وسط تحذيرات أممية.. تصاعد النزاعات يضاعف معاناة النساء والفتيات حول العالم

وسط تحذيرات أممية.. تصاعد النزاعات يضاعف معاناة النساء والفتيات حول العالم
معاناة النساء بسبب النزاعات - أرشيف

يتجه العالم نحو مرحلة خطيرة من العنف الممنهج والاضطرابات المسلحة التي لم يشهد لها مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية، وفق أحدث تقارير الأمم المتحدة التي حذرت من أن تصاعد بؤر الصراع حول العالم جعل من حياة النساء والفتيات والفئات المستضعفة جحيمًا يوميًا يتسع نطاقه عامًا بعد عام.

وأوضحت هيئة الأمم المتحدة أن العالم يعيش اليوم ذروة جديدة من العنف، إذ بلغ عدد النزاعات النشطة 56 نزاعًا، وهو أعلى رقم منذ عام 1946، ما يعرّض الملايين من النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة لمخاطر غير مسبوقة من التهجير والعنف والانتهاكات، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الأربعاء.

نساء على خط النار

أكد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لعام 2025 حول "المرأة والسلام والأمن" أن نحو 676 مليون امرأة يعشن في مناطق تبعد أقل من خمسين كيلومترًا عن بؤر نزاع مميتة، وهي أعلى نسبة تُسجّل منذ تسعينيات القرن الماضي. 

وأشار التقرير إلى أن الصراعات المستمرة والتوترات الإقليمية أسهمت في تصاعد العنف القائم على النوع الاجتماعي، وارتفاع معدلات الاستغلال والاغتصاب والعنف الأسري داخل مناطق النزاع.

وأوضحت الهيئة أن قرارات خفض التمويل وتقليص المساعدات الحكومية ضاعفت من حدة الأزمة، إذ توقف أكثر من ثلث منظمات حقوق المرأة عن تقديم خدماتها أو علّقت برامجها الخاصة بإنهاء العنف ضد النساء والفتيات، في حين أغلقت 40% منها مراكز المأوى والدعم النفسي والاجتماعي، إضافة إلى تراجع فرص الناجيات في الحصول على الرعاية القانونية والطبية الأساسية.

تمويل يتراجع ومخاطر تتزايد

أكدت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن 78% من المنظمات العاملة في الميدان لاحظت انخفاضًا حادًا في فرص حصول النساء على الخدمات الأساسية، في حين أبلغ 59% من المنظمات عن ازدياد حالات الإفلات من العقاب وتطبيع العنف ضد النساء.

وأوضحت الهيئة أن نقص التمويل يتزامن مع موجة عالمية من الردة على حقوق المرأة في بلد واحد من كل أربعة بلدان، مؤكدة أن هذا الانكماش في الدعم الدولي يهدد بتفكك الجهود التي بُذلت على مدى عقود لمكافحة العنف الجنسي والتمييز القائم على النوع الاجتماعي.

وتشير التقديرات إلى أن 736 مليون امرأة –أي ما يقرب من واحدة من كل ثلاث نساء– تعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي على يد شركائهن أو أفراد من أسرهن، ما يجعل العنف ضد المرأة من أكثر الأزمات الإنسانية تفشيًا وصمتًا في عالمنا المعاصر.

بيئة خطرة وصحة مهددة

تتعدد المخاطر التي تحاصر النساء، من تدهور البيئة والتلوث والجفاف والتصحر، إلى التمييز في الحصول على الخدمات الصحية والمالية. 

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن فترات الكوارث والنزاعات المسلحة تزيد من معدلات العنف الجنسي والاستغلال، نتيجة انهيار البنية التحتية وصعوبة الوصول إلى الموارد الأساسية.

كما تؤدي الأمراض والمضاعفات الصحية مثل النزيف والولادة المتعسرة وارتفاع ضغط الدم وسوء التغذية إلى ارتفاع معدلات وفيات النساء أثناء الحمل والولادة، في حين تسهم الضغوط النفسية والاجتماعية الناتجة عن فقدان الأحباء والنزوح القسري في تدهور الصحة العقلية للنساء والفتيات في مناطق النزاعات.

عالم يموج بالعنف

أظهر تقرير معهد الاقتصاد والسلام لعام 2025 أن 92 دولة حول العالم متورطة في صراعات خارج حدودها، وهو الرقم الأكبر منذ إنشاء مؤشر السلام العالمي عام 2007 الذي يقيس درجة السلم في 163 دولة استنادًا إلى 23 مؤشرًا فرعيًا تشمل الأمن الداخلي ومستوى العسكرة والاستقرار السياسي.

وتكشف البيانات عن توزيع غير متكافئ للنزاعات، حيث يتمركز نصفها تقريبًا في القارة الإفريقية، في حين تحتدم أخرى في آسيا والشرق الأوسط، ثم أوروبا والأمريكتين. 

وتشير الأمم المتحدة إلى أن تعقّد مشهد الحروب في إفريقيا، بتداخل أطراف محلية ودولية، جعل من الصعب على المنظمات الإنسانية الوصول إلى المدنيين أو تقديم المساعدات بشكل آمن.

نداء لحماية النساء

دعت هيئة الأمم المتحدة جميع الدول الأعضاء إلى زيادة التمويل المخصص للمنظمات النسائية، وإلى إدراج حماية النساء والفتيات في صلب السياسات الأمنية والتنموية، مؤكدة أن “السلام الدائم لا يمكن أن يتحقق دون مشاركة النساء في صنع القرار”.

وشدد التقرير الأممي على أن النساء لسن فقط ضحايا النزاعات، بل فاعلات أساسيات في بناء السلام، لكن تجاهلهن وتمييز العالم ضدهن يكرّس دائرة عنف لا تنتهي. 

وفي ظل تصاعد الحروب وتراجع المساعدات، تظل المرأة –كما وصفها التقرير– “الوجه الأكثر صلابة في زمن الانكسارات الإنسانية”.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية