محكمة إيرانية تقضي بالسجن 23 عاماً لوالد شاب قُتل في احتجاجات 2022

محكمة إيرانية تقضي بالسجن 23 عاماً لوالد شاب قُتل في احتجاجات 2022
المواطن فيض الله آذرنوش ونجله

أفادت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم الأحد، بصدور حكمٍ قضائي بالسجن بحق المواطن فيض الله آذرنوش، والد أحد الشبان الذين قُتلوا أثناء احتجاجات 2022 التي اندلعت بشعار «المرأة، الحياة، الحرية»، وذلك بقرار صادر عن الدائرة 102 التابعة للمحكمة الجزائية الثانية في محافظة كهكيلويه وبوير أحمد، في خطوة أثارت موجة واسعة من الغضب داخل الأوساط الحقوقية.

وبلغ الحكم الصادر 23 عامًا من الحبس التعزيري، إلا أنه وفي حال تأييده من محكمة الاستئناف، سيُطبق عليه فعليًا أقصى حكم من الأحكام المجمّعة، وهو السجن لمدة عشر سنوات، وفق القوانين المعمول بها في إجراءات التنفيذ داخل إيران.

وُجهت إلى فيض الله آذرنوش سلسلة اتهامات ذات طابع سياسي صريح، شملت «التجمع والتواطؤ ضد أمن الدولة»، و«الدعاية ضد النظام»، و«تشكيل أو الانتماء إلى جماعة معارضة»، وهي تهم تُستخدم على نطاق واسع لقمع النشطاء وأسر الضحايا وكل من يُشتبه بتعاطفه مع الاحتجاجات الشعبية.

وفسّرت منظمات حقوق الإنسان هذه التهم باعتبارها محاولة لإسكات صوت أبٍ حزين لم يفعل سوى المطالبة بحق ابنه في العدالة، مؤكدةً أن مثل هذه المحاكمات تفتقر إلى الشفافية والمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

استدعاءات واعتقالات متكررة

خضع آذرنوش، يوم 9 نوفمبر الجاري، للاستدعاء من قبل استخبارات الحرس الثوري في مدينة ياسوج، حيث تم إخضاعه لساعات طويلة من التحقيق وسط ضغوط نفسية شديدة، وفق ما نقلته مصادر محلية.

سبقت هذه الاستدعاءات عملية اعتقال مماثلة في أواخر يونيو الماضي، حين أُوقف ونُقل إلى السجن المركزي في ياسوج قبل الإفراج عنه مؤقتًا، في دلالة واضحة على استمرار الملاحقة الأمنية بحقه منذ لحظة مقتل نجله.

وقُتل بدرام آذرنوش البالغ من العمر 18 عامًا، يوم 22 سبتمبر 2022، أثناء مشاركته في الاحتجاجات الشعبية بمدينة دهدشت، بعد أن أُطلق عليه النار بشكل مباشر من قبل عناصر أمنية تابعة للنظام.

ولم يُفتح أي تحقيق مستقل في مقتله حتى اليوم، ولم تُحاسب أي جهة أمنية على استخدام القوة المميتة ضد متظاهر أعزل، ما كرّس شعورًا واسعًا بالإفلات من العقاب داخل المجتمع الإيراني.

مدينة لا تزال تهتف 

ظلت مدينة دهدشت بؤرة ملتهبة للاحتجاجات الشعبية حتى بعد عامين من مقتل بدرام، حيث شهدت نهاية فبراير (شباط) الماضي موجات جديدة من التظاهر الليلي في الساحات والطرق الرئيسية.

ردّد المتظاهرون شعارات حادة مناهضة للنظام، أبرزها، «الموت للديكتاتور»، و«هذا العام عام الدم»، و«الموت للنظام الإيراني»، في تأكيد أن القمع لم ينجح في إسكات الغضب الشعبي المتراكم.

وأطلقت السلطات الإيرانية، منذ احتجاجات عام 2022، حملةً منهجية استهدفت أسر القتلى والمعتقلين، عبر الاستدعاءات المتكررة والملاحقات القضائية والاعتقال التعسفي، في محاولة لمنعهم من تنظيم أي نشاط تذكاري أو المطالبة بحقوق أبنائهم.

تصاعدت هذه الضغوط بشكل ملاحظ عقب ما يُعرف بـ«حرب الـ12 يومًا» بين إيران وإسرائيل، حيث استُخدمت أجواء الحرب ذريعة لتوسيع نطاق القمع الداخلي وإعادة اعتقال عدد كبير من الناشطين وأقارب الضحايا.

تحذير دولي متصاعد

حذّرت عشرات المؤسسات الحقوقية والناشطين المدنيين، في رسالة رسمية موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومقرري حقوق الإنسان، من أن النظام الإيراني يستغل الأحداث الإقليمية لتعميق انتهاكاته الداخلية على نحوٍ غير مسبوق.

طالبت الرسالة المجتمع الدولي باتخاذ موقف واضح لحماية المدنيين والأُسر المفجوعة، ووقف سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها السلطات ضد من يطالبون بالعدالة.

وكشفت منظمة «هرانا» الحقوقية أن الفترة الممتدة من بداية حرب الـ12 يومًا وحتى الأسابيع التي تلتها شهدت اعتقال ما لا يقل عن 823 مواطنًا إيرانيًا بتهم سياسية وأمنية.

وأوضحت المنظمة أن 286 معتقلًا على الأقل جرى توقيفهم بسبب نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن نشروا محتوى متعلقًا بالحرب أو انتقدوا السياسات الرسمية، في تأكيد جديد لتصاعد الرقابة الرقمية وتوسّع هامش يجرّم الرأي والتعبير.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية