مقتل شاريتا كريستويل يكشف فشل السلطات الأمريكية في حماية ضحايا العنف الأسري
قتلت على يد شريكها السابق
أخبرت شاريتا كريستويل، البالغة من العمر 29 عامًا، الشرطة في صباح 16 يونيو بأن حبيبها السابق ووالد طفليها، هاري دومينيك ليندسي، قد ضربها وحاول خنقها، وفقًا لوثائق المحكمة التي نشرتها "واشنطن بوست".
وقالت جويس كريستويل، والدة شاريتا بالتبني: "عندما رأيتها قلت لها: ريتا، ما بك؟"، قبل أن ألاحظ الكدمات على صدرها وذراعيها ورقبتها، وأشار الادعاء العام في مقاطعة برينس جورج إلى أن ليندسي متهم بالاعتداء من الدرجتين الأولى والثانية، وفي أول جلسة استماع، جادل الادعاء بأن ليندسي خطير للغاية بحيث لا يمكن إعادته إلى المنزل قبل المحاكمة، بينما طلبت شاريتا إخلاء سبيله، معتبرة أنه "أب مجتهد" لطفليهما.
أفادت شاريتا الشرطة بأن ليندسي أرسل لها مقطع فيديو سرّي قبل الاعتداء المزعوم، وسألها: "هذه سيارتك، أليس كذلك؟"، ثم اتصل بها قائلاً: "ستموتين أنتِ وهذا الوغد"، ووفقًا للشرطة، سحبها من السرير وصفعها وكممها عدة مرات قبل أن يجرّها إلى غرفة المعيشة، فيما تمكنت شاريتا من الهرب وحبس نفسها في الحمام للاتصال بالطوارئ، وقالت: "لا أستطيع التنفس، وأعتقد أنني سأموت".
محاولات للهرب من العلاقة
تلقت أليكسيس براون، ابنة أخت شاريتا، مكالمة من شاريتا في مايو، طالبت فيها بالبقاء معها بعد تعرضها للاعتداء أمام ابنتيها، قالت براون: "كانت الفتاتان في الخلف تبكيان.. كانت تقول إنها لم تعد قادرة على تحمل ذلك".
وأوضحت دينا هاوسنر، مديرة العيادة القانونية للعنف المنزلي في مركز "هاوس أوف روث ماريلاند": "الأمر يتعلق بالأسباب التي منعتها من المغادرة، سواء كان الخوف أو نقص الموارد أو التعامل الصعب مع النظام القانوني".
وأوضحت إن النساء غالبًا ما يُقدمن على ست إلى ثماني محاولات لترك علاقة مسيئة قبل أن يُقررن ذلك في النهاية، مؤكدة ان قرار المغادرة ليس سهلًا أبدًا -غالبًا ما يُعرّض الناجيات لأكبر قدر من الخطر- وعادةً ما يعتمد على المال والموارد ودعم أفراد الأسرة أو حتى مكان للإقامة.
تقييم خطورة العنف
أظهر تقييم روتيني لخطر العنف المنزلي أن شاريتا كانت أكثر عرضة لخطر القتل المنزلي، بحسب وثائق الشرطة، وأشارت جاكلين كامبل، الممرضة والأستاذة في كلية جونز هوبكنز للتمريض، إلى أن النساء اللواتي نجين من الاختناق أكثر عرضة للقتل على يد شريكهن بـ7.5 مرة، مؤكدة أن ما حدث لشاريتا "يعكس إخفاق النظام في حمايتها".
الإجراءات القانونية
تقدمت شاريتا إلى مركز موارد عائلة فيرجينيا ويليامز لتقديم طلب سكن طارئ، لكنها رُفضت في البداية بسبب اسمها على قسيمة السكن الخاصة بوالدتها، توجهت الأسرة إلى مكتب هيئة الإسكان لإزالة الاسم، ثم عادت لتقديم طلب جديد، وحصلت شاريتا على الورقة قبل يومين من وفاتها، وفق صديقها تشيك بانكس.
أوضح العريف إلفيا فيلا-جراندا، المحققة في وحدة الجرائم الخاصة بشرطة مقاطعة برينس جورج، أن الإفراج تحت المراقبة الإلكترونية شائع في قضايا العنف المنزلي التي تنطوي على الخنق، وأن القرار القضائي غالبًا ما يكون خارج نطاق السيطرة المباشرة للشرطة.
إطلاق سراح ليندسي
أصدر القاضي أمرًا بوضع ليندسي تحت المراقبة وطلب عدم الاتصال العنيف بشاريتا، رغم سجل الاعتداءات السابقة وطبيعة الجريمة المزعومة، وأوضح لين سترينج، المدافع عن الناجيات من العنف الأسري: "الضحية تمر بمعاناة شديدة.. لا أريد أن أُضرب.. لا أريد أن أُخنق".
يوم الوفاة
وصلت شاريتا إلى شقة ليندسي-ديفيس مع ابنتيها، وسُمح لهما بالالتقاء كجزء من إطلاق سراح ليندسي، مع أمر بعدم الاتصال العنيف، أفاد شهود عيان بسماع شجار وطلقتين ناريتين، ثم رؤية ليندسي وهو يوجه المسدس نحو شاريتا ويهرب بعد إسقاطه.
تم العثور على ليندسي في اليوم التالي بواسطة وحدة الهاربين التابعة لشرطة مقاطعة برينس جورج باستخدام لقطات كاميرات المراقبة، ويُحتجز رهن الاحتجاز حتى محاكمته المقررة في ديسمبر أمام المحكمة، ثم يناير أمام هيئة المحلفين.
الآثار العائلية
تسببت وفاة شاريتا في نزاع على حضانة ابنتيها بين والدتها الحقيقية جويس ماكوتر ووالدة ليندسي، حيث تقدمت ماكوتر بطلب الحضانة بعد يوم من الجنازة، وقالت جويس كريستويل: "لو أبقوه في السجن، لكانت ابنتي على قيد الحياة"، وأضافت أن ذكريات شاريتا وممتلكاتها، هي كل ما تبقى من وجودها.
العنف المنزلي
تعكس قصة شاريتا الواقع المعقد للعنف المنزلي، ونظامًا غالبًا ما يخذل الأشخاص الذين يُفترض أن يحميهم، وفقًا للمدعين العامين والخبراء وأفراد الأسرة، فعلى الرغم من إقرار ولاية ماريلاند قانونًا قبل خمس سنوات يُجرّم الخنق، يقول الخبراء إن القضايا لا تزال تُعامل باستخفاف في نظام المحاكم، حيث يُعدّ الحفاظ على سلامة الناجين من العنف المنزلي واحترام الحقوق الدستورية للمتهم أمرًا بالغ الصعوبة.
قد يغفل الأشخاص في العلاقات المسيئة أيضًا عن علامات الخطر المتصاعد، أو يتمسكون بالأمل في أن يكون المعتدي عليهم قادرًا على التغيير، حتى بعد تحمّل أشهر أو سنوات من العنف، قد تكون النتيجة مميتة، حيث قُتل أكثر من 100 شخص في ماريلاند على يد شريك بين عامي 2020 و2022، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن شبكة ماريلاند لمناهضة العنف المنزلي، وهي تحالف غير ربحي.
على مدار العقد الماضي، وقّع مسؤولو الولايات والحكومات المحلية تشريعات، واعتمدوا سياسات، ووسّعوا نطاق الخدمات لحماية الناجيات من العنف الأسري والحد من جرائم القتل المرتبطة به، وقد ركّزت الولاية بشكل خاص على الخنق، الذي يُعدّ الآن جناية في ولاية ماريلاند تصل عقوبتها إلى السجن 25 عامًا.
أصدرت الولاية قانونًا يُجرّم الخنق في عام 2020، حذو ولايات أخرى، على أمل منع تصاعد العنف وجرائم القتل، وكتبت كامبل، الممرضة والأستاذة في جامعة جونز هوبكنز، في رسالة دعم لمشروع القانون قبل توقيعه، أن ما يُقدّر بـ3000 إلى 10000 امرأة يُخنقن سنويًا في ماريلاند.
إنها جريمة قد تُؤدي إلى قطع إمداد الدماغ بالدم، وقد تُسبب إصابات داخلية كالنزيف والسكتة الدماغية وكسور غضروف الرقبة، قد يستغرق الأمر من 10 إلى 15 ثانية، وضغطًا أقل من الضغط اللازم لفتح علبة صودا، حتى يفقد الشخص وعيه، ويمكن أن تحدث الوفاة في أقل من خمس دقائق.
تُظهر بيانات الشرطة انخفاض حالات العنف المنزلي بنسبة 8% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي في مقاطعة برينس جورج، مما يعكس انخفاضًا في جرائم العنف على مستوى البلاد. إلا أن إدارة شرطة المقاطعة حققت في 37 جريمة قتل بين شركاء حميمين خلال السنوات الخمس التي تلت دخول قانون الخنق في ماريلاند حيز التنفيذ، مقارنةً بـ 29 جريمة قتل بين شركاء حميمين خلال السنوات الخمس التي سبقت إقرار القانون، وخلال العام الجاري حققت الإدارة في 10 جرائم قتل بين شركاء حميمين في المقاطعة.











