إنقاذ اتفاقية باريس من الانهيار.. 5 عقبات عوّقت نجاح مؤتمر الأطراف الثلاثين

إنقاذ اتفاقية باريس من الانهيار.. 5 عقبات عوّقت نجاح مؤتمر الأطراف الثلاثين
كوب 30 في البرازيل

اختتم مؤتمر الأطراف الثلاثين في بيليم بعد أكثر من 24 ساعة من الموعد المحدد، في ظل عاصفة مطرية أمازونية قوية ضربت مركز المؤتمرات، وقد صمدت بنية الأمم المتحدة بالكاد أمام التحديات البيئية والسياسية.

في حين نجحت المحادثات اللحظية في إنقاذ اتفاقية باريس من الانهيار الكامل، رغم فشلها في توفير التمويل الكافي للتكيف مع تغير المناخ أو الحد من الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية.

ويرى التقرير أن هذه النتائج الجزئية ليست سوى انعكاس لخمسة تهديدات رئيسية عوّقت التقدم المناخي في المؤتمر، رصدها تحليل نشرته صحيفة "الغارديان"، تشكل إخفاقات مباشرة لحقوق الإنسان في مواجهة أزمة بيئية حادة تهدد الحق في الحياة، والصحة، والغذاء، والبيئة.

فراغ القيادة العالمية

أوضحت الغارديان أن انسحاب الولايات المتحدة وفشل الصين في تكثيف جهودها خلق فراغًا قياديًا واضحًا في مؤتمر الأطراف الثلاثين، مشيرة إلى أن التعاون بين القوتين العظميين، أكبر مصدر تاريخي وحالي للانبعاثات، كان ممكنًا لتفادي الكثير من العقبات.

ووفقًا للتقرير، هاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علم المناخ والأمم المتحدة، بالمقابل، حضرت الصين للمؤتمر وركزت على دعم البرازيل بوصفها شريكاً في مجموعة بريكس، لكنها لم تسعَ لقيادة التمويل بمفردها.

 ويؤكد هذا التحدي الحقوقي أن غياب القيادة العالمية المباشرة يؤدي إلى تضارب المصالح ويزيد من مخاطر الإخفاق في حماية الحقوق الأساسية، خصوصًا في الدول الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي.

البرازيل والعالم المنقسم

كشف تقرير الغارديان أن الانقسامات الداخلية في البرازيل، بين مصالح الاستخراج والحفاظ على البيئة، انعكست بشكل مباشر على المؤتمر، فقد حاولت وزيرة البيئة مارينا سيلفا الدفع نحو خارطة طريق تبتعد عن الوقود الأحفوري وإزالة الغابات، في حين عارضت وزارة الخارجية مشاريع صديقة للبيئة لصالح الترويج للأعمال الزراعية وصادرات النفط، وفق المراقبين من آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية.

ويشير التقرير إلى أن غابات الأمازون المطيرة كانت ضحية هذا الانقسام، حيث لم يُذكر موضوع حماية الغابات إلا مرة واحدة بشكل موجز وغامض في نص المفاوضات الرئيسي.

ويعكس هذا الانقسام تهديدًا مباشرًا للحقوق البيئية للسكان الأصليين وللحقوق الأساسية في حياة صحية، ما يجعل التقدم المناخي هشًا ويُعطل أي استراتيجية فعالة لمواجهة التغير المناخي.

صعود اليمين في أوروبا

وثّقت الغارديان أن أوروبا، رغم تاريخها في القيادة المناخية، واجهت انتقادات بسبب فشلها في الوفاء بوعود تمويل المناخ للدول النامية، ما يعكس هشاشة الالتزام بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، كما أثر صعود اليمين المتطرف في بعض الدول الأوروبية على قدرة الاتحاد الأوروبي على وضع خارطة طريق واضحة للانتقال من الوقود الأحفوري.

ويشير التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي اضطر لتأجيل المساهمات المحددة وطنيًا (NDC) للمناخ، ولم يُقرر إلا منتصف المؤتمر أن يجعل الانتقال للطاقة النظيفة أحد "خطوطه الحمراء"، ما زاد الشكوك لدى دول الجنوب حول مصداقية الالتزامات الأوروبية.

ويبرز هذا التحدي الحقوقي خطر تعطيل التمويل الضروري للتكيف مع تغير المناخ وحماية الفئات الأكثر ضعفًا.

التحدي الرابع.. الصراعات

أكدت الغارديان أن الصراعات في غزة وأوكرانيا والسودان وغيرهم استنزفت الموارد المالية وغيّرت أولويات الدول المشاركة، فقد تحولت ميزانيات بعض الدول الأوروبية نحو إعادة التسلح ردًا على تهديدات روسيا، ما أدى إلى تخفيض مساعدات التنمية الخارجية، وأصبح تخصيص الأموال لتمويل المناخ تحديًا كبيرًا.

وأشار التقرير إلى أن نقص التغطية الإعلامية، مع غياب فرق الأخبار الأمريكية الرئيسية عن بيليم، أسهم في تضييق مساحة النقاش العام، ما جعل الجماهير أقل اطلاعًا على سير المفاوضات.

ويشير التحليل الحقوقي إلى أن هذا الوضع يُضعف مساءلة الحكومات ويهدد الحق في المشاركة السياسية والفهم الكامل لأزمات المناخ العالمية.

عملية صنع القرار العالمية

اختتم الغارديان سرد التهديدات الخمس بالإشارة إلى ضعف آليات صنع القرار في الأمم المتحدة، حيث تتطلب عملية الاتفاق بالإجماع وجود حق النقض لكل دولة، وقد عُرِف هذا النظام في زمن الحرب الباردة، لكنه اليوم يُعوق استجابة فعالة للتهديدات المناخية وجودة الحقوق البيئية.

وأوضح التقرير أن الإحباط كان واضحًا بين الدول الجزرية الصغيرة التي أطلقت بقيادة كولومبيا، عملية موازية للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، أول مؤتمر لها في سانتا مارتا، كولومبيا، أبريل المقبل، لاستكمال عملية الأمم المتحدة دون استبدالها.

ويؤكد هذا التحدي الحقوقي أن ضعف الحوكمة العالمية يمكن أن يؤدي إلى استمرار الانتهاكات البيئية وتعطيل الحقوق الأساسية للملايين حول العالم.

وأوضح التقرير أن مؤتمر الأطراف الثلاثين كان اختبارًا حقيقيًا للعالم في معالجة أزمة المناخ، وكشف عن خمسة تهديدات رئيسية: فراغ القيادة العالمية، الانقسامات الداخلية في البرازيل، التقشف الأوروبي وصعود اليمين المتطرف، استنزاف الموارد بسبب الصراعات، وضعف آليات صنع القرار العالمية.

ويشير التحليل الحقوقي إلى أن كل هذه التحديات تمس مباشرة الحقوق الأساسية للبشر، من الحق في الحياة إلى الحق في بيئة صحية ومستقبل آمن، وتجعل حماية اتفاقية باريس ونجاح الجهود الدولية في مواجهة التغير المناخي مسألة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية