خبيرة ألمانية: السياسات الجديدة لم تنجح في تقليص أعداد طالبي اللجوء
خبيرة ألمانية: السياسات الجديدة لم تنجح في تقليص أعداد طالبي اللجوء
في وقتٍ تتزايد فيه النقاشات حول سياسات الهجرة في أوروبا، تقف ألمانيا أمام تساؤل محوري.. هل السياسات الجديدة نجحت فعلاً في تقليص أعداد طالبي اللجوء، أم العوامل الإقليمية والدولية هي من رسمت المشهد؟
من بين هذه الأسئلة برز صوت الخبيرة فيكتوريا ريتيج التي اختارت أن تضع النقاش في إطاره الواقعي، مؤكدة أن التراجع في أعداد اللاجئين القادمين إلى ألمانيا لا يُعد إنجازاً سياسياً بقدر ما هو انعكاس لتحولات كبرى تجري خارج حدودها، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، اليوم الأربعاء.
وقالت خبيرة الهجرة فيكتوريا ريتيج، رئيسة مركز الهجرة في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، إن سياسة الهجرة التي تنتهجها الحكومة الائتلافية المحافظة لم تؤدِّ إلى تغيير ملموس في عدد طالبي اللجوء في ألمانيا.
وجاءت تصريحاتها خلال مشاركتها في فعاليات أيام الهجرة في نورمبرج التي ينظمها المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، حيث أكدت أن الانخفاض الملحوظ في طلبات اللجوء هذا العام يعود إلى تطورات سياسية في سوريا، إضافة إلى الاتفاقات الدولية التي أبرمتها أوروبا مع دول عبور المهاجرين.
الأرقام تكشف الاتجاه الحقيقي
أوضحت بيانات المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين أن ألمانيا تلقت 142 ألفًا و495 طلب لجوء خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025، منها 97 ألفًا و277 طلبًا أوليًا، وهو ما يمثل انخفاضًا يقارب النصف مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأشارت الأرقام إلى أن هذا التراجع بدأ فعليًا قبل تشكيل الحكومة الجديدة في مايو الماضي، إذ انخفضت الطلبات الأولى بين يناير وأبريل بنسبة 43% تقريبًا، ما يعني -بحسب ريتيج- أن السياسة الداخلية لم تكن العامل الحاسم في هذا التراجع.
ولفتت الباحثة إلى أن التحولات الميدانية والسياسية في سوريا لعبت دورًا جوهريًا في تقليص موجات اللجوء، إلى جانب الاتفاقات التي عقدها الاتحاد الأوروبي مع دول مثل تركيا وتونس بهدف الحد من الهجرة غير النظامية.
وأضافت أن هذه التطورات أسهمت في خفض تدفقات اللاجئين نحو ألمانيا، مشيرة إلى أن الأثر الحقيقي لسياسات الحكومة الائتلافية لا يزال محدودًا حتى الآن، خصوصًا في ظل التحديات الإدارية التي تواجه عملية دمج اللاجئين وتقييم طلباتهم.
سياق أوسع للنقاش
تأتي تصريحات ريتيج في وقتٍ تتصاعد فيه الضغوط السياسية على الحكومة الألمانية من أطراف اليمين المحافظ التي تطالب بتشديد القيود أكثر على الهجرة واللجوء.
في المقابل، تحذر منظمات حقوقية من أن التركيز المفرط على خفض الأعداد قد يُضعف الالتزامات الإنسانية لألمانيا بوصفها إحدى الدول الرائدة في استقبال اللاجئين منذ أزمة عام 2015، عندما فتحت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل أبواب البلاد لمئات الآلاف من الفارين من الحرب السورية.
واختتمت ريتيج مداخلتها بالتأكيد أن ألمانيا بحاجة إلى سياسة هجرة متوازنة تراعي الأمن والاندماج، لكنها لا تتخلى عن القيم الإنسانية التي شكّلت جزءًا من هويتها الحديثة.
وقالت في كلماتها الختامية: "الهجرة ليست أزمة، بل واقع عالمي يحتاج إلى إدارة عادلة وإنسانية".
وبينما تستعد برلين لتقييم سياساتها الجديدة، يبدو أن الطريق نحو التوازن بين المصالح الوطنية والالتزامات الإنسانية لا يزال طويلاً وشائكًا.











