خلق مساحة للحوار.. شباب الجزائر يستعينون بالمسرح لمواجهة العنف ضد النساء

خلق مساحة للحوار.. شباب الجزائر يستعينون بالمسرح لمواجهة العنف ضد النساء
المسرح لمواجهة العنف ضد النساء - أرشيف

مع انطلاق حملة "16 يوماً من النشاط لمناهضة العنف ضد المرأة"، بدت العاصمة الجزائرية، أمس الجمعة، وكأنها تستعيد نبض قضية لا تموت، قضية ما تزال تثقل الحياة اليومية لآلاف النساء، وتشكّل أحد أبرز تحديات حقوق الإنسان في المنطقة. 

وفي خطوة لافتة، اختارت منظمة العفو الدولية في الجزائر بداية مبكرة للحملة هذا العام؛ رغبةً في توسيع دائرة المشاركة وخلق مساحة أطول وأعمق للحوار، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء المرأة.

وشهد مقر منظمة العفو الدولية فعاليات تمهيدية جمعت شباباً، فنانين، طلبة، وناشطين، في حدث حمل مزيجاً من الفن والتوعية والتجريب الاجتماعي

العنف القائم على النوع الاجتماعي

بدت المبادرة وكأنها محاولة لكسر الجمود الذي يحيط بملف العنف القائم على النوع الاجتماعي، خصوصاً في بلد تتداخل فيه التقاليد، غياب الوعي، وضعف آليات الحماية القانونية في خلق بيئة غير آمنة للنساء.

وتقول صوفيا بولصنام، منسّقة الحملة في منظمة العفو الدولية بالجزائر، إن الانطلاق المبكر للحملة يهدف إلى "توسيع مساحة التفاعل مع الفئات المختلفة، خصوصاً مع النساء اللواتي يعشن في وضعيات هشّة تحتاج عملاً مستمراً، لا نشاطاً موسميّاً". 

وتشدد على أن حماية النساء "قضية ممتدة، لا يمكن اختزالها في 16 يوماً فقط".

المسرح.. أداة لقول ما لا يُقال

أحد أبرز ملامح الحدث كان مسرح-المنتدى، وهو أسلوب يعتمد على التمثيل التفاعلي لعرض مشاهد مستوحاة من الواقع، ثم منح الجمهور حق التدخل والتعليق، في محاولة لفتح النقاش حول قضايا حسّاسة غالباً ما تُقابل بالصمت.

نجحت العروض في كشف المستويات العميقة للعنف -من السيطرة الاقتصادية والعنف الأسري إلى الصور النمطية المتجذرة في التربية والإعلام- وظهرت ردود الجمهور كأنها مرآة لقلق اجتماعي دفين.

كما جذبت لعبة "اكسر الرمز" اهتمام المشاركين، باعتبارها نموذجاً توعوياً يسمح بتفكيك مصادر عدم المساواة بين الجنسين بطرق بسيطة ومباشرة.

تعزيز دور المجتمع المدني

أوضحت بولصنام أن منظمة العفو الدولية قامت، خلال الأسابيع الماضية، بتنظيم سلسلة تدريبات لعدد من الشباب حول حقوق النساء وآليات الحماية القانونية، وهو ما اعتبرته ركيزة أساسية لخلق جيل قادر على قيادة النقاش وتوسيع دائرة الوعي.

وتضيف أن إشراك الشباب “ليس خياراً تجميلياً، بل ضرورة”؛ لأن فئة واسعة منهم تشهد -بشكل مباشر أو غير مباشر- مظاهر العنف الأسري والتحرش والخطاب العدائي ضد المرأة، ما يجعلهم جزءاً من المشكلة وجزءاً من الحل في الوقت ذاته.

ورغم الرمزية الكبيرة لحملة "16 يوماً من النشاط"، فإن منسّقة العفو الدولية تؤكد أن الأرقام والوقائع في المنطقة "تفرض عملاً على مدار العام"، خاصةً أن قضايا العنف ضد النساء ما تزال ترتبط بالصمت، ضعف الإبلاغ، والخوف من الوصم الاجتماعي.

وترى المنظمة أن الفن، الحوار، والتجريب الاجتماعي أدوات فعّالة لخلق مساحات آمنة تستطيع النساء خلالها التعبير عن تجاربهن ومخاوفهن، وتشجع المجتمع على مراجعة أنماطه السلوكية، ومنها التربية، العلاقات الأسرية، وطرق التعامل مع الضحايا.

الروح العامة للحملة

انتهت الأمسية بروح تضامنية واضحة رسمها المشاركون من مختلف الفئات، ليؤكدوا أن القضية ليست شأن نساء فقط، بل مسؤولية مجتمع كامل. 

وأعادت الفعاليات التذكير بأن التغيير -مهما تأخر- يبدأ من خطوة صغيرة، عرض مسرحي، نقاش علني، أو تدريب واحد، قد يغيّر وعي فرد ويمتد نحو محيطه.

وتستمر الحملة طوال 16 يوماً بمجموعة من الأنشطة الميدانية والورش، في محاولة لتحويل النقاش إلى فعل، والفعل إلى التزام، والالتزام إلى سياسات تحمي النساء في الجزائر وخارجها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية