حملة عالمية.. لبنان يطلق الشرارة الأولى للتضامن مع الأسرى في سجون إسرائيل

حملة عالمية.. لبنان يطلق الشرارة الأولى للتضامن مع الأسرى في سجون إسرائيل
من فعاليات الحملة اللبنانية للتضامن مع الأسرى

شهدت مدينة بيروت ومدن عدة حول العالم سلسلة فعاليات تضامنية مع الأسرى والمعتقلين اللبنانيين في سجون إسرائيل، في مشهد يعيد قضية الأسرى إلى واجهة الاهتمام الدولي، وشملت الفعاليات التي نظمتها شبكة “صامدون” وحلفاؤها، وضع ملصقات تعريفية بصور الأسرى ورسائل لدعم صمودهم في شوارع العاصمة اليونانية أثينا، ومدن تولوز الفرنسية وشارلروا البلجيكية، إلى جانب مشاركات أخرى في عدة مدن أوروبية وأمريكية جنوبية.

وأكدت، المنسقة الدولية لشبكة صامدون شارلوت كيتس، بحسب ما أوردته “وكالة أنباء صفا”، اليوم الاثنين، أن الحملة الشعبية الدولية ستنطلق رسمياً من لبنان في العاشر من ديسمبر الجاري، بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وترى كيتس أن إطلاق الحملة من لبنان يحمل رمزية خاصة بالنظر إلى تاريخ هذا البلد مع الانتهاكات الإسرائيلية وتجارب الأسرى اللبنانيين الطويلة.

ودعت كيتس إلى تشكيل أوسع حركة تضامن ممكنة مع الأسرى اللبنانيين، مشددة على أن دور المجتمع المدني حول العالم هو رفع الصوت وكشف الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى وتسليط الضوء على معاناتهم أمام الرأي العام العالمي، كما شددت على أن التحرير الحقيقي للأسرى يبقى مرهوناً بالمقاومة المسلحة وفق وصفها، لكن الحملات الشعبية تشكل سنداً معنوياً وسياسياً لملفهم.

حراك دولي واسع

وتواصل شبكة صامدون منذ أسابيع تنظيم فعاليات متعددة نصرة لقضايا الأسرى، فقد شهدت مدن مدريد وساو باولو وبروكسل سلسلة نشاطات أبرزت الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون واللبنانيون والعرب داخل السجون الإسرائيلية، من تعذيب وعزل وانتهاك للحقوق الأساسية، وتحرص الشبكة على إشراك الأسرى المحررين في تلك الفعاليات لنقل شهاداتهم المباشرة عن ظروف الاعتقال، بهدف بناء سردية توثيقية قادرة على الوصول إلى الرأي العام الغربي حيث تسعى الشبكة إلى مواجهة الرواية الإسرائيلية.

ما يميّز هذه الحركة التضامنية أنها لا تقتصر على تجمعات أو وقفات احتجاجية، بل تعتمد أدوات أكثر تأثيراً مثل الانتشار البصري للملصقات في الشوارع العامة والميادين الرئيسية، لتذكير المارة يومياً بوجود مئات الأسرى الذين يواجهون ظروفاً صعبة خلف القضبان، كما تعكس هذه الفعاليات سعياً لبناء شبكة دولية تمتد من الشرق الأوسط إلى أوروبا وأمريكا الجنوبية بهدف تكوين رأي عام عالمي يشكل ضغطاً إضافياً على سلطات إسرائيل التي تستمر في احتجاز الأسرى وسط انتقادات متزايدة من منظمات حقوقية.

أهمية التوقيت

إطلاق الحملة من لبنان في اليوم العالمي لحقوق الإنسان يأتي في لحظة إقليمية شديدة التوتر، ما يمنح قضية الأسرى مساحة حضور كبرى في النقاشات العامة، فمع تصاعد التوتر العسكري بين لبنان وإسرائيل في الأشهر الأخيرة، يستعيد ملف الأسرى أهميته المركزية بالنسبة للشارع اللبناني الذي يعد هذا الملف جزءاً من ذاكرة الصراع وجوهر المعاناة الإنسانية الناتجة عنه، وفي الوقت ذاته، يعمل تزامن الحملة مع فعاليات حقوق الإنسان الدولية على تقديم قصة الأسرى من زاوية قانونية وأخلاقية، خاصة مع تكرار تقارير المنظمات الدولية حول سياسة الاعتقال الإداري والتعذيب وحرمان المعتقلين من الزيارات والرعاية الصحية.

وتحسباً لانطلاق الحملة، يظهر حراك متزايد لعائلات الأسرى في لبنان الذين يعدون هذه الأنشطة مساحة ضرورية لسرد قصص أبنائهم وتثبيت حقوقهم في الذاكرة العامة، وكثير من العائلات ترى في حملات صامدون فرصة لإيصال صوتها إلى العالم في ظل الصمت الرسمي الدولي، معتبرة أن التضامن الشعبي العالمي قادر على استعادة بعض الأمل في ملف يعيش حالة جمود منذ سنوات.

بين الرمزية والضغط السياسي

ورغم أن الحملات الشعبية لا تغير معادلات القوة مباشرة، فإنها تخلق مستوى من الوعي الدولي حول قضايا الأسرى يمكن أن يتحول إلى ضغط حقوقي وسياسي على السلطات الإسرائيلية كما أنها تمنح الأسرى أنفسهم شعوراً بأن قضيتهم حاضرة وغير منسية رغم قسوة ظروف الاعتقال، ويؤكد الناشطون في صامدون أن الهدف الأساسي للحملة هو خلق حالة تفاعلية متواصلة، لا تقتصر على مناسبات زمنية محددة، بل تتجدد باستمرار عبر أنشطة ميدانية ونشر معلومات توثيقية وتفعيل دور الجاليات العربية والفلسطينية في الخارج.

تُعد قضية الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية من أبرز ملفات الصراع الممتدة مع إسرائيل، ويتعرض الأسرى وفق تقارير حقوقية دولية لسلسلة واسعة من الانتهاكات تشمل الاعتقال الإداري المفتوح دون محاكمة، والتعذيب الجسدي والنفسي، والعزل الانفرادي لفترات طويلة، وحرمان الأسرة من الزيارات، وسوء الرعاية الصحية، كما تشير منظمات دولية إلى أن إسرائيل تستخدم سياسة الاعتقال أداة ضغط سياسية، خاصة في ظل غياب أي مسار تفاوضي فعال، وتبرز الشبكات الحقوقية حول العالم بوصفها جهات أساسية في كشف هذه الممارسات عبر حملات إعلامية وتوثيقية لإبقاء قضية الأسرى حاضرة في الساحات الدولية، مع تأكيد حقهم في الحرية والكرامة الإنسانية.

ويواجه ملف الأسرى والمعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية تعتيماً مستمراً رغم ما يمثله من بعد إنساني ووطني. وتوثق جهات حقوقية لبنانية ودولية استمرار احتجاز عدد من اللبنانيين داخل السجون الإسرائيلية، سواء من خلال اعتقالات تمت خلال فترات المواجهة أو نتيجة عمليات الخطف التي نفذتها القوات الإسرائيلية في مراحل سابقة، ويعد الأسير يحيى سكاف أحد أبرز الحالات الرمزية التي بقي مصيرها غامضاً منذ احتجازه عام 1978 إلى جانب معتقلين آخرين تعرضوا لمحاكمات غير عادلة واحتجاز طويل في ظروف قاسية، ويؤكد ناشطون حقوقيون أن هذا الملف لا يزال مفتوحاً ويمثل أحد العناوين المركزية في مطالب العائلات التي تواصل الدعوة لكشف مصير أبنائها وضمان الإفراج عن كل من بقي داخل المعتقلات الإسرائيلية.

يذكر أن اليوم العالمي لحقوق الإنسان يوافق العاشر من ديسمبر من كل عام، وهو مناسبة دولية تستحضر فيها الشعوب والمنظمات أهمية صون الكرامة الإنسانية وحماية الحريات الأساسية، ونشأ هذا اليوم بعد تبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 باعتباره وثيقة مرجعية تؤكد حق كل فرد في الحياة والحرية والأمن والعدالة، ويشكّل اليوم العالمي لحقوق الإنسان فرصة لتجديد الالتزام العالمي بمناهضة الانتهاكات أياً كان مرتكبها، وتسليط الضوء على الفئات الضعيفة والمتضررة من النزاعات والاحتلال والتمييز، إضافة إلى دعوة الحكومات والمؤسسات الحقوقية إلى تعزيز آليات المساءلة وضمان وصول الحقوق إلى كل إنسان دون استثناء.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية