شاركوا في عنف طائفي.. بدء محاكمة المتهمين في أحداث الساحل السوري

شاركوا في عنف طائفي.. بدء محاكمة المتهمين في أحداث الساحل السوري
محاكمة المتهمين في أحداث الساحل السوري

بدأت في مدينة حلب شمال سوريا أولى جلسات المحاكمة لمتهمين بالمشاركة في أعمال العنف التي اجتاحت منطقة الساحل في مارس من هذا العام، وأسفرت عن سقوط مئات القتلى، في خطوة اعتبرها مراقبون علامة على محاولة البلاد مواجهة إرث النزاع الدموي.

ويمثل أمام المحكمة 14 متهماً، بينهم سبعة متهمون ببدء أعمال العنف وهم من العسكريين السابقين خلال عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد، وسبعة آخرون من عناصر وزارة الدفاع التابعة للسلطات الانتقالية.

وقف المتهمون داخل قفص حديدي مغلق في حين تلا رئيس المحكمة التهم الموجهة إليهم واستجوبهم، في مشهد ألقى بظلاله على قلوب أهالي الضحايا الذين يتطلعون إلى العدالة، وأوضح القاضي أن المتهمين المرتبطين بالحكم السابق يواجهون اتهامات بجنايات الفتنة وإثارة الحرب الأهلية وتزعم عصابات مسلحة والاشتراك فيها ومهاجمة القوى العامة والقتل والنهب والتخريب وفق فرانس برس.

بين الإنكار والتبرير

أنكر بعض المتهمين مشاركتهم في أعمال العنف بالساحل، في حين حاول آخرون تبرير غيابهم عن الموقع، إذ أكد أحدهم أنه كان في لبنان أثناء وقوع الأحداث. وقد أرجأت المحكمة جلساتهم إلى 18 ديسمبر لمزيد من الاستجواب والتحقيق، أما المتهمون المرتبطون بوزارة الدفاع، فواجهوا تهم القتل العمد، وقد ظهر بعضهم في مقاطع فيديو يوثق فيها ارتكابهم أعمال عنف ضد المدنيين، وهو ما نفى أحدهم صحته، مدعياً استخدام مقاطع مُعدّة بالذكاء الاصطناعي، وقد أرجأت المحكمة النظر في قضاياهم إلى 25 ديسمبر المقبل.

إحصائيات القتلى والمتورطين

أعمال العنف التي شهدها الساحل السوري خلفت نحو 1700 قتيل معظمهم من العلويين، بحسب ما وثقه المرصد السوري لحقوق الإنسان، وقالت منظمات حقوقية وشهود عيان إن قوات الأمن ومجموعات مسلحة شنت مجازر وعمليات إعدام ميدانية ضد الأقلية العلوية، مستهدفة عائلات بأكملها، وبين الضحايا نساء وأطفال ومسنون، حيث اقتحم المسلحون المنازل واستفسروا عن الانتماء الطائفي للساكنين قبل أن يقتلوا البعض أو يتركوا آخرين، وقد وثق المسلحون بعض هذه العمليات عبر مقاطع فيديو صادمة، أظهرت إطلاق الرصاص من مسافة قريبة بعد توجيه الشتائم والاعتداء البدني على الضحايا.

لجنة التحقيق التي كلّفتها السلطات السورية أعلنت في يوليو تحديد هوية 298 شخصاً يشتبه بتورطهم في أعمال العنف، مؤكدة أن هذه الانتهاكات الجسيمة أسفرت عن مقتل 1426 علوياً، إضافة إلى 238 عنصراً من الجيش والأمن العام، ويُنظر إلى هذه المحاكمة على أنها محاولة رسمية لمساءلة المسؤولين عن الفظائع، رغم التحديات الكبيرة المرتبطة بتوثيق الأدلة وضمان محاكمة عادلة في ظل الانقسامات القائمة داخل المجتمع السوري.

أبعاد إنسانية واجتماعية

ويقول خبراء إن المحاكمة تحمل أبعاداً إنسانية واجتماعية مهمة، فهي تعكس حجم التحديات التي تواجهها البلاد في سبيل تحقيق العدالة بعد النزاعات الطائفية، وتسلط الضوء على معاناة الأقلية العلوية التي تعرضت لعنف غير مسبوق، ويشير هؤلاء إلى أن العدالة المتأخرة قد تكون الوسيلة الوحيدة لتخفيف المعاناة وتقديم رسالة واضحة بأن الإفلات من العقاب لن يكون ممكناً، وأن المجتمع الدولي والمحلي يراقب التطورات عن كثب.

وخلفية هذه الأحداث تعود إلى اندلاع أعمال عنف في الساحل السوري يوم السادس من مارس 2025، عندما شنت مجموعات مسلحة موالية للنظام السابق هجمات على القرى ذات الغالبية العلوية. استمرت أعمال العنف ثلاثة أيام، وأسفرت عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، بينهم نساء وأطفال، في موجة من الانتقام الطائفي دفعت بالمنظمات الحقوقية إلى وصفها بأنها مجازر منظمة، وقد تزامنت هذه الأحداث مع توترات سياسية واجتماعية أوسع في البلاد، ما زاد من هشاشة المجتمع المحلي وأدى إلى تفاقم الانقسامات الطائفية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية