يابانيون يقاضون دولتهم بتهمة التقاعس في مواجهة التغير المناخي
يابانيون يقاضون دولتهم بتهمة التقاعس في مواجهة التغير المناخي
تقدّم مئات المواطنين في اليابان، اليوم الخميس، بدعوى قضائية جماعية ضد الحكومة، متهمين إياها بالتقاعس “المخالف للدستور” في مواجهة التغير المناخي، في خطوة وُصفت بأنها الأولى من نوعها في البلاد من حيث تحميل الدولة مسؤولية مباشرة عن الأضرار المناخية.
وأعلن كبير محامي المجموعة، أكيهيرو شيما، في تصريحات لوكالة فرانس برس، أن المحكمة قبلت رسمياً الالتماس وعناصر الأدلة المقدمة، ما يمهّد لبدء مسار قضائي غير مسبوق في السياق الياباني.
وينتقد أصحاب الدعوى، ويبلغ عددهم نحو 450 شخصاً، ما وصفوه بالجهود “غير الكافية بتاتاً” التي تبذلها الحكومة اليابانية للتصدي لأزمة المناخ، معتبرين أن هذا التقاعس يعرّض صحتهم وسبل عيشهم لمخاطر مباشرة.
ويشير المدّعون إلى تزايد موجات الحر الشديدة، وتراجع الإنتاج الزراعي، وارتفاع الخسائر الاقتصادية، بوصفها نتائج ملموسة لغياب سياسات أكثر صرامة وفعالية في خفض الانبعاثات.
دعاوى مناخية سابقة
تختلف هذه القضية عن دعاوى مناخية سابقة شهدتها اليابان، إذ توضّح الأستاذة المحاضرة في جامعة طوكيو والمتخصصة في النزاعات المناخية، ماساكو إيشيهارا، أن خمس دعاوى سابقة رُفعت أمام المحاكم اليابانية كانت تستهدف محطات فحم أو شركات بعينها، لا الدولة نفسها.
وتؤكد أن هذه الدعوى هي الأولى التي يُطالب فيها بتعويضات مالية من الحكومة على خلفية تقاعسها المناخي، حتى وإن كانت قيمة التعويض رمزية.
ويطالب أصحاب الشكوى بتعويض قدره ألف ين ياباني (نحو 5.5 يورو) لكل مشتكٍ، وهي قيمة شدّد محاموهم على أنها ليست الهدف الحقيقي، بل وسيلة لتسليط الضوء على مسؤولية الدولة الدستورية في حماية المواطنين من أخطار التغير المناخي، وإجبار الحكومة على الاعتراف بتقصيرها.
معطيات مناخية حديثة
يستند المدّعون في دعواهم إلى معطيات مناخية حديثة، أبرزها تسجيل اليابان هذا العام أشد صيف حرارة منذ بدء السجلات المناخية عام 1898، ويربطون بين هذه الظواهر المتطرفة وبين تهديدات مباشرة للصحة العامة، خاصة بين كبار السن، إضافة إلى تأثيرات خطِرة في الأمن الغذائي والاقتصاد المحلي.
ورفض الأمين العام للحكومة اليابانية، مينورو كيهارا، التعليق مباشرة على القضية خلال مؤتمر صحافي، مكتفياً بالتذكير بأن اليابان صادقت على أهداف “طموحة” لخفض الانبعاثات، تتماشى مع اتفاق باريس للمناخ.
وتلتزم طوكيو، وفق الخطط الرسمية، بتخفيض الانبعاثات بنسبة 60% بحلول عام 2035 مقارنة بمستويات 2013، وبنسبة 73% بحلول عام 2040.
سياق عالمي متصاعد
تأتي هذه الدعوى في سياق عالمي متصاعد للجوء إلى القضاء في قضايا المناخ، إذ شهدت دول أخرى أحكاماً لافتة، بينها قرار لمحكمة في كوريا الجنوبية العام الماضي اعتبرت فيه أن جزءاً من الأهداف المناخية يتعارض مع الدستور، وحكم مماثل صدر في ألمانيا عام 2021.
ورغم أن خبراء قانونيين يرون أن فرص فوز الدعوى في اليابان محدودة، فإن كثيرين يعدونها خطوة مفصلية في رفع الوعي العام، وفتح نقاش قانوني وسياسي أوسع حول مسؤولية الدولة في عصر التغير المناخي.











