وسط قلق حقوقي.. تأجيل محاكمة المدونة المغربية سعيدة العلمي لـ26 نوفمبر
وسط قلق حقوقي.. تأجيل محاكمة المدونة المغربية سعيدة العلمي لـ26 نوفمبر
أعادت المدوّنة المغربية سعيدة العلمي الجدل حول حقوق النساء داخل مراكز الاحتجاز، بعدما علّقت هذا الأسبوع إضرابها عن الطعام داخل سجن عكاشة بالدار البيضاء، وهو الإضراب الذي بدأته احتجاجاً على ظروف اعتقالها وتداعيات ملفها القضائي.
وجاء تعليق الإضراب بعد أسبوع من بدئه، وسط مخاوف جدية عبّرت عنها أسرتها بشأن "تدهور وضعها الصحي"، في وقت تتزايد فيه الأصوات الحقوقية التي تحذّر من هشاشة أوضاع السجينات وغياب آليات فعّالة للاستماع إلى شكاواهن، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء المرأة، اليوم الخميس.
وأكّد مصدر عائلي أن القضية أعادت تسليط الضوء على ملف حرية التعبير في المغرب، وعلى التمييز الذي تتعرض له بعض الناشطات والنساء الصحفيات، سواء داخل فضاء الإنترنت أو داخل المؤسسات العقابية.
وتزامن ذلك مع قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تأجيل محاكمة العلمي إلى 26 نوفمبر الجاري، من دون تقديم توضيحات إضافية بشأن وضعها الصحي أو الظروف المحيطة بتوقيفها.
اعتقال على خلفية منشورات
تعود قصة سعيدة العلمي إلى مطلع يوليو الماضي، حين أعادت السلطات اعتقالها على خلفية منشورات رقمية وصفتها النيابة العامة بأنها "مسيئة لمؤسسات الدولة".
ووُجّهت للعلمي تهم تتعلق بـ"إهانة القضاء وهيئات منظمة" و"نشر ادعاءات كاذبة"، وهي التهم نفسها التي تابعتها فيها المحاكم سابقاً، قبل استفادتها من عفو ملكي في صيف 2024.
ويُظهر تكرار المتابعة القضائية أن التعامل مع النقد الرقمي لا يزال خاضعاً لتقديرات واسعة، تُستخدم فيها مواد قانونية فضفاضة يمكن تأويلها على أكثر من وجه.
هشاشة وضع النساء
أعاد لجوء العلمي إلى الإضراب عن الطعام طرح سؤال أكبر يتعلق بواقع السجينات في المغرب، وبالوسائل المحدودة التي تمتلكها المعتقلات للاحتجاج على ما يعتبرنه انتهاكاً لحقوقهن.
وتؤكد منظمات حقوقية أن هذا الأسلوب غالباً ما يكون خياراً أخيراً "لأن أبواب الشكوى النظامية تبقى مغلقة أو غير فعّالة"، ما يدفع النساء إلى استخدام أجسادهن كوسيلة ضغط في مواجهة مؤسسات أكثر قوة وتعقيداً.
وأظهرت حالة سعيدة العلمي أن الناشطات النساء يواجهن تحديات مركّبة، لا ترتبط فقط بالقانون، بل بالثقافة المجتمعية والنظرة إلى صوت المرأة في المجال العام.
وبينما يُنظر إلى انتقاد المؤسسات عندما يصدر عن رجل باعتباره تعبيراً عن رأي، يتحوّل عندما يصدر عن امرأة إلى فعل "تمرد" ذي طابع شخصي أو أخلاقي، وهو ما يجعل الناشطات هدفاً لضغط مضاعف يجمع بين الرقابة المجتمعية والتضييق القانوني.
مطالب حقوقية برقابة مستقلة
دعت منظمات حقوق الإنسان إلى فتح باب المتابعة المستقلة لوضع السجينات، مؤكدة أن قضايا النساء داخل السجون تحتاج إلى آليات مراقبة شفافة، ولجان تفتيش تضم متخصصات في النوع الاجتماعي، من أجل ضمان حماية المعتقلات من أي انتهاكات محتملة، سواء تعلقت بظروف التوقيف، أو أساليب التحقيق، أو الرعاية الصحية.
وأبرزت قضية سعيدة العلمي هشاشة الحماية القانونية للنساء اللواتي يُتابعن في ملفات تتعلق بحرية الرأي، وكشفت أن التعامل مع الناشطات ما يزال محكوماً بثقافة تردع حضور النساء في الفضاء العام، وتُحملهّن مسؤولية "التجاوز" لمجرد تعبيرهن الحر.
ويُظهر هذا الملف أن الحاجة باتت ملحّة لإعادة تقييم التشريعات المنظمة للخطاب الرقمي، وتطوير سياسات تضمن عدم استخدام القانون كأداة لردع النساء عن المشاركة السياسية أو الصحافية.










