"تسونامي بشري".. موجة هجرة متصاعدة من إسرائيل تشعل أزمة داخلية

"تسونامي بشري".. موجة هجرة متصاعدة من إسرائيل تشعل أزمة داخلية
موجة هجرة متصاعدة من إسرائيل

أظهر تقرير جديد صادر عن مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست أن إسرائيل تواجه منذ عام 2020 موجةً غير مسبوقة من الهجرة طويلة الأمد، وسط مؤشرات على فجوة متزايدة بين أعداد المغادرين والعائدين، ما دفع مسؤولين في البرلمان إلى التحذير من خطورة هذه الظاهرة على “تماسك المجتمع الإسرائيلي” وقدرته على مواجهة التحديات القائمة.

وبحسب التقرير، الذي عُرض على لجنة “استيعاب الهجرة” في الكنيست، سجّل عام 2020 مغادرة 34 ألف مواطن مقابل عودة 32,500، بينما ارتفعت الأرقام في 2021 إلى 43,400 مغادراً مقابل 33,600 عائداً، بحسب ما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الأحد.

لكن التحول الأبرز ظهر في عامي 2022 و2023، حيث شهدت إسرائيل اتساعاً كبيراً في ميزان الهجرة الصافية:

2022: غادر 59,400 شخص، وعاد 29,600 فقط.

2023: عام اندلاع حرب 7 أكتوبر، شهد مغادرة 82,800 مقابل عودة 24,200 فقط، مع تسجيل أعلى معدل للهجرة خلال الأشهر الثلاثة التي تلت بداية الحرب.

أما في الأشهر الثمانية الأولى من 2024، فقد غادر نحو 50 ألف شخص مقابل عودة 12,100، في استمرار للاتجاه التصاعدي.

وبذلك يكون إجمالي من غادروا إسرائيل فترة طويلة منذ مطلع 2020 وحتى أغسطس 2024 نحو 269 ألف شخص، مقابل 132 ألفاً عادوا إليها، بفارق سلبي يبلغ 137 ألف شخص.

أكبر نسب النزوح

تصدر سكان تل أبيب قائمة المدن الأكثر هجرة في عام 2024 بنسبة 14% من إجمالي المغادرين، تلتها حيفا (7.7%)، ثم نتانيا (6.9%)، ثم القدس (6.3%).

كما أظهرت الأرقام أن الرجال هاجروا بمعدلات أعلى قليلاً من النساء، فيما شملت الهجرة جميع الفئات العمرية، بينها شريحة واسعة من الشباب بين 30 و49 عاماً، بالإضافة إلى مئات الأطفال.

ووصف رئيس لجنة استيعاب الهجرة في الكنيست، النائب غلعاد كاريف من حزب العمل، الظاهرة بأنها “تسونامي وليس مجرد هجرة”، محذراً من أن الكثير من الإسرائيليين باتوا يفضلون بناء مستقبلهم في الخارج.

وقال كاريف إن هذا الاتجاه المتسارع “يُشكل تهديداً استراتيجياً حقيقياً”، معتبراً أن سياسات الحكومة الحالية، والانقسام الداخلي الذي سبق الحرب، ثم تداعيات الحرب نفسها، كلها عوامل فاقمت شعور فئات واسعة بالإحباط وفقدان الثقة بالمستقبل داخل البلاد.

غياب الرؤية الحكومية 

وفق التقرير، لا تملك الحكومة الإسرائيلية حتى الآن خطة شاملة لمواجهة هذه الظاهرة أو لتحفيز المهاجرين على العودة. 

كما نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الفجوة بين المغادرين والعائدين أصبحت “هجرة صامتة” لا تحظى بنقاش حكومي كافٍ، رغم تأثيرها المباشر على سوق العمل، والاقتصاد، وتركيبة المجتمع.

ويعكس التقرير صورة لواقع ديموغرافي واجتماعي معقد تشهده إسرائيل منذ أربع سنوات، تتزايد فيه معدلات الهجرة وتتعمّق معها الأسئلة حول قدرة الدولة على استعادة الثقة الداخلية، وإعادة بناء شعور بالاستقرار في ظل أزمات أمنية وسياسية واقتصادية متراكمة.

وفي ظل غياب رؤية حكومية واضحة، يتوقع الخبراء استمرار هذا المنحنى التصاعدي، ما لم تُتخذ خطوات جادّة لمعالجة الأسباب العميقة التي تدفع الإسرائيليين إلى مغادرة البلاد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية