فجوات حادة بين العرب واليهود.. ثلاثة ملايين شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي في إسرائيل
فجوات حادة بين العرب واليهود.. ثلاثة ملايين شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي في إسرائيل
كشف تقرير التأمين الوطني الإسرائيلي لعام 2024 عن صورة مقلقة لاتساع ظاهرة انعدام الأمن الغذائي في إسرائيل، حيث تبين أن أكثر من ربع الأسر، أي ما نسبته 27.1 في المئة، غير قادر على توفير الغذاء بالكميات أو الجودة الضرورية.
ويمثل ذلك نحو 2.8 مليون شخص يعيشون حالة عوز غذائي متواصل، رغم تسجيل تراجع طفيف مقارنة بالعام الماضي الذي بلغت فيه النسبة 30.8 في المئة، ويرى التقرير الصادر يوم أمس الأحد أن هذا الانخفاض لا يعكس تحسناً فعلياً في الظروف المعيشية، بل يرتبط جزئياً بنقل مئات آلاف السكان إلى فنادق خلال حرب غزة، حيث حصلوا على وجبات ثابتة ومنتظمة وفق صحيفة "هارتس" العبرية.
منهجية المسح ونتائجه
اعتمد التقرير على مسح واسع شمل خمسة آلاف شخص بين مايو ونوفمبر 2024، مستخدماً نسخة مختصرة من استبيان وزارة الزراعة الأمريكية الذي يحدد مستويات الجوع ونوعية الغذاء المتاح للأسر، وأظهرت النتائج وجود فجوات عميقة بين المجموعات السكانية، حيث تعيش 58 في المئة من الأسر العربية داخل الخط الأخضر في حالة انعدام أمن غذائي، في حين لا تتمتع سوى نسبة محدودة لا تتجاوز 10 في المئة بأمن غذائي مرتفع.
فجوات سكانية واقتصادية
أشار التقرير إلى أن الأسر العربية في إسرائيل، خصوصاً تلك التي تضم أطفالاً، تواجه معدلات انعدام أمن غذائي تزيد بنحو ثلاثة أضعاف ونصف مقارنة بالأسر اليهودية غير الحريدية، كما تبلغ نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى الحريديم 25 في المئة، وتتصدر منطقة الشمال المؤشر بنسبة 36.7 في المئة من الأسر التي تعاني مستويات منخفضة أو منخفضة جداً من الأمن الغذائي، ما يعكس ارتباط الظاهرة بضعف البنية الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة في هذه المناطق.
العلاقة المباشرة بالدخل
يرتبط مستوى الأمن الغذائي بشكل وثيق بمستويات الدخل، حيث كشف التقرير أن ما يقارب نصف الأسر الواقعة ضمن الشرائح الاقتصادية الدنيا أي 47.6 في المئة تعاني انعداماً في الأمن الغذائي، ويشير ذلك إلى هيكل اقتصادي يزداد فيه العبء على الفئات الضعيفة مع استمرار التضخم واتساع فجوة الدخل.
تداعيات اقتصادية واجتماعية
يحذر التقرير من آثار واسعة لهذه الأزمة على الاقتصاد الإسرائيلي، إذ يسهم سوء التغذية في تراجع إنتاجية العمل وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، إضافة إلى آثار بعيدة المدى في رأس المال البشري لدى الأجيال الصاعدة، ويرى خبراء في التأمين الوطني أن الظاهرة لم تعد مجرد مشكلة اجتماعية، بل تحولت إلى قضية اقتصادية تحتاج إلى معالجة منهجية.
وذكرت نيتسا كلاينر قصير، نائبة مدير قسم البحث والتخطيط، أن الأسر غير القادرة على تحمل كلفة الغذاء الصحي هي الأكثر عرضة للأمراض والتغيب عن العمل وضعف التحصيل الدراسي.
دعوات لخطة وطنية شاملة
دعا التأمين الوطني إلى اعتماد خطة وطنية لمعالجة الأزمة، تتضمن توسيع برامج التغذية المدرسية في المناطق المحرومة، وزيادة مخصصات المعيشة، ورفع ميزانيات المساعدات الغذائية بما يتناسب مع ارتفاع تكاليف المعيشة. ويؤكد التقرير أن خفض نسبة انعدام الأمن الغذائي بمقدار نقطة مئوية واحدة فقط قد يوفر عشرات ملايين الشواقل سنوياً، ما يجعل التدخل الاقتصادي والاجتماعي ضرورة ملحة وليست خياراً سياسياً.
يشكل الأمن الغذائي أحد المؤشرات المركزية لقياس العدالة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي في الدول المتقدمة، وفي إسرائيل، تتقاطع أزمات الدخل المرتفع وارتفاع الأسعار مع فجوات عرقية واقتصادية مزمنة تعمق حالة العوز الغذائي لدى شرائح واسعة من الأسر العربية والفئات المهمشة، وبرغم برامج الرعاية الاجتماعية القائمة، فإن معظمها لا يواكب مستويات التضخم وزيادة تكاليف الغذاء، ما يدفع نحو الحاجة إلى سياسات متكاملة تشمل دعم الدخل، وتعزيز الأمن الغذائي للأطفال في المدارس، وتطوير آليات مراقبة حكومية أكثر فاعلية لتحديد الفئات المعرضة للخطر.








