، خلال مؤتمر صحفي عقده في لاغوس، أنه طُلب منه الحضور لإجراء مقابلة إضافية في 11 سبتمبر لكنها قُدمت ولم يحضرها، ونقلت عنه الصحيفة الأمريكية قوله: "الأمر لا يتعلق بي، فأنا لست مهتمًا حقًا بالعودة إلى الولايات المتحدة.. لكن الأمر يتعلق بمبدأ.. يستحق البشر أن يُعاملوا معاملة كريمة أينما كانوا".

وصف سوينكا رسالة القنصلية بعبارات مختلفة في مؤتمره الصحفي، وقرأها بصوت عالٍ أمام الصحفيين معبرًا عن موقفه ومماطلة القنصلية في توضيح سبب إلغاء التأشيرة.

قرار القنصلية

أشارت وكالة "رويترز" إلى أن التأشيرة التي أُلغيت قد مُنحت لسوينكا في أبريل 2024، وأن رسالة القنصلية المؤرخة في 23 أكتوبر أتت بعد ذلك تطلب من سوينكا إعادة تقديم طلب إن رغب في زيارة الولايات المتحدة مجددًا، ونقلت الوكالة عن الرسالة أن "معلومات إضافية أصبحت متاحة" بعد إصدار التأشيرة، دون توضيح ماهية تلك المعلومات أو تقديم أسباب أخرى.

وأشار التقرير أيضًا إلى أن الخارجية الأمريكية فرضت في يوليو قيودًا على مدة التأشيرات الجديدة للمواطنين النيجيريين، لتمنح دخولًا لمرة واحدة لمدة ثلاثة أشهر بدلًا من تأشيرات دخول متعددة كانت تصل مدتها إلى خمس سنوات، وفق ما نقلته رويترز عن إعلان السفارة الأمريكية في نيجيريا.

وذكر المصدر أن هذه التغييرات في سياسة التأشيرات جاءت في سياق إجراءات إدارية أوسع، لكنها لم ترتبط بتفاصيل خاصة بقضية سوينكا سوى ما ورد في الرسالة الموجهة إليه.

سجل سوينكا السياسي

ذكر تقرير نشرته "أسوشيتد برس" أن وولي سوينكا الذي نال جائزة نوبل في الأدب عام 1986، عرف بمواقفه المعارضة، وأنه مزّق بطاقة إقامته الخضراء بعد انتخاب دونالد ترامب في 2016 تعبيراً احتجاجياً.

أوردت الوكالة أن سوينكا شبّه الرئيس الأمريكي بالدكتاتور العسكري، عيدي أمين، في تصريحاته الأخيرة، وأن هذه العبارات كانت جزءًا من سياق أوسع لتصريحات عامة ناقشتها وكالات أنباء ومحطات أخرى.

وأكّدت الوكالة أن القنصلية الأمريكية في لاغوس أحالت جميع الأسئلة إلى وزارة الخارجية في واشنطن، وأن متحدثًا باسم الوزارة رفض مناقشة تفاصيل حالة سوينكا، مشيرًا إلى أن سجلات التأشيرات سرية عمومًا، وأن "التأشيرات امتياز وليست حقًا، ويمكن إلغاؤها في أي وقت وفقًا لتقدير الحكومة الأمريكية، متى ما اقتضت الظروف ذلك".

ورد هذا التوضيح الرسمي في صورة بريد إلكتروني نقلته نيويورك تايمز وذكرت "أسوشيتد برس" بعضًا من صيغته، ما يعكس موقع السلطة التقديرية لدى المؤسسات الأمريكية في معالجة ملفات التأشيرات.

دعوة المقابلة

أشار تقرير رويترز إلى أن سوينكا أطلع الصحفيين على نسخة من رسالة القنصلية التي طلبت منه إحضار جواز سفره لإتمام إجراءات إلغاء التأشيرة، وأن الرسالة نفسها لم تشرح تفاصيل "المعلومات الإضافية" التي أُشير إليها.

نقلت الوكالة عن سوينكا قوله ما معناه: "ليس لدي تأشيرة، أنا ممنوع من الدخول، وإذا أردتم مقابلتي، فأنتم تعرفون أين تجدونني"، في تعليق يظهر مزيجًا من التهكم والرفض للمقاربة الإدارية.

ومن جانبها، أفادت "الغارديان" أن سوينكا قرأ الرسالة بصوتٍ عالٍ أمام الصحفيين ووصفها ممازحاً "رسالة حب غريبة نوعًا ما من سفارة"، وأنه أبلغ الإعلام أنه "راضٍ جدًا" عن إلغاء تأشيرته، في حين تحدثت الصحيفة عن خلفية مواقف سوينكا النقدية لرئاسة ترامب باعتبارها سياقًا يفسّر حساسية القضية وتأويلاتها المحتملة لدى الرأي العام.

الرد الرسمي

نقلت "نيويورك تايمز" عن متحدث باسم وزارة الخارجية أنّه لا يناقش تفاصيل القضايا الفردية المتعلقة بالتأشيرات، مشدّدًا على أن سجلات التأشيرات سرية وأن القرار التقديري يعود للحكومة.

أوضح التقرير أنّ عبارة "التأشيرات امتياز وليست حقًا" وردت في رسالة بريد إلكتروني من المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية، وهو نص متداول بين المصادر التي غطت الموضوع.

وذكر تقرير "أسوشيتد برس" أن الرسالة المبلّغ بها سوينكا لم توضح ماهية المعلومات الإضافية التي أدت إلى الإلغاء، وأن سوينكا نفسه لم يرد على طلبات متعددة للتعليق بعد المؤتمر الصحفي.

وأضافت الوكالة أن سوينكا أشار بصورة ساخرة إلى بطاقته الخضراء السابقة فقال إنّها "تعرضت لحادث" قبل ثماني سنوات وسقطت "بين مقص"، في إشارة إلى تمزيقها احتجاجًا على فوز ترامب، وهو جزء من الوقائع التي ربطتها وسائل الإعلام بسجل مواقفه من الرئيس الأمريكي.

خلفية تاريخية

درس سوينكا حائز جائزة نوبل في الأدب عام 1986، في جامعات أمريكية مرموقة منذ منتصف التسعينيات، وهو معروف دوليًا بأعماله الأدبية ونقده للديكتاتوريات والسلطات القمعية.

وأشارت التقارير إلى أن روايته الأخيرة ونشاطه الثقافي حصلا على تغطية، وأنه ظل شخصية بارزة في الساحة الأدبية والثقافية، مع تكرار الإشارة إلى مسرحية "الموت وفارس الملك" وأعمال أخرى رُفعت على مسارح دولية بحسب ما نقلته الغارديان.

سوينكا لم يقدّم طلبًا جديدًا للتأشيرة فورًا، وعبر عن موقفه بأن القضية تتجاوز شخصه، مستشهدًا بتصريحاته عن الكرامة وحق المعاملة الكريمة، في حين لم تقدم الجهات الرسمية شرحًا محددًا للمعلومات الإضافية المذكورة في رسالة القنصلية.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية