يهدد الفئات الأكثر هشاشة.. تراجع حاد في الإنفاق على المساعدات البريطانية الخارجية

يهدد الفئات الأكثر هشاشة.. تراجع حاد في الإنفاق على المساعدات البريطانية الخارجية
المساعدات البريطانية الخارجية

من المتوقع أن يشهد الإنفاق البريطاني على المساعدات الخارجية انخفاضًا كبيرًا ليصل إلى أدنى مستوى له منذ بداية القرن الحالي، مع بدء تأثير هذه التخفيضات على المنظمات غير الحكومية والجمعيات الخيرية في العام المالي 2026-2027. 

وفقا لما ذكرته صحيفة "الفايننشال تايمز" السبت، كانت حكومة السير كير ستارمر قد أعلنت في فبراير أن نسبة الإنفاق على المساعدات ستُخفض من 0.5% من الدخل القومي الإجمالي إلى 0.3% بحلول عام 2027، بهدف تمويل زيادة الإنفاق الدفاعي لمواجهة التهديدات الروسية.

تم تحديد التخفيضات الإجمالية بـ6.5 مليار جنيه إسترليني، منها 500 مليون جنيه فقط للعام المالي 2025-2026، قبل أن تتسارع التخفيضات لتصل إلى 4.8 مليار جنيه إسترليني في العام المالي 2026-2027. وتشير التقديرات إلى أن الأثر الأكبر لهذه التخفيضات سيظهر في النصف الثاني من عام 2026، خصوصًا على البرامج الإنسانية والتنموية التي تعتمد على التمويل البريطاني في مناطق النزاع والفقر حول العالم.

آراء النواب والمسؤولين

قالت سارة تشامبيون، رئيسة لجنة التنمية الدولية في البرلمان: "ستتضح في العام الجديد الحقيقة المُرّة لخفض 40% من ميزانية المساعدات الخارجية المخصصة لأفقر شعوب العالم، ولحماية المملكة المتحدة من التهديدات الصحية والأمنية العالمية"، وأشارت إلى أن التخفيضات ستؤثر بشكل كبير على وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية، بعد إعادة هيكلة تقودها وكيلة الوزارة الدائم أولي روبنز، مع توقعات بخفض عدد الموظفين بنسبة تصل إلى 25% خلال السنوات القادمة، لا سيما في الأقسام المسؤولة عن المساعدات الخارجية.

أدنى مستوى منذ عام 1999

بحلول عامي 2027-2028، ستنخفض نسبة الإنفاق على المساعدات من إجمالي الدخل القومي إلى 0.3%، وهو أدنى مستوى منذ عام 1999، ومن المتوقع أن يكون المبلغ الموجه للخارج أقل بسبب تحويل جزء من الأموال لتمويل رعاية طالبي اللجوء داخل المملكة المتحدة، ما يقلص بشكل كبير الموارد المتاحة للمشاريع التنموية والإنسانية خارج البلاد.

حذرت منظمة بوند الممثلة للمنظمات البريطانية العاملة في مجال التنمية الدولية، من الأثر المدمر لهذه التخفيضات، مشيرة إلى أن برامج عديدة، من المراكز الصحية في الصومال إلى المشاريع التعليمية في سوريا، أُجبرت على الإغلاق، وقال جدعون رابينوفيتز، مدير السياسات والمناصرة في المنظمة: "لم تتضح بعد أسوأ العواقب، كما أن عملية اتخاذ القرارات بشأن التخفيضات تفتقر للشفافية، ما يهدد التزامات المملكة المتحدة العالمية".

وجهة نظر الحكومة البريطانية

من جانبها، أوضحت البارونة جيني تشابمان، وزيرة التنمية البريطانية، أن المساعدات الخارجية ليست "صدقة"، مشددة على أهمية تحقيق "القيمة مقابل المال" لدافعي الضرائب، وأوضحت أن هدف الحكومة إعادة صياغة دور المملكة المتحدة من مانح تقليدي إلى "مستثمر" في شراكات التنمية، مع تركيز على دعم الصحة العالمية والمساعدات الإنسانية والمناخ والطبيعة.

تأثير التخفيضات على الصحة والمجتمع

تشير البيانات إلى أن وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية، التي تمول مشاريع لمواجهة الأوبئة ومكافحة الأمراض الفتاكة في الخارج، ستفقد نحو ثلثي مخصصاتها خلال العامين المقبلين، من 331 مليون جنيه إسترليني إلى 123 مليون جنيه إسترليني.

ويخشى الخبراء أن يؤدي هذا الانخفاض إلى تراجع كبير في قدرة المملكة المتحدة على المساهمة في برامج إنقاذ الحياة ومكافحة الأمراض في الدول الفقيرة والمناطق المتضررة من النزاعات.

تتجه المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى إعادة النظر في برامجها، إذ يُجبر بعضها على إغلاق مشاريع استراتيجية تعتمد على التمويل البريطاني، بما في ذلك برامج التغذية والتعليم والمياه النظيفة والصحة المجتمعية، وقد يؤثر هذا الانخفاض على ملايين المستفيدين، خصوصًا النساء والأطفال الذين يعتمدون على هذه البرامج بشكل يومي.

تداعيات على الساحة الدولية

يخشى ناشطون من أن يؤدي خفض ميزانية المساعدات إلى تراجع النفوذ البريطاني على الساحة الدولية، إذ قد تصبح المساعدات المقدمة غير كافية لإحداث أثر ملموس أو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتشير التقديرات إلى أن هذا القرار سيحد من قدرة المملكة المتحدة على التعامل مع الأزمات الإنسانية حول العالم ومواجهة المخاطر الصحية والأمنية التي تتطلب تدخلات عاجلة.

تعد المملكة المتحدة من أكبر المانحين الدوليين للمساعدات الخارجية منذ عقود، حيث أسهمت في تمويل مشاريع الصحة والتعليم والبنية التحتية والتنمية الاقتصادية في عدد من الدول الفقيرة والمناطق المتضررة من النزاعات، وتشمل برامجها دعم برامج التغذية والتعليم والمياه النظيفة والصحة العامة، إضافة إلى مواجهة الأوبئة والأمراض الفتاكة في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، ومنذ فبراير الماضي، أعلنت الحكومة تخفيض نسبة الإنفاق على المساعدات الخارجية من 0.5% إلى 0.3% من الدخل القومي بحلول 2027، في خطوة تهدف إلى زيادة الإنفاق الدفاعي لمواجهة التهديدات العالمية، ويثير هذا القرار مخاوف واسعة لدى المنظمات غير الحكومية والناشطين الحقوقيين حول فقدان المملكة المتحدة لدورها التاريخي كفاعل مؤثر في التنمية الدولية، وقدرتها على الاستجابة للأزمات الإنسانية، في وقت يحتاج فيه العالم إلى دعم دولي متزايد لمواجهة التحديات الاقتصادية والصحية والبيئية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية