اعتداء "وحشي" على سيدات يؤكد استمرار مسلسل العنف ضد النساء في الصين
اعتداء "وحشي" على سيدات يؤكد استمرار مسلسل العنف ضد النساء في الصين
ذكرت صحيفة ديلي ميل البريطانية أن السلطات الصينية اعتقلت 8 أشخاص في شمال شرق مدينة تانغشان، بعد أن تعرضت مجموعة من 3 نساء لهجوم أثناء تناولهن الطعام في مطعم.
العنف والتسلط ضد المرأة أمر ليس بجديد في المجتمع الصيني، فقد كان متوارثًا، تستطيع الاستدلال عليه من الأمثال الشعبية التي تتناول مكانة المرأة ضمنه، كالقول الكونفوشي: "أن تكون المرأة عديمة الموهبة، فتلك فضيلة"، أو كحقيقة أن بعضهن كبرن دون أن يتمكنَّ من الخروج من بيوتهن على الإطلاق إلا صوب بيوت أزواجهن أو القبر، أو حقيقة أنه في بعض القرى النائية، كان يتم اقتسام الزوجة الواحدة بين عدد من الرجال، أو أن المرأة كانت تمنع من التملك وحقها في الإرث.
وجاءت حقبة ماو تسي تتويجًا لثقافة لها جذورها الضاربة في ازدراء المرأة وقمعها، صودر حق النساء في الحب، والتزين، أو العزف على آلات موسيقية، أو ارتداء ثياب أنيقة.
ونشر اتحاد المرأة الصينية مؤخرًا، من التقرير الاستقصائي عن المكانة الاجتماعية للمرأة الصينية، أن حالات العنف الأسري لا تزال متواجدة، حيث تظهر البيانات تعرض 24.7% من النساء الصينيات إلى مختلف أنواع العنف من أزواجهن مثل الإهانة والشتم، والضرب، والتقييد من الحرية، والتحكم الاقتصادي، وحياة الإكراه الجنسية، من بينهن 5.5% عبرن عن تعرضهن للعنف المادي، وتقدر هذه النسبة في الأرياف والمدن تباعا بـ7.8% و3.1.
وأظهر الاستطلاع انخفاض نسبة النساء اللاتي يقمن بإبلاغ الشرطة عند تعرضهن للعنف، حيث تقدر نسبة الإبلاغ في حالات العنف المادي والعنف الجنسي بـ7.6% و4%، أما لحالات التعرض للتحرش الجنسي، فهناك أقل من 3% منهن يخترن إبلاغ الشرطة لطلب المساعدات.
وفي 2020، حاولت إحدى المدن الصينية اتباع طريقة جديدة للحد من العنف المنزلي، في ييوو، يمكن لأي شخص يرغب في الزواج أن يتحقق مما إذا كان الزوج قد اعتقل بالفعل لارتكابه أعمال عنف، يأتي القرار في الوقت الذي شهدت فيه البلاد تصاعدًا في العنف المنزلي أثناء الحجر حينذاك.
ماذا حدث؟
تظهر اللقطات التي تم تداولها على منصة Weibo الصينية الشبيهة بموقع "تويتر"، رجلاً يصعد إلى طاولة مطعم ويضع يده على جسد المرأة أثناء العمل، لكن المرأة تدفعه بعيدًا قبل أن يضربها، لكنه يقاوم بإلقاء زجاجة ماء على رأسه.
صديقاه اللذان كانا برفقتها على الطاولة لم يبقيا مكتوفي الأيدي، فقام أحدهما بضرب المعتدي بالزجاجات، وبعد ذلك تدخل عدد من أصدقائه الذين كانوا معه وضربوا السيدة الثانية، وسُحبت السيدة الأولى على الأرض بالقرب من المطعم، حيث تعرضت للركل بشدة وتحطمت الأطباق على جسدها.
وقُذف بإحدى صديقات المرأة بالقرب من المطعم بقوة على الأرض بعد أن حاولت وقف الهجوم على المرأة.
ورغم بعض المحاولات الخجولة لوقف الهجوم، استمر المهاجم الأول في المطعم بضرب المرأة التي كان يحاول التحرش بها بركلها في وجهها، واستمر ذلك قرابة 3 دقائق فر بعدها المهاجمون على طريق ريفي قبل أن يطارد الضحايا بعدهم.
وأفادت الشرطة المحلية بأن امرأتين أصيبتا بجروح لا تشكل خطورة على حياتهما وتجريان العلاج في المستشفى.
وقال مكتب الأمن العام المحلي في منشور على موقع "ويبو" إن الشرطة ألقت القبض على 9 مشتبه بهم في القضية حتى ظهر اليوم، ولا يزال التحقيق جاريا.
جاءت مناقشة الهجوم على الصينيين على أهم 6 مواضيع مثيرة للجدل على موقع Weibo.
وجاء في تعليق نُشر على موقع إلكتروني لأخبار المرأة الصينية على مستوى الصين: "لا ينبغي التسامح مع مثل هذه الحالات القاسية للانتهاكات الجسيمة لحقوق المرأة ومصالحها".
وفي فبراير الماضي، تسبب ظهور امرأة من مقاطعة فنغ في المقاطعة الشرقية للصين مقيدة من رقبتها، في مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، في موجة غضب جماهيرية كبيرة في الصين.
تدابير لمعالجة العنف ضد النساء
دعا نائب ممثل الصين الدائم لدى الأمم المتحدة داي بينج إلى اتخاذ تدابير شاملة لمعالجة العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات.
جاء ذلك خلال مناقشة مفتوحة اليوم الخميس، لمجلس الأمن الدولي بشأن العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات، وفقا لوكالة الأنباء الصينية "شينخوا".
وأكد بينج إدانة الصين الشديدة لجميع أشكال العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، داعيا المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير شاملة لمعالجة هذه المشكلة.
وأشار إلى أن الحماية الأساسية لهن تكمن في منع النزاعات وتسويتها، من أجل القضاء على التربة الخصبة للعنف الجنسي، موضحا أن عمليات الخطف والاتجار بالبشر التي تمارسها الجماعات الإرهابية بهدف العنف الجنسي والاستغلال الجنسي أصبحت متفشية بشكل متزايد في السنوات الأخيرة.
ودعا بينج المجتمع الدولي إلى ضرورة دمج القضاء على العنف الجنسي في النزاعات مع مكافحة الإرهاب بشكل وثيق، من خلال الالتزام بمعايير موحدة ومكافحة جميع القوى الإرهابية والمتطرفة بشكل مشترك، مشيرا إلى أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي يظهر أن العنف الجنسي لا يزال يُستخدم كوسيلة من وسائل الحرب والإرهاب، ما يتسبب في معاناة شديدة للفئات الضعيفة مثل النساء والفتيات.
أغنية صينية عن العنف المنزلي
في تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، قالت الكاتبة هيلين ديفيدسون إنه على مدار الأشهر الستة الماضية، أطلقت تان، إحدى أشهر المطربات في الصين، أغاني فردية من ألبومها الجديد تحت عنوان "3811"، الذي روت من خلاله قصصا واقعية لنساء صينيات، من أم تقود سيارة أجرة إلى امرأة تبلغ من العمر 60 عاما لا تجيد القراءة، لكن الأغنية، التي كان لها صدى واسع هي التي أطلقتها مؤخرا لتسلط الضوء على العنف المسلط ضد النساء في الصي، وفقا لمجلة "سيكث تون"(sixth tone) الصينية، فإن عنوان هذه الأغنية "زياو جوان" يعني بالصينية "اسم مستعار"، وهي عبارة تعتمدها أحيانا الشرطة للإشارة إلى ضحايا العنف المنزلي.
وتقول كلمات الأغنية: "امسحوا أسماءنا، انسوا وجودنا، المأساة نفسها تستمر وتتكرر، تستخدم قبضتيك، البنزين، حمض الكبريت، ضعونا في البالوعة من سرير الزفاف إلى قاع النهر، أو احشر جسدي في حقيبة، أو ضعه في الثلاجة على شرفتك".