وسط انتقادات حقوقية.. الحوثيون ينفذون حملة اعتقالات طالت عشرات المعارضين
وسط انتقادات حقوقية.. الحوثيون ينفذون حملة اعتقالات طالت عشرات المعارضين
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن السلطات الحوثية في اليمن نفذت حملة اعتقالات واسعة طالت عشرات المعارضين السياسيين منذ يوليو 2025، بما في ذلك قادة أحزاب سياسية بارزين، وقد يرقى بعض هذه الاعتقالات إلى حالات اختفاء قسري، وتأتي الحملة الأخيرة في سياق طويل الأمد من القمع المستمر منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء عام 2014، وقد شملت السنوات الأخيرة العشرات من أعضاء المجتمع المدني وموظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، إلى جانب رجال الأعمال وأفراد من صفوف الحوثيين أنفسهم.
اعتقالات جماعية
أفاد تقرير نشرته هيومن رايتس ووتش الخميس بأنه في 28 أكتوبر الماضي اعتُقل على يد ميليشيا الحوثي، ما لا يقل عن 70 شخصًا مرتبطًا بحزب الإصلاح في محافظة ذمار خلال 24 ساعة، ما رفع العدد الإجمالي لأعضاء الحزب المحتجزين إلى أكثر من 200، بحسب بيانات الحزب، والعديد من المعتقلين لم يكونوا مسؤولين في الحزب، بل كانوا موظفين حكوميين ومعلمين وشخصيات اجتماعية محلية، وأفاد أقارب المحتجزين بأنهم لم يُسمح لهم بزيارات عائلية أو بتعيين محامين، كما لم تُوضح لهم التهم الموجهة إلى ذويهم، ما يرقى إلى حالات اختفاء قسري.
لم تقتصر الاعتقالات على حزب الإصلاح، بل شملت أحزابًا أخرى، ففي الثالث من أغسطس، اعتُقل رامي عبد الوهاب من حزب البعث العربي الاشتراكي، وفي 20 أغسطس اعتُقل غازي الأحول، الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام، التابع للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وفي 25 سبتمبر اعتُقل عايض الصيادي، السكرتير الثاني للحزب الاشتراكي اليمني، في محافظة ذمار، وجميع هؤلاء المحتجزين لم يُسمح لهم بالاطلاع على مذكرات التوقيف أو توكيل محامٍ للدفاع عنهم، ما يعكس نمطًا متكررًا من الانتهاكات القانونية.
محاكمة جائرة وإعدام متهمين
في إطار حملة قمع سلطات الحوثي، شهدت صنعاء محاكمة جائرة لعدد من المحتجزين، حيث حُكم على 17 شخصًا بالإعدام من بين 21 متهمًا بالتجسس، في حين اتهم العديد من الآخرين بتهم مماثلة دون تمكينهم من الإجراءات القانونية الواجبة، ويشير تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن إلى أن القضاء الحوثي استُخدم كأداة لقمع المعارضين ومصادرة حرية التعبير، حيث حرِم كثير من المحتجزين من الوصول إلى مذكرات التوقيف والاطلاع على الأدلة القانونية أو الاستعانة بمحامٍ.
وثقت هيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوقية أخرى حالات تعذيب المحتجزين للحصول على اعترافات، وهو ما يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون اليمني الدولي والمحلي. يشمل القانون اليمني حماية المتهمين من التعذيب وضمان تمكينهم من توكيل محامين والاطلاع على التهم والأدلة، لكن الحوثيين استمروا في انتهاك هذه المبادئ، مما يضع آلاف الأشخاص تحت خطر السجن التعسفي والإخفاء القسري.
ردود حقوقية وانتقادات دولية
قالت نيكو جعفرنيا، الباحثة في هيومن رايتس ووتش: "بدلاً من تلبية الاحتياجات الملحة لليمنيين في المناطق التي يسيطرون عليها، يبدو أن الحوثيين يحتجزون أي شخص يعتبرونه تهديدًا لحركتهم، عليهم الإفراج فوريًا عن جميع المحتجزين تعسفًا وتحويل تركيزهم إلى حماية حقوق المواطنين وتلبية احتياجاتهم الأساسية"، وأكدت أن الحوثيين يجب أن يوقفوا كل الممارسات القمعية بحق الصحفيين والمحامين وموظفي الأمم المتحدة وأعضاء المجتمع المدني.
أثر الاعتقالات على المجتمع المدني
تؤثر الاعتقالات الجماعية والإخفاء القسري على المجتمع المدني اليمني بشكل مباشر، حيث يحد القمع من قدرة المنظمات المحلية والدولية على تقديم المساعدات الإنسانية، ويزرع الخوف بين الناشطين والصحفيين، كما يخلق جوًا من عدم الاستقرار السياسي ويعيق أي جهود لإجراء إصلاحات أو تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في 2014، اعتمدت الجماعة على آليات قمع متعددة ضد المعارضين السياسيين، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والاختفاء القسري، والمحاكمات الجائرة، والتعذيب للحصول على اعترافات، وأكدت تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية أن النظام القضائي الحوثي يُستخدم أداة لقمع المعارضة وليس لحماية الحقوق القانونية، ويشير القانون اليمني إلى أن أي اعتقال دون أمر قضائي أو توجيه تهم واضحة، وعدم تمكين المتهم من محامٍ أو الاطلاع على الأدلة، يشكل انتهاكًا صريحًا للمادة 132 و181 من قانون الإجراءات الجزائية، فضلاً عن انتهاك حقوق الإنسان وفق المعايير الدولية، وتستمر هذه الممارسات في تهديد حرية التعبير والسياسة والمجتمع المدني، ما يجعل آلاف اليمنيين عرضة لانتهاكات يومية في مناطق سيطرة الحوثيين، ويزيد من صعوبة تقديم المساعدات الإنسانية الضرورية للسكان المتضررين من الصراع المستمر.











